ترجمة عدنان المبارك

في الأزمان التي إستنفر فيها الفنان جميع معايبه كي يخلق عملا يقوم بسترها لم تخطر أبدا بباله فكرة الكشف العلني لحياته الخاصة. ويصعب تصور دانتي أو شكسبير وهما يسجلان أصغر أحداث وجودهما من أجل أن يكشفاها للآخرين. ومحتمل هنا سعي كل منهما الى تقديم صورة زائفة لنفسه. كانا يملكان مثل هذا القدر من حياء القوة التي لا ُتعطى للمختلس المعاصر. اليوميات الخصوصية تشهد على الضلال نفسه: أيّ نفع سيكون من تقديم حياة أحدهم؟ وأيّ إهتمام قد تثيره الكتب التي يكون منطلَقها كتبا أخرى، عقولا مستندة على عقول أخرى؟ كان لدي الإنطباع بالأصالة، رعشة الوجود عند الإتصال بالإنسان الأميّ فقط: رعاة جبال الكاربات أحدثوا فيّ إنطباعا أكبر بكثير من الأساتذة الألمان أو المراوغين الباريسيين. في أسبانيا رأيتُ متشردين رغبت أن أكتب سيرهم كقديسين. لم تكن لديهم أيّ حاجة الى أن يخترعوا لأنفسهم حيوات: كان لهم الحضور وهو الأمر الذي لايحصل للناس المتمدينين. وبكل تأكيد نحن لانفقه أبدا لماذا لم يتمترس أسلافنا في كهوفهم.
إن كل واحد، وأيّ كان، يمنح نفسه أهمية ما، وهكذا يمكن لكل واحد أن يقوم بوصف أهميته. وكان على الإيمان بأن علم النفس يكشف عن جوهرنا، أن يربطنا بأفعالنا، بأفكارنا وكونها تملك قيمة ما - رمزية أو قائمة بحد ذاتها. وبعدها جاء عصر بدعةِ rdquo; العقد complexes bdquo; تلك التي تعلمنا كيف ننفخ أمورا صغيرة لا تعني أي شيء، وإضفاء البريق عليها ومنح أنواتنا خصالا وعمقا تفتقدها بكل وضوح. غير أن التلقي الخاص لعدمنا هو ما يهزّ أنواتنا لكن جزئيا. إننا نشعر بأن الروائي الذي يأخذ بتشريح حياته يتظاهر فقط بأنه يؤمن بذلك، ونحن نشعر بأنه لا يظهر ولو ذرة من الإحترام للأسرارالتي كشفها أمامنا: على الأقل لايسمح بأن ينساق الى الوهم، أما نحن، قراؤه، فالى درجة أقل. ولأن شخوصه تعود الى مرتبة للبشر ثانوية، وقحة متخلفة عقليا ومشكوك فيها بسبب مهارتها الفائقة ومناوراتها. ليس ممكنا تصورالملك لير مراوغا... والبعد السوقي والوصولي للرواية أبقى على ملامحها: إذلال القدرية fatalism، المصير destiny الذي فقد حرفه الكبير (D )، لا إحتمالية الشقاء، التراجيديا الفاقدة لطبقتها.
إزاء البطل التراجيدي الغارق بالشقاءات التي هي خيره الأبدي وإرثه، تظهر الشخصية الروائية كطامح بالخراب، مقتّر صغير للرعب، سيطرت عليه تماما فكرة أنه ضائع، وهلِع من أنه لن يفلح في مسعاه هذا. إنه غير واثق من شقائه ويعاني بسبب ذلك. في موته ليس ثمة أيّ ضرورة. ولدينا مثل هذا الإنطباع أن المؤلف لقدر، إذا أراد، على إنقاذه: وهذا يسبب إمتعاضنا ويفسد علينا متعة القراءة. غير أن التراجيديا تتصاعد على مرتبة المطلق إن صح قولنا: لا تأثير للمؤلف على الأبطال، فهو مجرد خادم لهم ، أداة، وهم من يوجهونه ويأمرونه بأن يستفزهم لأفعالهم. إنهم من يحكم وحتى في الإعمال التي يكونون فيها محض حجة. وهذه الأعمال تبدو لنا واقعا لا يعتمد على الكاتب وألاعيب البسيكولوجيا. فنحن نقرأ الروايات بأسلوب مغاير تماما، إذ لا نكف عن التفكير بالروائي، فحضوره هاجسنا، نشاهد كيف يتصرف بشخوصه، وفي المحصلة النهائية هو الوحيد الذي يجرإنتباهنا. (ما الذي سيفعله بهم؟ و كيف يتخلص منهم؟) - نفكر وكلنا حيرة ممزوجة بالخشية. وإذا كان ممكنا القول إن بلزاك أعاد خلق مسرحيات شكسبير مع فارق واحد هو أن الفاشلين أصبحوا أبطالا، والآن ماذا نفكر بروائينا المرغمين على فحص طراز من الشخصيات المتحللة degenerated؟ والشخصية المحرومة من النَفَس الكوني تتقزم ولا تصبح كفة الميزان الأخرى للتأثيرالمتقلص لمعرفتها وإرادتها في التنبؤ وفقدانها (الشخصية).

إن الظاهرة الحديثة بكل معنى الكلمة هي ظهور الفنان الذكي. وليس الموضوع هنا أن الفنانين في الأزمان الماضية لم يكونوا قادرين على الأخذ بالتجريد أو الرهافة، بل وهم المسجونون في عقر عملهم قد خلقوه لكنهم لم يمعنوا الفكر به طويلا ولم يتلفعوا كثيرا برداء العقيدة والإستغراق في التفكير بالوسيلة. والفن الذي لايزال جديدا لم يرفعهم. غيرأن الوضع مختلف الآن. فرغم محدودية قدراته الفكرية يكون الفنان قبل كل شيء جماليا، وحين يكون خارج وحيه يأخذ بإعداده و يطوّع له الجهد الواعي للإرادة، وحين يكون شاعرا يعلق على أعماله ويوضحها بأسلوب لا يقنعنا، ولكي يخترع ويتجدد يحاكي، كما القرد، الغريزة التي ها أنها قد إختفت: إن مادة شعره ومصدر إلهامه هما الفكرة عن الشعر. وهو خطأ كبير تمجيد قصيدته الخاصة، ولامعقول الشعر: البيت الشعري لا يشيد بمعونة الشعر. والشاعر المشكوك بشعريته يخرج من فنه، أما الفنان الحقيقي فيستمد مادته في مكان آخر - من ذاته hellip; والى جانب (الخالق) الحالي، وجهوده وعقمه، يبدو الخالقون من العصور الماضية ذوي صحة معتلة: لم تستنزف الفلسفة قواهم وكما الحال عند فنانينا. أسألوا أول مصوّر تلقونه أو روائي أو موسيقي وسترون أن ما يعذبه هو القضايا التي تسمه بميسم اللاوثوق الذي هو صفته الأساسية. إنه تائه يتلمس طريقه في الظلام كما لو أنه محكوم عليه بالبقاء عند عتبة عمله أو مصيره. لا أحد في أزماننا بمقدوره تفادي هذا الفائض من الفكرالذي يرافقه إختفاء الغريزة. لقد صارت أمرا غير ممكن النُصْبية ُmonumentality المحرومة من التأمل، وتلك الروعة، بل على العكس: على صعيد المراتب يبدو هذا الشيء مثيرا للإهتمام. فالفن يخلقه الفرد، وليس الأفراد، كما أنه لا ُيحسب الآن حساب للعمل الفني بل التعليق الذي يسبقه ويعقبه. وأفضل ما يخلقه الفنان هو أفكاره حول ما يمكن أن يقوم بتنفيذه. لقد أصبح الناقد لنفسه تماما كما أصبحت العامية ORDINARINESS عالِمه النفسي. وليس هناك من عصر مثل عصرنا تنامي فيه الوعي الذاتي. ومن وجهة النظر هذه يبدو الرينيسانس بربريا والعصر الوسيط ماقبل التأريخ وحتى القرن التاسع عشر يبدو طفوليا بعض الشيء. نحن لا نعرف القليل عن النفس، من ناحية أخرى نحن لاشيء. وهذا الإنتقام جزاء نواقصنا في ما يخص السذاجة والطراوة، ثم هناك الآمال وأحوال الغباء، و(حسّنا البسيكولوجي )، وأكبر غنائمنا، لكل هذا حوّلنا الإنتقام الى مشاهدين لنفوسنا. أكبر غنائمنا؟ آخذين بعين الإعتبار عدم قدرتنا فيما يخص الميتافيزيقا يكون الإنتقام هي بالذات وكما تكون الرواية ذلك الجنس الوحيد المالك للعمق والذي نصلح له. لكن إذا رحنا أبعد من البسيكولوجيا تكون (حياتنا الداخلية) كلها شبيهة بتنبؤ مثير للطقس والذي لا يعني شيئا أيّ تغيّر فيه. إذ لم الإهتمام بكاليدوسكوب الأشباح، وبقطعان من المظاهر الكاذبة؟ وكيف من الممكن بعد الوقت المستعادLe Temps retrouveacute; [ لمارسيل بروست ] الإحالة الى ال(أنا)، وكيف من الممكن أن نواصل الرهان على أسرارنا؟ ليس إليوت بل بروست هو نبي ( الرجال الجوف Hollow men ). أطردوا وظيفة الذاكرة التي نحاول بمساعدتها أن نملك سلطة على الصيرورة، حينها لن يبقى شيء فينا سوى الإيقاع الذي يقيس فترات تفسخنا. ومنذها يعني رفض التدمير عملا خال من التأدب إزاء النفس. والحالة أن تكون مخلوقا لاتفيد أحدا بشيء. وبهذا نعلم جيدا من بروست ومن (الإستاذ أيكارت Eckhart). مع الأول ندخل في حالة التمتع بالفراغ عبر الزمن، ومع الثاني - عبر الأبدية. الفراغ النفسي، الفراغ الميتافيزيقي. الأول هو تتويج للإستبطان، والثاني للتأمل. الأنا هي إمتياز مقصورعلى الذين لايصلون الى حدود النفس. وفي اللحظة التي نكون فيها عند حدود النفس تكون بالنسبة للغيبي تطرفا ُمخصِباً، لكنه مضيِّعا للكاتب. نحن لا نتصور بروست يمر بتجربة عمله وباق أطول من رؤيته التي هي نتيجته؟ من جهة أخرى جعل من بحث هادف الى التفاصيل النفسية الدقيقة عملا زائدا ومزعجا. وعلى مدى أبعد يصبح

الإيغال في التحليل مقيِّدا للروائي وشخصياته. اللامنتهى الذي لامثيل له يعقّد شخصية ًما أوالمواقف التي تمر بها. ونحن نعرفها كلها، و في كل الأحوال نحن قادرون على حزرها.

هناك شيء واحد لاغير أسوأ من الضجر، وهو الخوف منه، وهذا الخوف أشعر به في كل مرة حين أفتح رواية ما. لا أعرف ما عليّ عمله مع حياة البطل ومن دون التطابق معه، وأنا عاجز تماما عن التصديق بتلك الحياة. وهذا الصنف الذي يضيع مادته لايملك الآن موضوعه. الشخصية تموت ومعها عقدتها. كما أنها لا تعني شيئا حقيقة أن الروايات الجديرة بالإهتمام لاغيرها هي التي لا يحدث فيها شيء بعد نبذ العالم. وحتى المؤلف يبدو فيها غائبا. إنها لا ُتقرأ بمتعة، وكلها فوضى، ولكان من الممكن أن تنتهي بعد الجملة الأولى وليس بعد عشرات الآلاف من الصفحات. وإذا كان الكلام يخصها يتبادر الى الذهن سؤال معيّن: هل من اللزوم تكرار التجربة نفسها الى ما لانهاية؟ أن تكتب رواية من دون مضمون ndash; طيّب، لكن لماذا كتابة عشر أو عشرين؟ وعند الإفتراض بضرورة الغياب لماذا مضاعفته والعثورعلى إعجاب فيه؟ المفهوم ، والمدرَك ضمنيا، لمثل هذه الأعمال يعارض إستخدام الوجود لواقع لا ينضب، واقع العدم. ومن الناحية المنطقية يكون، رغم كل شيء، إستخدام مثل هذا المفهوم الخالي من القيمة حقيقيا بالصورة المؤثرة. (الكلام عن العدم و بصورة أخرى غير مثمرة هو مضيعة للوقت). وهذا المفهوم يدعو الى البحث من دون إحالات، الى تجربة للفراغ الذي ينضب، ومعاشة داخليا، فراغ مجرَّب أدركه الإنطباع، تماما، ويا للمفارقة، كما الديالكتيك الذي جمدت حركته، كما دينامية الرتابة والافتقاد. أليس هذا دورانا في حلقة مفرغة؟ لذة اللاأهمية: الطريق المسدود الأكثر رفعة. وليس الغرض من إستخدام عامل الخوف جعل َ اللاحضور سرّا بل السرّ لا حضورا. والسرّ التافه المعلق في ذاته ومن دون بعد ثالث والعاجزعن رفع من خلقه بعيدا عن ظهور اللامعنى.
إن السرد الذي يطرد المروي، أي الشيء، يناسب زهد العقل، والتأمل الذي هو بلامضمون... والعقل يصبح هنا مُختصَرا الى فعل يكون من خلاله مجرد عقل. وتقود كل أفعاله إليه ذاته، الى تطور في الثبات لا يسمح بالتشبث بالأشياء. ويعني إنعدام لتعرف، وإنعدام الفعل أن التأمل الخالي من المحتوى ليس إلا تمجيدا للعقم والرفض.
إن الرواية التي تنطلق من زمانها وتلقي ببعدها الصحيح وتتخلى عن وظائفها هي فعل بطولي من المضحك تكراره. هل لنا الحق في أن نستنفد هواجسنا الى النهاية ، وإستغلالها، وإستهلاكها بكل قسوة؟ هناك أكثر من روائي واحد من روائيي الحاضر يذكرني بالصوفي الذي لو قدّر له لإجتاز الرب. وعند الوصول الى هناك، أي الى لامكان لما إستطاع أن يصلي فهو قد راح أبعد من موضوع صلواته. إذن لماذا يواصل الروائي كتابة الرواية التي سبق له أن إجتازها؟ إن قدرتها على الإسحار كبيرة الى درجة أنها تدهش حتى الذين يسعون الى تدميرها. وأيّ شيء قادر أفضل منها على التعبيرعن الهاجس المعاصر، هاجس التأريخ والبسيكولوجيا؟ وإذا حصل نفاد الإنسان في واقعه الزمني يكفي أن يكون مجرد أحد الشخوص، موضوع رواية لا أكثر. في المحصلة يكون هذا أخانا الإنسان. وفي الأخير لكانت الرواية شيئا لايمكن تصوره في فترة الإزدهار الميتافيزيقي، ولايمكن للمرء تصورغناها في العصر الوسيط ، في اليونان، في الهند أو صين العهد الكلاسي. فحين تفلت التجربة الميتافيزيقية من الكرونيكالية وطرائقية modality وجودنا، تحيا في خفاء المطلق الذي من المفروض أن تسعى صوب هيئته غير أنها لن تصله: تحت هذا الشرط الوحيد تتصرف هي بالمصير الذي كي يصبح ناجعا، أدبيا ً، يفترض أن تكون غير منتهية، وأضيف هنا: حتى غير منتهية عن عمد، تلك التجربة الميتافيزيقية. الأمر يخص أبطال دوستويفسكي العاجزين عن نيل الخلاص والمنتظرين، بصبرنافد، السقوط، فهم يثيروننا بالقدر الذي يحافظون فيه على العلاقة الزائفة مع الله. إذ أن القداسة هي محض حجة للتمزق، ملحق للفوضى، طريق دائري، غير مباشر، يسمح لهم بالدوران بصورة أكثر وثوقا. وحتى لو إمتلكوها لكفوا عن أن يكون شخوصا: هم يسعون اليها كي يرمونها من أجل أن يتذوقوا أخطار التحرك داخل النفس. الأمير المصاب بالصرع يتواجد في مركزالعقدة كقديس لم تتحقق قداسته ، فالقداسة المحققة هي مناقضة لفن الرواية. وإذا خص الأمر ألوشا الأقرب من الملاك وليس القديس، فنقاؤه لا يبعث فكرة المصير، ويصعب القول لماذا قرر دوستويفسكي أن يجعل منه الشخصية الرئيسية للأجزاء التالية من الأخوة كارامازوف. وكإسقاط لإشمئزازنا من التأريخ يكون الملاك سدّا وإذا لم يكن موتا للسرد. هل علينا أن نستنتج من كل هذا أنه ليس من المفروض أن تمتد مملكة السارد كي تشمل الفترة التي تسبق السقوط؟ يبدو لي أن هذا الأمر حقيقي بشكل غير إعتيادي إذا تعلق الأمربالروائي الذي تكون وظيفته والخدمة التي يقدمها وقدراته هي المحاكاة المتعمدة pastiche للجحيم.

أنا لا أعطي نفسي الحق في التشرف بالعجز عن قراءة الرواية الى نهايتها، ببساطة أنا أتمرد على الوقاحة، على العادة المزمنة التي فرضتها علينا، وعلى المكان الذي إحتلته في حياتنا. ليس هناك من شيء لا يطاق أكثر من الإسهام في نقاشات تستغرق ساعات طويلة حول هذه الشخصية الوهمية وتلك. أرجو أن تفهموني جيدا: ما يثير الحنق الشديد، وإذا لم يكن الأشد، بين تلك الكتب التي قرأتها كان الروايات. ولا تضايقني كراهيتي للرؤيا التي تلجأ إليها تلك الروايات بل هي كراهية من دون أي بارقة أمل. وإذا كنت أطمح في عالم آخر، وأيّ كان عدا عالمنا، فأنا أعرف بأني لن أصله. في كل مرة عندما حاولت السلوك وفق مبدأ أكثر رفعة من (تجاربي)، كنت مرغما على القول بأن الأخيرة منها كانت أكثر جوهرية من تلك المباديء الرفيعة وأن كل الرغبات الميتافيزيقية قد تبددت بفعل تقلب طباعي. عن حق أو بدونه ألقيت بالمسؤولية عن ذلك على أني قد أفرغت على الصنف الأدبي كله سعاري ووجدت فيه عقبة أمام النفس، وسببا لإنحطاطي والآخرين، ومناورة الوقت الساعي الى الإندساس في مادتنا، وفي الأخير دليلا على أن الأبدية ستكون بالنسبة لنا محض كلمة وشكوى. (كما الآخرين أنت إبن الرواية) - هذه هي كلمتي وهزيمتي.

ليس هناك من هجوم بلا إرادة التحرر من سحرٍ ما أو العقاب بسببه. لن أغفر لنفسي أبدا أني أقرب داخليا الى أول روائي وليس الى الأقل تعقلا من بين حكماء الماضي hellip; وليس ممكنا الإنسحار، ومن دون عقاب، بترهات الحضارة الغربية، حضارة الرواية. فهذا الحضارة التي عتّمت الأدب ، عليها أن تعترف للكاتب بنفس الحق في الثقة وكالذي كان يملكه الحكيم في العالم القديم. إلا أن السيّد في ذلك العالم والذي إشترى رواقيه أو أبيقوره كان عليه أن يرفع نفسه، بسبب عبده ، الى مستو لايصله البورجوازي الذي يقرأ مؤلفه (الخاص). ستردّون علي بأن ذلك الحكيم و إذا لم يكن نصّابا، كان يعرف الكلام في مواضيع مبتذلة مثل المصير والمتعة أو الألم، لكني أعلن بأن هذا النوع من العادية يبدو لي أفضل، وأن في الشعوذة وحتى إذا خص الأمر الحكمة، هناك حقيقة أكثر من الكائنة في الخلق الروائي. عدا ذلك إذا تعلق الأمر بالشعوذة لاعلينا أن ننسى ذلك الصنف من أصنافها والذي هو الأكثر كرامة وفعلية أي الشعر.

أكيد أنه لايمكن عمل شعر من أي شيء كان. إنه لايصلح لكل شيء. فلديه قيوده وhellip; مستو معين. وسلبه من الشيء الذي يخصه أمرلا يخلو من مجازفة معيّنة: لاشيء أكثر إتساقا من الشعر وحين ُيلحق بالخطاب. معروفة الطبيعة الهجينة للرواية ذات الطموح الرومانسي والرمزي أو السوريالي. في الواقع لا تتردد الرواية التي هي بطبيعتها إستحواذية، في أن تستولي على الوسائط التي هي تقليدية للحركات الشعرية في الجوهر. هذا الصنف مخلوط، وبفضل قدرته على التكيف عاش ويعيش على التهريب والسلب كما أنه باع نفسه لكل القضايا. كان بغيا أدبية. لم يحرص على أي حشمة وليس هناك من خصوصيات لم يتعرض لها. والطيش نفسه الذي ينبش به في الزبالة ينبش في الوعي. والروائي الذي يبحث عنه يجلسه على كرسي التحقيق والقيل والقال، ويحوّل صمتنا الى إشاعة. وحتى إذا كان كارها للبشرهم يسحرونه: يمضي أعمق فأعمق في دواخلهم. ولكم هو بائس عند المقارنة مع الصوفيين وأحوال جنونهم و(لابشريتهم) ! عدا ذلك فرغم كل شيء يكون الله من مرتبة أخرى. إلا أني لا أفهم كيف من الممكن هذا التعلق بالوجودات. أنا أحلم بعمق اللاقاع Ungrund، بأساس تسبقه مراعاة فساد الزمن. ولو قدّر لوحدته التي هي أرفع من الوحدة الربانية، لفصلتني الى الأبد عن نفسي، عمن يشبهني، عن لغة الحب، عن الثرثرة المولودة على أساس الفضول الزائد عن حده، إزاء الآخر. أنا أهاجم الروائي ولأنه حين يصنع أي مادة ndash; يصنعنا جميعا - يكون مرغما على أن يسهب في الكلام وأكثر منا. ونحن لإعتبار واحد لاغير، نعطيه الحق: هو قادر على التخفيف. وهذا هو ثمن خصوبته وقدرته. ليس هناك من موهبة ملحمية من دون معرفة المبتذل والتفصيل والزائد عن الحاجة. الصفحات كلها: تجميع تفاصيل لا تعني شيئا. وإذا كانت القصيدة ndash; النهر هي إنحراف فالرواية ndash; النهر كانت مكتوبة في القوانين التي تحكم هذا الصنف من الأدب. كلمات hellip; كلمات hellip; كلمات hellip; لاشك أن هاملت كان قد قرأ إحدى الروايات.

القيام بعكس الحياة مع كل التفاصيل، إنزال مرتبة إستغراباتنا الى نوادر - ياله من تعذيب للعقل ! الروائي لايشعر بهذه المعاناة وكماعدم شعوره بلامعنى وسذاجة ماهو (غير عاد). هل هناك من حدث جدير بأن يكون مرويا؟ سؤال غير مفهوم ولأني قرأت العدد نفسه من الروايات والتي قرأها أيّ واحد. إلا أن هذا السؤال يصبح بلامعنى حين يترك الزمن وعينا ولايبقى فينا شيئا غير السكون الذي يسلخنا عن الوجودات وعن ذلك الإنتشارغير المُدرَك في منطقة كل لحظة والذي يقوم بتعريف الوجود.
أخذ المعنى بالتعفن. لن ننظر طويلا الى القماشة التي من السهل فهم القصد منها، سرعان ما يضجرنا المؤلَف الموسيقي الذي يسهل معرفة طابعه، وله تضاريسه التي يكون واضحا تعريفها، كما هناك القصيدة الواضحة الأكيدة للغاية إلا أنها تبدو لنا hellip; غير مفهومة. وصفوف المؤكَدات تلوح نهايتها: أيّ حقيقة واضحة جديرة بالتعبير؟ ما يمكن إيصاله لا يستحق الإبقاء عليه. هل ينبغي هنا الإستنتاج بأن علينا التفرغ ل(السرّ) حسب؟ ليس هو مضجرا أقل من المؤكَد. أنا أقصد هنا السرّ كاملا. إن سرّنا، الشكلي الصرف، هو مجرد أمل العقول الخائبة، داخليا، من الوضوح الفارغ والعمق، الأمل المنسَّق مع هذه المرحلة من الفن حيث لا وجود للسذج، حيث نحن المعاصرون لكل الأساليب في الأدب والموسيقى والتشكيل. إن الإصطفائية eclectism وحتى إن أضرّت بالإلهام توسّع أفقنا حين تسمح لنا بالإنتفاع من التقاليد كلها. إنها تخلّص المنظِّر لكنها تشلّ الخالق الذي تفتح أمامه أفاقا بالغة الإتساع، ولهذا السبب ينشأ العمل الفني الى جانب المعرفة أو خارجها. الفنان المعاصر يحتمي باللاوضوح، ولذا ليس بمكنته أن يكون مجددا له إحالته الى ما يعرفه. وكمية المعلومات التي يملكها تجعل منه معلِّقا على أعمال قديمة وغير مالك لأوهام آريستاخ/وس Aristarch/us. وإذا أراد أن يصون أصالته فلايبقى أمامه سوى المغامرة مع غير المفهوم. وهنا ينبذ المؤكدات التي يفرضها عليه العصر العالِم والعقيم. وإذا كان شاعرا يكون أمام كلمات كل واحدة منها بكامل معناها ذي المشروعية الكاملة غير معلَّمة بعبء الماضي، وإذا أراد لها البقاء فسيكون عليه كسر معناها والبحث عن إستخدامات غير ُمشرَّعة. في الأدب عموما نحن شهود إستسلام الكلمة التي ، وكيفما كانت تبدوغير خالية من الغرابة ، هي مستهلَكة أكثر منا. إذن لنمض على خط حيويتها، ولنتكيّف مع مستوى إعيائها وتفسخها، ولنكن رفاق دربها الأخير. والمثير للإهتمام: لم تكن الكلمة أبدا أكثر حرية، فإستسلامها يعني أنتصارها: هي المحرَّرة من الواقع والتجربة الحياتية تسمح لنفسها، وفي الأخير، بترف اللاتعبير عن أي شيء عدا ثنائية لعبتها الخاصة. والنوع الذي هو الآن موضع نقاشنا كان عليه أن يشعر بإحتضاره ذاك وإنتصاره المذكور أيضا.

إن بقاء الرواية بدون مادة قد وجّه ضربة مميتة لجنسها. لم تكن هناك قصة ولا شخصيات ولا عقدة ولا سببية. بعد لعن الشيء وإسقاط الحدث لايبقى هناك إلا ال(أنا) المحرومة من المستقبل والتي كتب لها البقاء، وهي تتذكر الآن وجودها السابق متشبثة ً باللامحدَّد، و تهزّه محوّله إياه الى توتر، وهذا لايؤدي إلا الى ذاته: إنه شَدَه عند حدود الأدب، عتمة عاجزة عن أن تفقد وعيها في صرخة، في ندب، في مونولوغ الفراغ، في نداء فصامي ينبذ الصدى، تحوّل ٌ في تطرف منفلت لا يطارد شعرية الشتيمة ولا الصلاة. وحين يوغل الروائي في (غير الواضح) حتى جذوره يصبح أركيولوجي الغياب والذي يحفر طبقات ما ليس موجودا ولايمكن أن يوجد، ويحفر ما لايمكن مسكه، وينمّيها أمام نظراتنا المشاركة بالذنب والتائهة. أهو غيبي غير عارف؟ بالتأكيد كلا. فحين يقوم الغيبي بوصف غيبوبة توقعه يتعلق بالشيء الذي يفلح في إرسائه. وتوتره يتوجه صوب الخارج أو يبقى في داخل الله من دون تبدل حيث يلقى هناك الدعم والتبرير. وإذا وُجِّه الى النفس من دون أي أساس من أسس الواقع فسيكون ذا نوعية مشكوك فيها أو يثير في أفضل الأحوال إهتمام علم النفس. لكن لنفترض أن ذلك الواقع الذي يسنده ويحوِّله هو محض وهم: الغيبي يعترف بذلك في نوبة فتور. غير أن مصادره والآلية والتوترهي كلها من هذا النوع الذي بدل الإيمان ب(غير المحدَّد) والإنصهار فيه يمنحه المادة والإتساق والطلعة. إنه يتنصل من سقطاته محوّلا لياليه الى طريق وليس الى مادة (من تحت hypostasis)، ويدخل منطقة حيث لا يلقى فيها ذلك الانطباع الأكثر كدرا، أي أنه محظورعليك الوجود وأن حلفك معه سوف لن يكون أمرا ممكنا على الإطلاق. ومن كل هذا الوجود ستعرف الضواحي، الحدود: ولأنك كاتب. وفي أحسن لحظاته يقطع الروائي أرض اللاأحد no man s land الممتدة بين تلك الحدود وأطراف الأدب. وعند الوصول الى هناك تبطل البسيكولوجيا بسبب إفتقاد المضمون والشيء الذي يمكن الإحالة إليه، فهو قد وُجِد في منطقة غير موائمة للإستخدام. تصوروا رواية لا يحيا أبطالها في حالة إعتماد متبادل. أدولف، إيفان كارامازوف أو سوان هم من دون شركاء. ستفهمون حينها أن أيام الرواية صارت معدودات وحتى إذا عاندت كي تواصل البقاء فسيكون عليها أن تقنع بسيرة ناجحة لجثةٍ.

ينبغي، بلاشك، المضي أبعد: أن نرغب في نهاية لكن ليس لنوع واحد فقط بل للأخرى، لكامل الفن. وعندما يحرم الإنسان من كل حيله قد يقوم بفعل يكشف عن ذائقة طيبة: أن يعلن عن شقائه ويعلق تطوره الى أجل ٍ وحتى لو شمل بضعة أجيال. وقبل العودة إليه عليه أن يجدد قواه عبر الصعقة، وهذا أمر يشجع عليه الفن المعاصر كله وإذا لم يزمع القيام بالتدمير الذاتي.

لا يعني هذا أنه ينبغي الإيمان بمستقبل الميتافيزيقيا أو بأي شكل آخر للمستقبل. أنا لا أجرؤ على الكلام عن مثل هذا الشيء غير المعقول. وعلى الأقل فكل هدف يحمل في داخله الوعد ويكشف الأفق. وإذا لم نشاهد في واجهات دورالكتب أيَّ رواية يكون قد أديت خطوة واحدة ndash; ولربما الى الأمام، ولربما الى الوراء hellip; في كل الأحوال تنهار كل الحضارة المرساة على البحث عن التفاهات. أهي يوتوبيا؟ أهي كلام أو كتابة عن موضوع آخر؟ ولربما هي بربرية؟ لا أعرف. لكني عاجز عن الكف عن الحلم بأن يكون هناك الروائي الأخير.

عندما أشرفت الملحمة في نهاية العصر الوسيط على نهايتها ثم حصل إختفاؤها كان على معاصري هذا الأفول أن يتنفسوا الصعداء: أكيد أنهم شعروا بحرية أكبر. فحين إنتهت الميثولوجيا المسيحية والفروسية فسحت البطولة التي رسمت على الصعيدين الكوني والرباني، المكانَ للتراجيديا: في الرينيسانس عرف الإنسان حدوده الخاصة ومصيره وأصبح مطابقا لذاته الى غاية الإنفجار. بعدها حين لم يتحمل أطول ضغط السمو أخفض علو تحليقه الى مستوى الرواية أي ملحمة العصر المديني، ملحمة مُعوِّضة.

أمامنا حفرة تملؤها مواد بديلة ndash; فلسفية، نظريات عن نشأة الكون ذات رمزية مضبّبة، ورؤى ذات نوعية مشكوك بها. وقد َعمِل هذا على توسيع آفاق العقول و إحتوائها على مادة أكثر من المعتاد. ولنفكر بالعصر الهيليني والإزدهارالرائع لشتى الطوائف الغنوصية: في فضولها غير الملبّى تبنت الأمبراطورية أنظمة لايمكن التوفيق بينها وقامت بتطبيع العبادات الشرقية كما صادقت على الكثير من العقائد و الميثولوجيات. والظاهر أن الفن الذي نفدت طاقاته أصبح حلبة يسمح بدخولها لأشكال التعبير التي كانت غريبة عليه، والعبادة المشرفة على الأفول تقبل أن تسودها أي واحدة من الأخريات. هكذا يبدو معنى الإصطفائية الإنتيكية، كما أنه معنى الإصطفائية المعاصرة. إن فراغنا الذي تتراكم فيه فنون وأديان غير متجانسة يستدعي آلهة من مكان آخر، ولأن آلهتنا أصبحت بالغة الضعف كي تحيطنا بالرعاية. إلا أننا لا نملك أيّ نفع من هذه الآلهة المختصة بسماء أخرى، وحين ننطلق من نقطة إفتقاداتنا، من غياب مبدأ للحياة، تكون معرفتنا عمومية وسطحية، تشتيتاً يُنبيء بنشوء عالم توَّحده الفظاظة والفظاعة. وحين نعرف كيف وضعت الدوغما في العصرالإنتيكي حدّا للفنتازيات الغنوصية، نحزر في أيّ يقين سينتهي تشويشنا الإنسكلوبيدي. إنه سقوط العصر الذي حلّ تأريخ الفن فيه محل الفن، وتأريخ الدين محل الدين.

لكن علينا أن لانملك المرارة بلا داع: بعض الهزائم تكون مخصبة. هكذا تُطرح قضية سقوط الرواية. إذن لنبعث لها بالتحيات بل لنقدم لها التبجيل: هذا يقوّي وحدتنا. وحين نكون مفصولين عن الأفاق، وفي الأخير مغلقين في نفوسنا، نفكر بصورة أحسن بوظائفنا ومحدودياتنا ولا نجاعة الحياة والصيرورة شخصية أو خلق شخصية. الرواية؟ الفيتو المعلن ضد تطاير مظاهرنا الكاذبة، النقطة الأبعد عن أولى بداياتنا، الإصطناع الذي يستر قضايانا الحقيقية، الشاشة المنصوبة بين واقعنا الأوليّ وأوهامنا النفسية. الدهشة متناهية للذين حين فرضوا عليها تقنيات تنكرها وجوّاً يلغيها ومتطلبات تتخطاها إنما يعملون على محقها وزمننا على السواء - زمننا الذي هو رمز وزبدة وتقطيبة. إنه التعبير عن جميع وجوهه وخاصة كل إمكانيات التعبير. والكثيرون يستخدمونها ولو أن طبيعتهم لا تؤهلهم ، بصورة ما، الى ذلك. و لوكان ديكارت عائشا اليوم لأصبح، من المحتمل، روائيا، وبالتأكيد لكانه باسكال. وهذا الصنف يصبح شاملا حين يغوي العقول التي لا تنجذب إليه. إلا أن السخرية تريد أن تعمل العقول ضدها: ُتلحِق بها قضايا مناقضة لطبيعتها وتعمل على تمييزها، وتشوّهها وتلقي عليها بأثقال فوق طاقتها الى حد إهتزاز بنيانها كله. وحين لا يملك المرء في قلبه مستقبل الرواية ينبغي ان تكون هناك غبطة من أن هناك فلاسفة راغبين في كتابة الروايات. وفي كل مرة يتسلل فيها هؤلاء الى الأدب يفعلون ذلك كي يستغلوا البلبلة السائدة هناك أو يسرعوا في سقوط هذا الأدب.

ولإن رسالة الأدب هي موته يكون هذا أمرا ممكنا بل مرغوبا. إذن أيّ غرض تخدم مهزلة أسئلتنا، قضايانا، مخاوفنا؟ آخذين بنظرالإعتبار كل هذا أليس من الأحسن أن نميل صوب أوضاع الأجهزة الآلية ؟ بعد أحزاننا الفردية، الشديدة للغاية لوجاء ت أحزان متسلسلة، منمَّطة وسهلة التحمل، فحينها لما كانت أعمال أصيلة أو عميقة، لما كانت خصوصيات ولا ما يعقبها من أحلام أو أسرار. ولفقدت السعادة والشقاء أهميتهما ولأنه لما عرفت من أين ستنتشر، ولكان كل واحد منا، في الأخير، كاملا بالصورة النموذجية وعاديا أيضا، ولكان لا أحد. عند الوصول الى الأفول، الى آخر أيام المصير hellip; لنتأمل الآلهة الغرقى: كانوا هم نحن، المساكين، ذوي القيمة. ولربما نبقى بعدهم، ولربما هم يرجعون، أصغر حجما، متنكرين وخلسة. وحرصا على العدالة نعتبر أنه حتى إذا كانوا قد وجدوا بيننا والحقيقة، ولكن الآن، حين يرحلون سوف لن نكون أقرب منها وكما كنا حين حظروا علينا النظر إليها أو الإقتراب منها. كما أننا نحن الأشقياء مثلهم سنواصل ممارسة الوهم ، ومن الطبيعي أن نعمل على أن يأخذ وهمٌ جديد مكان آخر: إن أعلى مؤكداتنا لا تملك وظائفيتها إلا في الكذب hellip;

وكيفما طرحت القضية تصاب قضية الأدب بضمور أكبر فأكبر، أما مادة الرواية الأكثر محدودية فستختفي عن أنظارنا. هل هي ميتة حقا أم أنها مصابة بمرض مميت حسب؟ إن إنعدام القدرة لا يسمح لي بالحكم. وبعد كلامي عن أنها منتهية أخذ الضمير يؤنبني: ماذا لو أنها واصلت الحياة؟ في هذه الحالة ستكون مهمة الآخرين الأكثر قدرة مني تحديد مرحلة إحتضارها.

* فصل من كتاب أميل سيوران (غواية الوجود). الطبعة الفرنسية الأولى:
La tentation d'exister. باريس، غاليمار، 1956. الطبعة الإنكليزية:
The Temptation of Exist. شيكاغو، كوارد أنغل، 1968.