صلاح أحمد من لندن: أعلنت ليلة الاثنين وفاة السير نورمان ويزدوم أحد أكبر أعمدة الكوميديا البريطانية في الخمسينات والستينات في دار للتمريض في آيل اوف مان عن 95 عاما بعدما عانى سلسلة من النوبات القلبية في الأشهر الستة الماضية. وويزدوم ممثل وموسيقي ومغن شقت شهرته الآفاق العالمية ووصف بأنه laquo;عبقريraquo; وقيل إنه كان الكوميدي المفضل لدى تشارلي تشابلن. واشتهر أيضا في العالم العربي، لكن شعبيته اتخذت لها بعدا سورياليا في البانيا بشكل خاص. فقد فاقت شعبية ألمع نجومها الكوميديين في وقت كانت فيه البلاد منغلقة على نفسها تحت حكم الدكتاتور أنور خوجا، وكانت أفلامه هي الغربية الوحيدة التي تسمح السلطات بعرضها في الدولة الشيوعية وقتها.
وفي زيارة له للعاصمة الألبانية تيرانا عام 2001، تزامنت مع زيارة الفريق القومي الانكليزي، سرق ويزدوم الضوء تماما من كابتن الفريق معبود الجماهير ديفيد بيكهام. ومنحه الألبان أرفع أوسمتهم - بما في ذلك الجنسية الفخرية - واعتبروه laquo;مؤسسة قوميةraquo;. لكن حياته الباكرة كانت جد عسيرة.
ولد نورمان ويزدوم في حي مارليبون اللندني في 4 فبراير / شباط 1915 لأبويه فريدريك ومود ويزدوم. كان أبوه سائق أجرة وأمه حائكة هجرت الأسرة عندما كان هو في سن التاسعة. وفي الحادية عشرة هرب ويزدوم أيضا، لكنه عاد بعد عامين واشتغل مرسالا في متجر صغير في الحي. وفي ما بعد صار عاملا في منجم للفحم ثم نادلا في مطعم ثم بوابا لنزل.
التحق ويزدوم بفرقة الخيالة الملكية العاشرة وأرسل الى الهند عام 1946 فبدأ يصقل موهبته كموسيقي وكوميدي مسرحي وكان أول ظهور له على خشبة المسرح في ذلك العام. لكن نجمه صعد بسرعة كبيرة بعد عودته الى لندن حيث مثل في مسارح الويست إند في قلب لندن، وأتاح له ظهوره على التلفزيون شعبية هائلة.
عام 1953 بدأ ويزدوم تصوير سلسلة من الأفلام الكوميدية ذات الميزانية المنخفضة لاستوديوهات laquo;رانك اورغنايزيشنraquo;. ولم تجد هذه الأفلام ثناء من النقاد وقتها لكنها قوبلت باحتفاء شعبي عظيم، ليس داخل بريطانيا وحسب وإنما في مختلف أرجاء الدنيا. وكان الفضل يعود اليها في دعم استوديوهات laquo;رانكraquo; ماليا عندما تخفق أفلامها الجادة تجاريا.

مشهد من أحد أفلامه

وكانت أفلامه، ومعظمها بالأبيض والأسود، تدور حول شخصية laquo;غامبraquo;، العامل الساذج الذي تؤدي تصرفاته الخرقاء الى ضرب الفوضى أطنابها في مكان العمل. على أن نجمه بدأ يخبو منذ منتصف الستينات رغم الاتجاه الى تصوير أفلامه بالألوان.
وفي العام 1966 توجه ويزدوم الى هوليوود حيث شارك في الفيلم الموسيقي الكوميدي laquo;الفخرraquo; ورشح فيه لجائزة توني عن أدائه الباهر فيه. ثم ظهر في فيلم آخر عام 1968 هو laquo;ليلة غزوا مينسكيزraquo; وبدا انه يثبت قدميه في عالم هوليوود الصعب. لكن أزمة عائلية أجبرته على العودة الى لندن حيث هجر السينما الى التلفزيون.
وفي 1981 نال ويزدوم ثناء كبيرا من النقاد لدوره الدرامي في مسرحية laquo;ذهاب رصينraquo; التي مثل فيها دور رجل يموت بالسرطان. وفي التسعينات عاد الى الأضواء مجددا وتوج ذلك عام 1999 بنيله وسام الامبراطورية البريطانية بدرجة laquo;فارسraquo; من الملكة اليزابيث الثانية.
في 4 فبراير 2005 (عيد ميلاده التسعون) أعلن ويزدوم تقاعده لتخصيص وقته لأسرته ولعبة الغولف التي يعشقها في آيل اوف مان حيث عاش حتى مماته. وفي الآونة الأخيرة أصيب بمتاعب في القلب حدت بالأطباء لزراعة منظم لضربات قلبه تحت جلده. ويخلفه في اسرته الآن ابنه نِك وابنته جاكي.