صلاح سليمان من ميونيخ: تحية أهل بافاريا ''Gruuml;ss Gott'' أي مرحباً ـ هي التحية التي حرص المؤلف علي إستخدامها كعنوان لكتابه quot;مرحباً..السيد الإمام quot; وهي لفتة ورمز لتحديد موطن إصدار الكتاب وأحداثه،إذ أن هذه التحية تقتصر فقط علي أهل بافاريا، وأن من يري عنوان الكتاب في المكتبات لن يجهد نفسه كثيرا في معرفة محتوياته، فهو كتاب يتعلق بالمسلمين في ولاية بافاريا الجنوبية الألمانية.

قد ينظر إلي إصدار الكتاب في تلك الأثناء علي انه شجاعة كبيرةquot; فإدريس بنيامينquot; مؤلف الكتاب هو إمام ورئيس الجمعية الإسلامية في مدينة quot; بندزبرج quot; المعروفة في كل أنحاء ألمانيا، ورغم أنه شاب يبلغ من العمر الثامنة والثلاثين إلا أنه من الأئمة المجددين، فهو يؤم صلاة الجمعة في مسجد المدينة ويلقي الخطبة باللغة البوسنية والتركية والألمانية وقد اعتاد سكان المدينة المسيحيين عليه،و قد يبدوأن وضعه استثنائيا في تلك المدينة التي لايشكل وجود المسلمين فيها إزعاجا لحياة أهلها من الألمان المسيحين.

وضع أدريس بنيامين في كتابه أجوبة الكثير من الأسئلة الملحة التي يتم تداولها عن الإسلام في الشارع الألماني، كما أنه حاول عبر فصول الكتاب المختلفة أن يفرق بين ثوابت الدين والعادات والتقاليد التي دخلت عليه، ومن ثم ما إختلط علي الناس من تلك العادات و أصبحوا يعتبرونها من أساسيات الدين وهي في الأصل بدع وخرافات، ولم يفت المؤلف ان يتعرض الي جوانب التشدد في الإسلام لدي بعض الجماعات المختلفة وحاول في الكتاب تفنيد آرائهم وفتح حوار حول تشددهم ويقول في ختام ذلك إنه لا يجب أن يفهم من آرائه تلك علي أنه يتحدي هؤلاء الناس.

من المفارقات أن أدريس نفسه إتهم من قبل مكتب حماية الدستور والأمن الألماني بأن له علاقة بمسلمين متشددين ويقول عن ذلك عبر صفحات الكتاب إن تدخل الدولة في الدين يصل دائما الي طريق مسدود وهو نوع من الإستبداد ويصف كيف بني المسلم بعد إنتشار الدين الإسلامي تصوراته المثالية والعقائدية، ويصف كيف يتجانس ويتكامل المسلم مع الأخرين،إضافة الي الدور الذي لعبه هو نفسه في ذلك المجال من حيث تهيئة الأجواء الي الإندماج بين المسلمين وغير المسلمين في تلك البلاد.
لعب ادريس بنيامين دورا بارزا في تحقيق التناغم بين المسلمين وغير المسلمين في المدينة التي يسودها الطابع المسيحي الكاثوليكي المحافظ بل والمتشدد في بعض الأحيان، وهو الطابع الذي يميز ولاية بافاريا بشكل عام، والتي كانت قد شهدت عدداً من النزاعات بشأن بناء المساجد فيها، غير ان مدينة quot; بندزبرج quot; التي شهدت نمو صناعي كبير، دفع بالعمالة الاجنبية الي إستوطانها، وهو الأمر الذي ساعد علي زيادة التنوع الديني فيها مما دفع إدريس بنيامين الي ان يحدد اولويات الجالية المسلمة في تلك المدينة والتي لخصها في quot;كيفية الحد من الصراعات بين المعتقدات والقيم المختلفة لكل الجاليات الدينية في المدينةquot;.

يحدد المؤلف في كتابه الكثير من معالم الإندماج بين المسلمين وغيرهم من وجهة نظره ويقول:إن تعلم اللغة الألمانية بشكل جيد واحترام القانون الألماني والإهتمام بقراءة الصحف الألمانية والحرص علي الإدلاء بالصوت في الإنتخابات ومن ثم ايضا الحرص علي الإشتراك في المكتبات الألمانية المنتشرة علي نطاق واسع في البلاد للتزود بالثقافة،كذلك التخلي عن بعض العادات السيئة مثل الإستماع الي الموسيقي العالية أضافة الي الترحيب بنظام البلاد والذي قد يتطرق الي ما لم يتعود عليه المقيم الأجنبي في تلك البلاد مثل فصل وتصنيف القمامة مثلا.
يري إدريس أيضا أنه من المهم أن يعيش المسلم في ألمانيا حياة تقارب في قيمها وإطارها القيم الأوروبية، فبالرغم من كون ألمانيا الموطن الجديد، يمكن للمسلمين هنا تشكيل حياتهم حسب معتقداتهم الدينية وبالتناغم مع الأديان الأخرى دون أن يشكل ذلك أي عبء عليهم.وفي ذات السياق يري أن للإمام دوراً مهماً في فهم متطلبات وحاجات العائلة المسلمة، والتي قد تساهم في دمجها في المجتمع بشكل عام. وبحسب رأيه فإن هذا الفهم نابع من التأهيل الذي يحصلون عليه في الجامعات. ومن المهم أيضاً أن يساهم الأئمة في توعية غير المسلمين حول الإسلام وإزالة أي سوء فهم لأركانه، فالأئمة في ألمانيا quot;يجب أن يتصرفوا كمستشارين وناصحين في معظم شؤون الحياة اليومية، وهو ما يمليه عليهم دورهم كقدوة لأفراد جاليتهمquot;
يري أيضا ان الائمة يمكن ان يلعبوا دورا مهما في بناء الجسور بين الثقافات المتعددة التي من شأنها تشجيع جهود الاندماج.
حاول المؤلف ايضا الرد في الكتاب علي الإتهامات التي وجهت اليه من قبل الأمن الألماني الذي وصفه بالتشدد ويقول انه عرض في الكتاب الخلافات الإسلامية الإسلامية والخلافات بين المسلمين وغير المسلمين.

حاول أدريس بنيامين ان يعطي في الكتاب صورة للتكامل والإندماج الإسلامي في المجتمع الألماني،ومن منطلق التعريف بالإسلام يقول انه ليس فقط يركز علي الإندماج انما يعطي أمثلة اخري مثل حقوق المرأة في الإسلام ويري أنها حقوق متساوية كما هي في المانيا.
ويقول ادريس في كتابه اذا كانت هناك حالات من الإضطهاد بالفعل للمرأة موجود ة، فإن ذلك سببه الرجال وليس القرآن، انه يري أن دور الإمام ليس فقط تفسير القرآن الكريم بل يجب فض الغبار من عليه من جراء بعض التفسيرات الخاطئة ويقول ان ذلك قد لايرضي بعض المتشددين ولكن هو علي الأقل يطمح في عرض القضايا التي جاءت في الكتاب للنقاش الواسع.
بصفة عامة جاء كتاب ادريس بنيامين ليروج لليبرالية الإسلامية التي تميل الي الحداثة.