عبدالجبار العتابي من بغداد: كشفت لجنة تقصي مصير المفكر العراقي عزيز السيد جاسم التي شكلها مركز البحوث والدراسات الذي يحمل اسم الراحل منذ عام 2004 عن معلومات جديدة بشأن تصفية المفكر التي قام بها النظام العراق السابق حيث ما زال الغموض يلف الحادثة ولا يعرف اين انتهى به المطاف.

ونقل بيان للمركز عن (علي) نجل المفكر السيد جاسم قوله ان: مجموعة اسباب ارادها النظام الصدامي لتصفية المفكر السيد جاسم منها امتناعه اكثر من مرة عن تلبية توجيهات رئاسية كان اخرها الكتابة عن اهالي الاهوار تحاول فحواها الانتقاص من اصلهم، واكد: ان معلومات جديدة حصل عليها المركزمن مصدر ثقة دونت بشكل قضائي تفيد اجزاما ان صدام عام 1991 وفي شهر نيسان تحديدا، وجه وزير الثقافة والاعلام انذاك لطيف نصيف جاسم بارسال رسالة الى السيد عزيز مفادها ضرورة الكتابة عن اهالي الاهوار ويكون فحواها بالتحديد ان نساءهن جئن على ظهور الجواميس من الهند وباكستان دون لباس داخلي.

واضاف ان: السيد عزيز رفض الامر في وقت كان رفض الكاتب عن الكتابة بتوجيه من رئيس الجمهورية يعد بمثابة التوقيع على اعدام نفسه، مشيرا الى: ان الموضوع المطلوب نشر بقلم شخص اخر في احدى الصحف العراقية (الثورة) ما دفع السيد جاسم الى كتابة رد حاد يفند تلك المزاعم، لكن ما كتبه رفض نشره، واوصل الى اعلى السلطة ليعتقل عقب ذلك السيد جاسم اعتقاله الاخير الذي فقد فيه حياته.

وتابع نجله علي: الاشهر الاخيرة قبيل اعتقاله وتغييبه والذي نعد مصيره تغييبا حتى الان لعدم الحيازة على مستمسك او اي دليل يثبت واقعة الجريمة التي ألمت بالسيد جاسم الذي يعد من احد كبار الفلاسفة والمفكرين، كان مهموما وينتابه الاسى لما يشهده البلد وقد اختار لنفسه سكنا في مدينة كربلاء كان قد هيأه قبيل اجتياح الكويت، وقد قيل انه اسهم في ارشاد قيادة الانتفاضة الشعبانية بعد ان استعانوا به، الا انه رجع الى بغداد بعد ان هجس عدم الاستعداد الكامل للقوى المعارضة.

وافاد: هذه المعلومات ادلى بها شخص نتحفظ عن ذكر اسمه كان مقربا من السيد جاسم ولازمه سنين طوال، حيث انه بعد اعتقال السيد جاسم كانت الانباء تتوارد بشكل متقطع عبر تساؤلنا عنه بطرف خفي خشية استهدافنا من قبل السلطة، الا انها كانت متضاربة ففي وقت ذكرت انباء ان الاخ غير الشقيق لصدام حسين وكان يشغل مدير عام الامن المدعو سبعاوي ابراهيم الحسن هو من نفذ حكم اعدام السيد جاسم بعد اعتقاله باشهر معدودة، كانت تردنا انباء اخرى ان السيد جاسم كان موجودا في زنزانة منفردة او مع المحكومين بالاعدام في حاكمية المخابرات حتى عام 1996،مرجحا: ان المعلومات التي كانت تتوارد عن بقاء السيد جاسم حيا حتى عام 1996 انها تورية انتهجتها اجهزة السلطة للتستر على جريمتها، مبينا ان: جهات عدة من المنظمات والشخصيات، عراقية ودولية، طالبت بكشف مصير السيد جاسم واعتقد انها اثارت رأس السلطة تجاه السيد جاسم سيما ان هناك مواقف مشرفة للشهيد كان النظام السابق قد عدها اشارات لتعرية حقيقة النظام في كبح الحريات وسيطرة الدكتاتورية وذلك من خلال كتاب التقارير الذين تفانوا في خدمة الجهات القمعية من اجل المكاسب الشخصية.

وعن مجموعة الاسباب التي تم تداولها بشأن تصفية المفكر اوضح علي عزيز: ان الكثير من الانباء وردت الينا الا اننا لا نستطيع تأكيدها او نفيها كون السيد جاسم لم يكن يطلع احدا اذا ما عزم على قرارات خطيرة، الا ان واحدا من الاسباب المؤكدة هو رفض السيد الكتابة عن صدام وجدلية العلاقة الفكرية بينه وبين حمورابي او نبو خذ نصر على ما اتذكر، وكان من اوصل الامر الرئاسي الذي تبنته المخابرات في نهاية الثمانينياات القاص والمترجم خضير اللامي بصفته الادبية وبتكليف من عمي الدكتور محسن الموسوي الذي جاءت المخابرات بالامر اليه ليوصله الى السيد جاسم ويمكن الرجوع الى اللامي الذي نشر تلك التفاصيل في صحيفة الصباح في عدد سابق والذي اوضح فيه انه حينما ذهب الى السيد جاسم ليخبره بالامر كان حرجا جدا الا انه تفاجىء بعلم السيد جاسم بالموضوع واعطاه الاجابة التي كانت رفضا صريحا ولكن غير مباشر وذلك عبر وضعه شروطا تعجيزية منها الاقامة مع افراد اسرته في مصر وتهيئة مصادر باهضة اضافة الى شروط اخرى لتقابل رسالة السيد جاسم بالرفض، ولتاتي بعدها قضية الكتابة عن الاهوار.

وذكر: ان الاسباب الحقيقية ليست حديثة العهد بل ترجع الى منتصف السبعينيات عندما اصدر صدام عقوبة جردت السيد جاسم من المميزات التي كان يتمتع بها منها انزال درجته الوظيفية من مدير عام الى مدير في وزارة الزراعة،عندها فهم السيد جاسم الرسالة، وقدم طلب احالته على التقاعد فورا كونه رجل فكر وليس من اختصاصه الزراعة،عندها قبلت الاحالة ليتفرغ بعدها المفكر الى الابداع والف عشرات الكتب التي ما ان ترجع اليها تجد وبوضوح استشفه الدكتور حامد الظالمي عضو مجلس محافظة البصرة ونشره في دراسة قيمة في عدد سابق من صحيفة الزمان الانتقادات الحادة لسياسة الدول والحروب التي خاضتها و ما افرزته من تأثيرات سلبية على البلد اضافة الى غياب المنهج الوطني والسياسة المعتدلة فضلا على تاليفه ثلاث روايات وعشرات القصص التي ينتقد فيها الاقصاءات السياسية للاحزاب الوطنية والممارسات القمعية ضد الاراء الحرة وعمليات تعذيب المعارضين والسجناء وغيرها من مجموعة انتقادات وتقويمات لا يمكن حصرها الا في طيات الكتب التي ضمنتها.

وذكر البيان عن الراحل انه قامة ضاربة في علياء الادب وموسوعة فكرية جوالة نادرا ما لم يمر الادباء والمثقفين على واحد من مؤلفاته ومنجزاته التي تجاوزت الخمسين مؤلفا وكتابا اضافة الى مئات الدراسات والمقالات في مختلف المجالات الفلسفية والفكرية والادبية والثقافية المتنوعة، انه المفكر الكبير وشهيد الكلمة والموقف الاديب الشهيد عزيز السيد جاسم الذي عانا الامرين وهمشت حقوقه من قبل انظمة الحكم قبل وبعد عام 2003.

وفي ختام بيانها جددت لجنة تقصي مصير المفكر عزيز السيد جاسم دعوتها الى من لديه اية معلومات او مستمسكات من الممكن الافادة منها في معرفة مصير ما آل اليه حال المفكر او مكان رفاته الى الاتصال بالمركز.