اختار المصور الصحافي كريم كلش اللجوء الى الة التصوير لنقل الواقع المرير الذي يعشيه العراقيون، املا ان تشكل الصور التي يعرضها رسالة للمواطنين لانتخاب من يمكنه ان يغير تلك الصور ويلغيها من حياة العراقيين.

بغداد: على مسافة عشرة ايام من الانتخابات البرلمانية في البلاد، كان هنالك صوت اراد ان يدعو المرشحين والناخبين على حد سواء الى ان يروا ويتأملوا ويتفكروا ومن ثم يقرروا قبل ان تنغمس اصابعهم بالحبر البنفسجي، هذا الصوت كان عبارة عن صور فوتوغرافية ألتقطها المصور الصحافي كريم كلش على مدى اشهر، ليقيم بها معرضا في قاعة مدارات المحاذية لكلية الفنون الجميلة في بغداد، ولكن الغريب ان الصوت استرعى انتباه زملائه المصورين والاعلاميين وبعض طلبة الكلية فيما غاب عنه المرشحون، لكن المصور كلش لم يهتم لذلك بقدر ما كان يقول انه قام بما يحتم عليه القيام به ليعطي انطباعا مؤثرا عن ضرورة الاهتمام بالناس اكثر، وهي رسالة للمواطنين لانتخاب من يمكنه ان يغير تلك الصور ويلغيها من حياة العراقيين.

خمسون صورة.. هو عدد الصور التي علقها كلش على جدران القاعة، صور تناولت الحياة اليومية العراقية، لكنها ليست صورا عادية بل يمكن الاشارة اليها بالقول انها تمثل الجانب الاكثر مأساوية، لان كل صورة كانت تنطق بالكثير من الانفعالات والمشاعر التي تجعل الناظر اليها يقطر أسفا، صور تتحدث عن طفولة بائسة تبحث في النفايات عن احلامها، عن شيخوخة منكسرة لاترى سوى الضباب، عن اناس يسكنون بيوت الصفيح التي تعزف لهم موسيقى الخوف، عن عذابات النسوة اللواتي لا يعرفن متى ترفع عن كواهلهن الاوجاع، عن انتظارات شتى لاشياء كثيرة، عن محن عديدة ما زالت تقوم في البيوت والشوارع.

يقول كريم كلش عن معرضه: هذا هو معرضي الشخصي الرابع خلال السنوات السبع الاخيرة والتي فيها احاول ان انقل شيئا من الواقع، من قصة الزمن في هذا البلد الذي ابتلى بالعذابات والازمات والمشاكل، وكنت التقط الصور التي تثيرني اولا كمواطن، التي تشعرني بالرثاء للحال الذي نحن عليه، فكنت اردد مع نفسي ان لامعنى لكاميرتي ان لم تكن صادقة وتقول الحقيقة، لذلك ذهبت أتتبع حياة الناس الفقراء في مناطقهم وفي الاماكن التي هجروا اليها، وكنت واحدا منهم، بعد ان اجبرتني الظروف مثلي مثل معظم العراقيين المهجرين على ترك بيتي والسكن بالقرب من مساكن الصفيح، كنت اسجل حياتهم اليومية وقلبي يتوجع، فليس باليد حيلة غير ان التقط الصور واعبر بها عن مشاعري.

واضاف كلش: الصور.. تتكلم ولن أضيف عليها اي شيء، فهي تغني عن الكثير من الكلام، ولكنني أتمنى ان تصل الى مخيلة البرلمانيين الذين أمطرونا بوعودهم الوردية وكلماتهم المعسولة، ولم نزل ننتظر الحصاد، وكنت متعمدا في اقامة المعرض في هذا الوقت ليكون محاولة مني للتذكير بما يحمله الواقع العراقي الذي يجب على الذاهبين الى مقاعد مجلس النواب الانتباه اليه والاهتمام به وتغيير ملامحه نحو الافضل.

في القاعة.. كانت العيون لا تستغرب ما ترى كونها تشاهد ذلك على ارض الواقع، ولكنها كانت تتأمل في اللقطات والملامح والتفصيل المرسومة بالضوء واللون والظل، وهو ما استرعى انتباه الناظرين، فقال الفنان الفوتوغرافي نبيل الشاوي: ان معرض كلش يتضمن التفاتات انسانية بحتة، تدوس بشدة على الوجع العراقي الذي رافق حياة العراقيين منذ عقود مضت، وكريم كلش مصور صحفي مميز وفنان بارع في اقتناص اللحظات الهاربة ليؤرخها على لوح حساس ويقدمها اخيرا للمتلقي على الرغم من عدم مراهنته على انثيالات الظل والضوء.

وقال المصور المخضرم لطيف العاني: كريم كلش مصور مثابر يحاول ان يعكس واقع الحياة العراقية للمتلقي وانا اشد على يديه، واضاف: ان الصور اكثر من مؤلمة، في الوقت الذي كنا ننتظر فيه صورا اجمل وطفولة تنعم ببرائتها ولكن.. هذا هو الواقع.

اما المصور علوان الصافي فقال: في هذا المعرض نقل كلش بعدسته حكايات عراقية مؤلمة، فنجح في تأجيج المشاعر وان كنا على صلة يومية بهذه التفاصيل، ولكن الصورة تجعلنا نتوقف امامها ونحاكيها، فكانت عدسة كلش صادقة ومعبرة، وارادت ان تذكر عسى ان تنفع الذكرى خاصة انه اقام معرضه هذا قبل الانتخابات.

يذكر أن كريم كلش هو احد المصورين الصحافيين الجيدين، يعمل في الصحافة العراقية منذ ثلاثة عقود، وشارك في العديد من المعارض التي اقامتها جمعية المصورين العراقيين في الداخل والخارج وحصل على العديد من الجوائز.

في ما يلي مجموعة من الصور: