لم تترك السينما موضوعًا إلا وتناولته، خصوصًا بعدما تحولت إلى تجارية وباتت صناعة يتوجّب عليها تلبية كافة الطلبات التي تردها من أنحاء العالم، لتغذية آلاف الصالات والنوادي. ولم يكن ينقص تقنية المؤثرات الخاصة والمشهديَّة سوى التطور المذهل الذي دخل عليها مع حضارة الإنترنت، حيث بات كل مستحيل متاحا إلى حد الذهول: يمكن للمرأة أن تحمل من امرأة كما يمكن تصنيع مخلوق أنثى وذكرًا في آن.

محمد حجازي من بيروت: quot;سبلايسquot; عنوان فيلم الـquot;فانتازياquot; العلميَّة الذي أنجزه أوروبيون، وتصوّروا فيه إمكان الفوز بمخلوق قادر أن يكون أنثى متى شاء أو ذكرًا متى قرّر ذلك.هذا ما توصلت إليه قريحة المخرج الإيطاليّ quot;فنسنزو

المخلوق درين بمظهر أنثوي

ناتاليquot; الذي كتب السيناريو بالتعاون مع quot;أنطوانيت تيري براينتquot; وquot;دوغ تايلورquot;، بحيث أطلقوا إلى الحياة المخلوق الحي quot;درينquot; وتؤدي الدور بامتياز الممثلة quot;ديلفين شانياكquot;. فبعد أبحاث أعدَّها العالمان كليف (أدريان برودي) وألسا (سارة بولي)، تمكّنا من تحقيق تفوّق في بحث أوكل إليهما. إلا أنَّ الإدارة الرسميَّة استمهلت العالمين كليف وألسا، ريثما ترتب الأوضاع الجديدة للتعاطي مع الإنجاز الذي حقّقاه.
ووسط استغرابهما هذا الأسلوب، قرّرا المتابعة غير عابئين بإجراءات الإدارة، وانعزلا في المختبر لدراسة إمكانية تطوير المخلوق الذي حصلا عليه.
مخلوق صغير
تتكلّل تجربة كليف وألسا بالنجاح، فيظهر فجأة مخلوق بحجم الهر يتحرك بحيوية ثم يقفز، ويروح يكبر بسرعة الى أن يصبح بحجم كلب. تتولّد لدى ألسا رغبة جامحة في التقرب من quot;ابتكارهاquot; الجديد، وهي لا تدري كنهه بعد. خلال وقت قصير، تكبر quot;درينquot; أكثر ليذهل العالمان لما وجداه أمامهما: شابة جميلة كلها آدميَّة باستثناء الرجلين والذيل الطويل. يعمد العالمان إلى التواري بها عن الأنظار، وتخبئتها في منزل مهجور تعود ملكيّته لأهل ألسا، حيث يمضي الثلاثة ليلتهم هناك.

مشاعر الإغواء واضحة

وعلى الرغم من وضعها في غرفة لوحدها، إلا أنَّ quot;درينquot; تسترق النظر إلى العالمين وهما في وضع عاطفي. تطبع في مخيلة درين المشاهد التي رأتها، وتستغلّ غياب ألسا عن المكان لتداهم كليف وتنفذ معه ما كان قد فعله مع زميلته العالمة. في التوقيت نفسه، تعود ألسا إلى المنزل لتجد درين وكليف يمارسان الجنس. ردّ فعل ألسا الغاضب ما لبث أن هدأ حين أقنعها كليف بأن درين تمتلك جيناتها نفسها، وبالتالي فإنَّ الانجذاب الذي عبرت عنه طبيعي جدًا.
كلام كليف أسعد ألسا، فراحت تعتني بـ quot;درينquot;، خصوصا الماكياج وكحل العينين حتى اذا ما نظرت الى وجهها في المرآة اندهشت وبات تفكيرها أنثويا بالكامل. وهنا كانت قضية جديدة نجح السيناريو في مفاجأة المشاهدين بها، ففي لحظة غضب، توجّه ألسا صفعة لـ درين التي تبادرها بدورها بنظرة حقد غريبة، وتتوجّه إلى سطح المكان وتفرد جناحيها محاولة الطيران. يلحق بها العالمان ويطلبان منها بإلحاح العودة، إلا أنَّ درين ترفض الاستجابة وتطير من على السطح. يخرج كليف وألسا للبحث عنها، ليجدا درين تأكل حيوانًا بريا، وذلك بتأثير النصف الحيواني في تركيبتها.
يلاحظ العالمان أنَّ شيئا ما قد تغيّر في تصرفات درين، فتعمد ألسا الى ضرب درين برفش على رأسها. تسقط درين جثّة هامدة، فيتصوّر

ألسا وأمامها درين التي هاجمتها واغتصبتها

العالمان أنَّ مخلوقهما قد مات، فيعمدان الى دفنها.
بعد قليل، تنفض درين التراب من فوقها وتطير إلى أعلى شجرة، ثمّ تنقضّ على شقيق كليف ويدعى غافن (براندون ماك غيبون)، وتغرقه وتتبعه بـ كليف وترميه.
ليأتي المشهد الغريب، حيث تدفع درين العالمة ألسا بقوّة إلى الأرض ثم المشهد الأكثر غرابة وجرأة، تغتصب درين العالمة ألسا مستعملة ذيلها، لنواكب المشهد الأخير حيث تبدو ألسا حاملا في مرحلة متقدمة. والغريب هنا أن درين لم تحمل من العالم كليف.
أي رسالة.. سبلايس
لم تفهم الرسالة التي أراد الفيلم إيصالها، ولا القصد من تقديم مخلوق واحد بامكانه أن يكون أنثى اذا أراد وذكرا حين يقرر ذلك، الأمر الذي يطرح التساؤل ما اذا كان يمهّد للتواصل مع أفكار أخرى ينوي الفيلم طرحها في الجزء الثاني.
لكننا واقعا نريد اعتبار ما شاهدناه موقفا من فريق الفيلم يقول إنَّ أحدا لا يستطيع بلوغ مرتبة الخلق الكاملة، فها هو المخلوق نصفه إنسان

مظهرها بالكامل وتبدو رجلاها وذيلها

والنصف الآخر حيوان، ويمارس دور الأنوثة والذكورة في آن، ويكون إنسانا حنونا في لحظة ثم يتحول إلى حيوان مفترس في لحظة أخرى.
هذا المصنّف السينمائي من النوع الجدير بالدراسة، وكونه صناعة أوروبية يجعل المشاهدين يأخذونه على محمل الجد، بعدما اعتادت هوليوود على بث الأفكار الخرافية لترد على أيّ سؤال محرج بالقول quot;هذه سينماquot;.
الفيلم توزعه غومون، احدى أكبر الشركات الأوروبية، ومقرها باريس. مدته 104 دقائق. وقد صورت مشاهده في عدد من المناطق الكندية، وتكمن خصوصية الشريط في كونه عفويًا لايستعرض عضلاته التقنية، فيشعر المتابع أنَّ كلّ شيء يعبر بشكل عادي جدًا.