عبد الجبار العتابي من بغداد: صدر للمعماري العراقي المعروف قحطان المدفعي كتابه الذي يحمل عنوان (فكر ابي نؤاس) عن مجموعة دار الهنا للعمارة والفنون،ويقع في 176 صفحة وجاءت الكتابة على صفحة واحدة من كل ورقة في الكتاب، وقد تزين الغلاف الذي هو من تصميم المؤلف ايضا بثلاثة ابيات لابي نؤاس هي:
(ايا رب وجه في التراب عتيق / ويا رب حسن في التراب رقيق
ويا رب حزم في التراب ونجدة / ويا رب رأي في التراب وثيق
ارى كل حي هالكا وابن هالك، وذا نسب في الهالكين عريق)
كما تضمن الكتاب العديد من الاشكال والرسوم وهي من وضع المؤلف الذي اشار في فهرس الاشكال للتوضيح في الصفحة خاصة بعد صفحة الاهداء الذي جاء فيه: (الى طيب الذكرى المغفور له صديقي الاديب الساخر صاحب الفراسة العميقة الناقد الاجتماعي البغدادي الاصيل يوسف داوود عبد القادر الذي كانت حياة ابي نؤاس وشعره دوما على لسانه وفي قلبه لما كان يشعر له من تقارب فكري وذوقي)، كما اشار المؤلف الى تواريخ ذات علاقة بالموضوع مثل: ولادة ووفاة (الحسن بن هانيء ذو النؤاسة (ابو نؤاس) 145-199 هجرية، المصادف 763-814 ميلادية، وبناء بغداد المدورة سنة 754 ميلادية، والامويون في العراق 664-750 ميلادية، والعباسيون في العراق 750-1258، وعند تولي هارون الرشيد الخلافة (754-776) كان عمر ابو نؤاس (11 سنة)، وفرض المأمون الفكر المعتزلي (827) وأنشأ بيت الحكمة (830)، وولادة سيبويه (703).
يقول المدفعي، وهو شاعر ايضا: كأي كتاب او شعر او موضوع فلسفي فأن قراءة ديوان ابي نؤاس تقع في تفسيرات مختلفة حيث قصائد هذا الشاعر بالذات تقبل التفاسير العديدة، فالمتمسكون بالاداب والخلق الدينية يرونه كافرا في الدين والعقيدة وزنديقا خارجا عن الاسلام، اما المؤرخون العرب فيعتبرونه شعوبيا لانه كان يفضل اهل المدن والحضارة على اهل البادية والبداوة، واذا اخذنا طيف القناعات والتفسيرات في الوطن العربي فأننا نرى ان هذا الشاعر مقبول في بلد عربي وغير مقبول في اخر.
ويضيف: لقد عاش ابو نؤاس في زمن ومكان يحتاجان الى فهم وتصور، كان العراق قبل الغزو الاسلامي بلدا فارسيا في الحكم وانه عاش لفترة تحت الحكم الاموي ولكن تلك الفترة لم تكن كافية لقبل البلد فكريا من فارسي الى عربي، فهناك الكثيرون من الفرس كانوا يعيشون في العراق بلدهم قبل الفتح ولم يفكروا بغيره حيث ان (المدائن) العاصمة كانت في العراق جنوب بغداد بعدة كيلومترات،وابو نؤاس ولد سنة 763، اي انه ولد بعد بناء بغداد المدوة بثماني سنوات، بنيت بغداد المدورة سنة 754، واذا فرضنا انه اتاها من البصرة موقع ولادته في سني صباه فلنقل كان في العشرين فيكون قد عاش فيها وكذلك عاش تطورها ورقيها مدينة كاملة الى الانتقال منها الى الرصافة وتوسعها وامتداداتها واكتسابها اهمية سياسية كبيرة جعلها مركزا عالميا وسياسيا وتجاريا وثقافيا، لذا كانت سيرته تكشف لنا بعض الجو الفكري الذي كان في المدينة والى الحياة المدنية والى النظر الى الفكر الفارسي الذي تم استبداله تدريجيا.
ويؤكد المدفعي: انا اريد ان اوضح بعض الاشياء، اولا هذا الكتاب عليه ثلاثة من ابيات ابو نؤاس، وقد صغتها باسلوبي الذي اعتقد انه يصلح ويناسب ابو نؤاس، فالشعر هو شعر ابو نؤاس والخط هو خطي، ولكن هل من فحوى لهذه الكلمات، نعم ستجد فيها الكثير مما نصنفه فنون الخط والجمال والحسن وحتى يتطرق الى موضوع هو عندما يختفي الجمال، فالصورة فلسفية جميلة يتطرق لها وهي نادرا ما يتم التطرق لها وانا وضعتها خصيصا للتفكير في ابو نؤاس ليس ذلك الشخص الماجن بل ذاك الفيلسوف المتبحر.
وأوضح: ابو نؤاس هذا الشاعر الذي امتلك ادوات التفرد في النظر الى شكل وطبيعة بناء القصيدة اختلف عن الاخرين وجيله من خلال التمرد على بناء القصيدة وتأتي رغبته هذه ليقدم تصورا عن الانسان ابن عصره، لذلك رفض المقدمة الطللية في بناء القصيدة، ويأتي هذا الكتاب بوصفه قراءة دقيقة لشعر ابو نؤاس ويتضح من خلال هذه القراءة الكثير من المعلومات عن ذلك العصر بما يتضمنه من ذوق عام وشكل وطبيعة الحكم وغيرها من المعومات التاريخية.
وبهذه المناسبة أقامت (مجموعة دار الهنا للعمارة والفنون) بالتعاون مع مؤسسة اتجاهات الثقافية حفلا لتوقيع هذا الكتاب بحضور عدد كبير من المثقفين والأدباء والنقاد العراقيين الذين تحدث بعضهم عن المحتفى به انسانا وفنانا وشاعرا ومعماريا كما تحدثوا عن كتابه الجديد الذي هو واحد من مجموعة كتب ستصدر قريبا عن الدار هذه مؤكدين احترامهم لشيخ المعماريين العراقيين.














التعليقات