الزمن يتطاير كرداء قاتم
المكان يتقلص لمساحات منخورة
النفس المطمئنة، قلقة، قلقة كثيراً، من شدة الزحام
الأشياء التي تطير... صارت لا تطير
الحروف التي تعلمناها... نكاد ننساها
أقمار السماء فقدت نضارتها... لاأحد يتغزل بها
طيور الليل لا تغني... بُحّت حناجرها الرقيقة من النوح
عيون الأطفال حزينة... حزينة... من كل شيء
النهر الوحيد في قريتي في طريقه الى الجفاف... الألم يحاصر حوافه
الإنسان في طريق التيه... تيهه مُعلن ومعروف... لكن... كل ما يدور حوله مبهمٌ وثـقيل
ترى... أين المفر ؟ من عالم فيه كل هذا الحزن، كل هذا الجور، والتشتت، والأنين.
لم يبق في قاموس الأبجدية ألّا الضحية والجلاد... والرب !
أيْ رَبْ... علمي بك، لا ترضى بهذا، ولا بأقل أقل من هذا، أنت رحيم، ودود، تحب بني البشر
أيْ رَبْ... أنا والجلاد ندعيّ محبتك، وكلانا ينطق باسمك ساعة الألم وساعة القتل... لكني أنا وحدي، من يتلوى و... يموت، يموت.
أسألك أيْ رَبْ : هل تسمع صوتي ساعة ذبحي ؟ فقط لأطمئن !
سيدي أيها الزمن المرهق من كل هذا... ولا أريد أن أقول لك ما كل هذا، حتى لا أزيدك هما بهمي... نعم... سيدي أيها الزمن المرهق، عذراً من قراري القادم بعزلك ! نعم، عزلك من قاموسي.
وأنتَ أنتْ، أيها المكان المعتم... انتظرتك طويلاً، لكنك، لم ترسل النور الى ساحاتي، ولا رأيت ألمي... نعم... ومن الألم شعّ مني شيء وأشياء لم ترها... لم تفهمها... أو لربما، تجاهلتها... فاعذرني، لأني أريد أن أغادرك ! ولا تسلني : الى أين ؟
أما أنتْ، أيها الآخر... وكل ما فيك من أسباب تعبي، وشقائي، وحزني، أنتْ، وكل ما تحمل من زَبد هذه الحياة المهزلة، وترى فيها ذاتك المسلطة عليّ بلا حق... قررتُ ترك زمانك ومكانك وهجران ذاتك، لأنطلق الى هناك... هناك.
أريد أن أرحل، وسأرحل
من كل هذه الكوابيس، والأخبار، وكل هذا الشؤم، وهذه الوجوه الزرقاء، التي لا أدري كيف هي راضية مرضية بحياة كهذه ؟
سأرحل، وليرحل معي من يشاء، لكن، أن لا يكون من صنف البشر ! هذا الكائن العجيب
سأرحل... بعد كل هذا الطوفان... من أجزاء الآدميين، ومقاطع الصراخ، والدخان المتطاير، والشعور بالفجيعة.
البشر يموتون
العرب قادمون !
اللحوم الطرية للأطفال، بعضها تشويها النيران وبعضها تتطاير... تتطاير، كفراشات مجهرية في فجر قروي
الموت صار علناً
لم يبق مشهداً مروعاً لم نره
ولم تبق حرمة في كرامة
أريد ترك كل هذا... والرحيل... الهروب... الخيانة... سمّها ما شئت.
الى عالم ليس فيه هذا الحزن... هذه الأصوات... هذا الزحام... هذه الألوان
الى عالم آخر... في زمان ومكان آخر
الى وطن آخر غير هذا... الـ... و... ط... ن
الى وطن افتراضي... أريد أن أسوّيه { وعلى مزاجي } !
- آخر تحديث :













التعليقات