يوسف يلدا ndash; سيدني: يقوم ماريو آموروسو في كتابه quot;ظلال حول إيسلا نيغراquot;، الذي صدر حديثاً، بالتحقيق في أسباب وفاة الشاعر بابلو نيرودا والغموض الذي إكتنف أيّامه الأخيرة.
ويتناول الصحافي الإسباني ماريو آموروسو، بعد مرور 39 عاماً على وفاة الشاعر التشيلي بابلو نيرودا، في كتابه الذي صدر قبل أيام تحت عنوان quot;ظلال حول إيسلا نيغراquot;، مجموعة من الأسرار التي أحاطت بموت مؤلف quot;أشهد أنني قد عشتquot;، حيث أشيع مرة أنه مات نتيجة إصابته بمرض السرطان، وفي المرة الأخرى بالسكتة القلبية، وأخيراً بحقنه بمادة مميتة.
ويقول آموروسو في لقاءٍ مع وكالة quot;إيفيquot; الإسبانية quot;أطرح في الكتاب سؤالاً عن إحتمال أن يكون نيرودا قد مات مقتولاً، غير أنني لا أجيب على ذلكquot;.
وكان نيرودا، الذي منح في العام 1971 جائزة نوبل للآداب، توفي في مستشفى خاص في سانتياغو في 23 سبتمبر/ أيلول من عام 1973، أي بعد مرور 12 يوماً على قيادة أغوستو بينوشيت الإنقلاب الذي قاده الى الحكم. وحسب شهادة الوفاة أن الشاعر توفي بسبب إصابته

بابلو نيرودا مع زوجته ماتيلدا أورّوتيا

بمرض سرطان البروستاتا.
وكانت زوجة نيرودا الثالثة ماتيلدا أورّوتيا قد أكدت طوال سنوات على أن الشاعر quot;لم يقتله مرض السرطانquot;، بل أن موته جاء نتيجة سكتة قلبية. وقد إنتشرت رواية إحتمال أن يكون نيرودا قد مات مقتولاً، اثر إعلان سائقه السابق مانويل أرايا تفاصيل الساعات التي سبقت وفاته. وكانت المجلة المكسيكية quot;بروسيسوquot;، نشرت العام الفائت مقابلة مع أرايا الذي يقيم هذه الأيام في مدينة quot;سان أنطونيوquot; التشيلية، أكّد فيها إحتمال أن يكون نيرودا قد قُتل على يد عميل تابع لنظام بينوشيت. وأن حقنة مميتة كانت الآلة التي إستُخدمت لتنفيذ ذلك.
وأشارت صحيفة quot;لا تيرسيراquot; التشيلية الى أن الأحداث التي رواها أرايا كانت أبعد من أن تكون مجرد إشاعات، حيث لا تزال العدالة التشيلية، ومنذ عام 2011 تحقق في موت نيرودا، بعد دعوى قضائية تقدم بها الحزب الشيوعي الذي كان الشاعر عضواً فيه. وطبقاً لليومية التشيلية، فقد تم جمع شهادات أخرى، والتي على ضوئها يطالب الحزب بإستخراج رفات نيرودا والتحقق من الأسباب التي أدت الى وفاته.
وذكر القاضي ماريو كارّوسا، الذي يشرف على التحقيق في هذه القضية، أن المستشفيات الثلاث التي خضع فيها بابلو نيرودا للمعالجة خلال العام 1973 لا تحتفظ بالتقارير الطبية الخاصة بالشاعر، رغم وجود قانون تشيلي ينص على الإحتفاظ بالوثائق الطبية لمدة 40 عاماً.

غلاف أحدث كتاب عن موت بابلو نيرودا
وفي حديثه الى وكالة quot;إيفيquot; الإسبانية، أشار آموروسو الى أن quot;الكتاب يبعث برسالة مفادها أن موت بابلو نيرودا يكتنفه الكثير من الغموض. وهناك أسئلة لا حصر لها حول إحتمال أن يكون مات مقتولاًquot;. مضيفاً أيضاً وجهة نظره التي تقول quot; أن سبب موته قد مرده المعاناة العميقة التي ألمّت به نتيجة الإنقلابquot;.
وتشير رواية أرايا التي ضمّها كتاب quot;ظلال حول إيسلا نيغراquot; الى أنه في 23 سبتمبر/ أيلول من عام 1973 طلب بابلو نيرودا من ماتيلدا أورّوتيا وسائقه السفرالى quot;إيسلا نيغراquot; لجلب البعض من متعلقاته الموجودة في المنزل الخاص بهم، والذي كانوا يقيمون فيه هناك. وكان كل من نيرودا وزوجته ينويان العيش في المنفى في المكسيك. يقول آموروسو quot;عندما وصلا الى إيسلا نيغرا، تلقيا إتصالاً هاتفياً من بابلو نيرودا يخبرهما أنه تلقّى حقنة مريبة في بطنهquot;. وبعد عودتهما الى سانتياغو، وجدا نيرودا مصاباً بحمى. حينها طلب أحد الأطباء من أرايا أن يذهب لجلب دواء، لكن في تلك اللحظة تم إلقاء القبض عليه، ومن ثمّ أقتُيد الى quot;الإستاد الوطنيquot; في سانتياغو، حيث تم تعذيبه.
ولكن أورّوتيا أكّدت عكس ذلك، وأن الرحلة الى إيسلا نيغرا كانت قبل يوم، أي في 22 من سبتمبر/ أيلول، وأنه لدى عودتهما الى العاصمة وجدا نيرودا شديد التأثير والقلق إزاء أنباء القمع الدموي للنظام. في تلك اللحظة، وإستناداً الى ما رواه في مذكراته، دعا أرايا إحدى

الممرضات التي أعطته حقنة مهدئة أغرقته في حلم لم يستيقظ منه أبداً.
ويرى الصحافي الإسباني أن الشكوك والتناقضات التي أحاطت بالروايات المتباينة حول موت بابلو نيرودا لا يمكن أن تزول إلاّ من خلال نبش قبره وتحليل رفاته التي ترقد حالياً في إيسلا نيغرا.