ترجمة عبد الرحمن الماجدي: تعتبر الشاعرة ترين سوميتس Triin Soomets (ولدت العام 1969) من أكثر الشاعرات الاستونيات بروزاً. يمتاز شعرها بالتركيز على داوخل النفس البشرية المظلم منها بشكل خاص، مع لمسة ميتافيزيقية يمكن ملاحظتها في نصوصها. لا تؤمن بالمحرمات أمام القصيدة، كما توظف تفاصيل كونية في قصائدها لتجعلها مع التفاصيل الانسانية كتلة واحدة.
أصدرت منذ العام 1991 أكثر من 15 كتاباً شعرياً، وتُرجمت قصائدها الى نحو عشرين لغة منها الألمانية، الإنجليزية، الهولندية، الفرنسية، السلوفينية، الفنلندية، البولندية ، السويدية، البرتغالية، الروسية، الهنغارية، الألبانية، اللاتفية، الليتوانية ، الرومانية ، الاسبانية، البلغارية، المقدونية والهندية. درست ترين سوميتس علم اللغة في جامعة تارتو (جنوب شرق استونيا) التي تعد بمثابة العاصمة الثقافية لاستونيا. من كتبها الشعرية: خصائص الاشياء 2013، قطار نائم 2013، لماذا أنت بلا ذيل؟ 2012، مسائل خفية 2009، خارج 2006، مواد خام 2004، العقد الثاني2004، رزمة بطاقات- 1 2001، رزمة بطاقات- 2 2007، رزمة بطاقات- 3 2011، عطش في المعصم 1994، عطش في الالة 1994، مدينة زرقاء 1991.
نالت عدداً من الجوائز الأدبية من أهمها جائزة يوهان ليف (1864 -1913)الشعرية.

هنا مختارات من قصائدها:

أستطيعُ الاختيارَ
مثلكَ تماماً
تكونَ أو لا تكونَ
ضحيةً
إذا كنت قد اخترت مسبقاً
فلديك أسئلة أقل لتطرحها
الآخرونَ
لديهم أكثر.

***
هذه المدنُ التي أحببتَ،
متماثلةٌ على نحوٍ ما،
في أي مكان حول العالم.

فيها زوايا الشوارع ذاتها،
تعكسُ النهرَ ذاتَه،
الغيومُ ذاتُها تنسابُ.

متشابهةٌ بطريقةٍ ما،
كلّها مسقطُ رأسكَ.

***
أنتَ تشهقُ وتزفرُ
كلَّ أرواحكَ التسعَ،
كلّ ميتاتك التسعَ.
الحكيمُ لا يتسرع،
الحكيمُ يتفهم.
حينما يحتاجُ بعض المساعدة،
وحينما يُحتاج لعونه،
وحينَما يكون ذلكَ كافياً.

***
الوالدانِ يمنحان الجَسدَ
مَن الذي يمنح الروحَ؟
مالذي يمكنكَ فعله بكلَّ ذلك؟
ما اليقين وما الآمانُ؟
ذلك أن الليل يهبط،
حينما المفتاحُ لا يفتح باباً،
حينما البيتُ ليس بيتاً،
حينما لا شفاءَ لكَ،
فلا ماءَ ولا أرضَ ولا نارَ أو هواء.
لا شيءَ ينتظركَ.
لكنَّ شيئٌا ما سيشفيك.

***
إذا كان قد حدثّ لكَ،
فسيحدث ثانيةً.
إن لم يكنْ،
فلنْ يحدثَ.
افعلْ ماتستطيع.
افعلْ ما لا يقاوِم.
يمكنكَ قيادة المركبِ،
لا التيارِ.

***
كولكتا

وسخُ الشوارع
تحت أظافري.
وسخُ الشوارع،
تحت جفنيّ.
وسخُ الشوارع،
تحت لساني.
وسخُ الشوارع،
تحتَ جلدي.
توهجُ وسخ الشوارع،
هو الشئُ الوحيد الذي يستحق
أن يقال عنه
خاصتي.
***

ليسَ سوى الظلامِ والظلالِ،
عيني لا ترمش،
هلعةٌ من صدمة غريبة.

البلدانُ والأرقام تتغيرُ،
الألوان والنغماتُ تتلاشى،
أصبعي يتعفنُ، خاتمي يتسعُ ويبهت.

الصباحُ يتشظى في الأفقِ،
كلّ شيءٍ مجمدٌ وغيورٌ،
كما لو ينتظرُ النومَ أو الرحمةَ.

السنواتُ تنزلق كما الساعات،
ما من أثرٍ بقي في الرمال،
ما من شكلٍ يلقي ظلاً.

***
إذا ضغطتني على الجدارِ،
لن تمسك بي،
بل اني أستطيعُ لمسك برقةٍ كبيرة،
حد أن كلّ خلية فيك ستجفل.

***
عن ماذا تكتبين؟
سألني شاعرٌ أردني.
عن الحبّ، أجبتُ،
لا شئَ آخر سوى الحب.
وافقني الشاعر الأردني،
حقاً لا شيءَ آخر.
عندما قرأَ قصيدته بالعربية،
كانت الدموع تسيلُ على خديه.
قصيدة عاطفية، أعتقدتُ.
عندما قُرئت ذات القصيدة بالانكليزية،
كانت تتحدث عن عائلته، التي قُتلت أمامَ عينيه-
والديه،
أخوانه،
أخواته،
وزوجته.
لم يتبق شيءٌ.
لا شيء آخر سوى الحب.

***
سأمنحكَ قلبي، لكني لا أستطيع العثورَ حتى على شذا أزهارهِ،
لقد فقدته في مكانٍ ما، حيثُ كان شخصٌ يتجولُ
تحت أشجارٍ ذهبيةٍ في عتمةٍ ممطرةٍ بجفونٍ مبللةٍ.

سأمنحك الليلَ، لكني لا أستطيع العثورَ على النجم الذي يعلنُ سطوعُه نهايةَ النهارِ.
في الصباح عليك إبقاء شفتيك على شفتي.
خذني في منتصف يوم مشمس.

سأمنحك نفسي، لكني لا أجد حتى أثرَ قدمٍ غارزٍ في الرمال،
سَتقبضُ على الريحِ وتتبعُ الظلالَ،
بخفةٍ لا يسمعها أحدٌ.

***
بناتٌ طيباتٌ، بناتٌ سيئاتٌ

1
البناتُ السيئاتُ يذهبنَ
الى جنّةِ البنات السيئات،
حيثُ يمكنهنَّ فعلَ أيِّ شيءٍ يرغبن.
يَلعبنَ مايشئن،
يمتلكنَ مايشئن،
يُقبّلن من يشئن،
يخلطنَ كلَّ شيءٍ.
ما من اختلافٍ
بين جنّةِ البناتِ السيئاتِ
والأرضِ.

2

البناتُ الطيباتُ يذهبنَ
إلى جنّةِ البناتِ الطيباتِ
حيثُ يمكنهنَّ فعلَ أيِّ شيءٍ يرغبنَ.
يلعبن مايشئن،
يمتلكن مايشئن،
يُقبلن من يشئن،
يخلطن كل شيء.
ما من اختلافٍ
بين جنّةِ البناتِ الطيباتِ
وجنّةِ البناتِ السيئاتِ.

3

البناتُ الطيّباتُ
لم يولدنَ طيباتٍ في الأساسِ،
كنَّ سوياتٍ،
الى أن حدثَ شيءٌ ما.
خائفاتٌ من مشاعرهنَّ الآنَ.
لقد دفنّ كلَّ عاطفةٍ
عميقاً تحتَ ابتسامتهنَ المُسامحةِ.

4

البناتُ السيئاتُ
لم يولدنَ سيئاتٍ في الأساسِ.
كنَّ سوياتٍ،
الى أن حدثَ شيءٌ ما.
خائفاتٌ من مشاعرهنَّ الآن.
لقد دفنّ كلَّ عاطفةٍ
عميقاً تحت ابتسامتهنَّ الفاضحة.

5

البناتُ السيئاتُ والبناتُ الطيباتُ
لا يُحدثهنَ بعضهنَّ أبداً،
لا يذهبن ألى أي مكانٍ معاً،
لا يستطعنَ تحمُّلَ بعضهنَّ بعضاً،
لا يستطعن النظرَ في أعين بعض.
إنهنّ يعرفن لِمَ حصلَ ذلكَ،
يعرفن أن لا جوابَ شافٍ لديهنّ.

6

هكذا توقفنَ عن التساؤلِ.
يذهبنَ الى الشارعِ وحسب.
عصابةُ البناتِ السيئاتِ،
عصابة البناتِ الطيباتِ،
هلْ يرغبنَ في الانتقامِ؟
يذهبنَ الى الشارعِ،
قلوبهنَّ تخفقُ،
أيديهنَّ المتعرقةُ فارغةٌ.
الرجالُ يصرخونَ ويصفرونَ.
لا يَلتفتنَ.

7
يذهبنَ الى الشارعِ،
يدرنَ حولَ الساحةِ،
يدخلنَ ممرّاً ضيّقاً،
مُترقِّباتٍ،
لا يحتملنَ التعثرَ،
أو النظرَ للخلفِ
بعدَ الآن.