بغداد:صدرت للروائي والقاص علي لفتة سعيد مجموعته الشعرية الاولى التي تحمل عنوان (أثر كفي) عن دار تموز للنشر والتوزيع في دمشق، تضمنت 25 قصيدة توزعت على 130 صفحة من القطع المتوسط.
افتتحت المجموعة بمقدمة كتبها الناقد علي حسن الفواز حملت عنوان (علي لفته سعيد.. العالم بوصفه هاجسا شعريا) جاء فيها: يضعنا الشاعر علي لفته سعيد امام فضاءات وجعه الشعري، اكثر مما يذهب بنا الى اغواءات سؤاله الشعري،اذ يرسل الوجع ايحاءاته النفسية والابلاغية، ليوحي بمأزق الشاعر الوجودي ازاء الفقد والغياب وسيولة العمر، وازاء محنة الكينونة وهي تقف ازاء مهددات المحو.
واضاف: قصائد الكتاب الشعري ممارسة في الاستعادة والمواجهة، رؤية للمضمر النسقي وكشفا للخبيء الحسي، وتلذذا باللغة بوصفها قوة الوجود، وبيته السيميائي والتعويضي.. مثلما هي قصائد في الوجود والنفي، اذ تتغور هذه الثنائية عبر يافطات الاسئلة / الهواجس الى ا هو اعمق من مرايا الذات، والى ما هو اكثر فداحة في وجع الجسد.
وفي قراءة انطباعية للمجموعة نجده يفتتح قصائدها بقصيدة عن الحرب كأنه يريد ان يرمي ثقل معاناته في هذه القصيدة ليسترخي بعدها بحثا عن اهتمامات اخرى لكنه لا يستطيع الفكاك منها تماما: (في الحرب، كانت الليالي حمرا، وكان صوت الموت قريبا منا/ يخطف احبتنا، وكان الوطن يربض خلف السواتر/ يحتمب بنا.. فنحميه بعمرنا الممدود/وكانت فاتناتنا/ يجلبن لنا الادعية كحجاب يبعد عنا الشظايا).
في المجموعة.. لابد ان تستوقف عناوين قصائدها القاريء حيث يجدها تترامى في فضاءات متباينة من الشعور بالاسى، لكنه يحاول ان يخرج بها الى مساحات الفرح الذي ينمو في قلبه فيرسم احلامه على صفحاتها، يريد ان يرفع من معنوياته تجاه ما تراكم في ذاته من عناء، ويحاول ان يستبدل المعاناة براحة يبحث عنها في ملاذات يتخيلها ربما، ومهما حاول الابتعاد عن صرخات الوجع الا انها تنبت على شفتيه فيضطر الى ان يقولها بكل ما يحمل من وجع يتسرب الى الورق بألوان مختلفة وبهواجس تتراقص ما بين البوح بكل شيء او الخجل من التمادي، فيهتم ان يسكب كلماته بهدوء وبإيقاعات تشبه نبضات قلبه التي تتسارع عند حالة ما او تتباطأ، لكن ايقاعات هذه تظل متناغمة:(أكل هذا الحزن لي؟ / من حمل قلبه شعرا وأبحر بالغيمة/ ويار قبل الرواح متفحصا/ ألم الطريق من الحصى، في الحرب نحلم بالرجوع / في الحب نخاف الا نموت).
في محاولة للانفتاح على قصائد المجموعة والتعرف على ما جاء فيها، حاورنا القاص والشاعر علي لفته سعيد الذي كشف معاناته اسباب تخليه عن السرد لاصدار مجموعته الشعرية الاولى:
* ما الذي تعتمده في هذه المجموعة؟
اعتمدت على عاملين، الاول هو الذاتي،والثاني هو معاناة هذه الذات بما يحيطها من الخارج، ومحاولة رسم الفرح والحب، اي انها تخترق الحزن والمعاناة والحرب والذكريات الى رسم لوحة من الجمال لمواجهة كل هذه المعاناة، بمعنى انني احاول ان استغل الحزن والمعاناة لصنع الجمال في هذه الحياة.
*لماذا اخترت هذا العنوان؟
- لان المجموعة في اغلبها تعتمد على حركة الكف دون رسم مسبق لانها كتبت في مدة لا تتعدى ستة اشهر وبالتأكيد هناك هم موحد لذائقة ورؤية وللمرحلة الشفاهية التي تتكون فيها الرغبة الشعرية للكتابة فوجدت ان هناك حركة للكف وهي التي ترسم هذا الفرح الذي قلته واحاول فيه ان ادرج هذه السمات من خلال اللغة الشعرية.
*هل العنوان ماخوذ من احدى قصائد المجموعة؟
- لا.. ليس العنوان لقصيدة بل انه مستل من قصيدة،فهناك قصيدة طويلة معنونة (كل هذا الحزن لي) وهي من سبعة مقاطع واطول قصيدة في المجموعة وفيها هذه الكلمة (اثر كفي):
: (أكل هذا الحزن لي
أنا المزهو
احمل كل آياتي
ارتل الحب
بالعقيق
انا الوردة المعجونة بالطين الحري
انا الحناء المطبوعة على الابواب
انا اثر كفي)
bull; من يقرا القصائد سيجد الحزن والاهات والدموع والجنون والوجع والانين، لماذا كل هذا؟
- الشاعر العراقي لايختلف عن الفرد العراقي، نحن موبوؤون بالحزن والمعاناة منذ ان خلقنا،وقد كتبت نصوصا لم تدرج في هذه المجموعة قلت ان العراقي من لحظة سقوط اول قطرة دم على هذه الارض ربما ستنتهي في اخر قطرة دم على هذه الارض ايضا، ولكن هذه المعاناة هي عملية انزياح،بمعنى ان العنوان هو لا يشي بالموضوعة الداخلية التي يمكن ان تؤول،هناك موضوعة اسطورية وموضوعة دينية تعتمد على الانزياح الديني او الدلالة الدينية للنص من خلال هذه المعاناة، لانني لا يمكن ان اغادر هذه المنطقة، فنحن جيل كتبت علينا الحرب وذات مرة كتبت مفالا قلت فيه اننا الجيل الثمانيني جيل الحرف والحرب،مسكنا الجمرتين ونحاول ان نطفيء جرة الحرب لكي نوقد جمرة الحب والحرف، ولكن يبدو ان الجمرتين ما زالتا في يد واحدة نكتوي بهما ولهذا يمكن ان نرسم من خلال هذه المعاناة محاولة لمواجهة كل هذا الحزن، اغلب القصائد فيها حب وفيها هذا الانزياح.
* ما الذي دعاك الى ان تتوقف عن السرد لتصدر هذه المجموعة الشعرية؟
- المرحلة التي نمر بها هي مرحلة تحتاج الى تأمل، جيع ما صدر الان من سرديات سواء في القصة او الرواية ستكون لها محاكمة مستقبلية لانها كتبت على عجالة وبعين لم تكن محايدة للواقع ربما، كتبت بعين مستلة من الاعلام اكثر مما هي من واقع الانفجارات ووقائع الخطف والاحتلال الاميركي، نحتاج الى مدة لكي نتأمل، بينما الشعر لحظوي، الشعر لا ينبت في ارض خالية من المعركة كما نعرف وربما هناك ارتجاف على صهوة فرس ولذلك فالحرف ذاته الذي في داخلي،فالعراقي يبدأ شاعرا دائما ومن ثم يتحول ساردا على الاغلب، انا في الاصل شاعر ومن مدينة سومرية تمتهن الشعر ولكن عندما اقول انني خرجت من معطف السرد الى عباءة الشعر، لا اعتقدني صائبا فيه، لان الحرف الذي اتعامل به هو ذاته والفكرة ذاتها وهي محاولة لرسم كل هذه العوامل من اجل انتاج نص سواء كان سرديا او شعريا.
* لماذا لم تهد المجموعة الى احد ما؟
- هذا هو الكتاب الوحيد الذي لم اكتب فيه اهداء وكان بسبب الاستعجال في طبع المجموعة لان دار النشر في سورية طلب ان استعجل في ارسال المجموعة لان الوضع في سورية معقد، فلم انتبه الى الاهداء وكنت في الحقيقة قد نويت ان اهدي المجموعة الى حفيدي لانه سيصنع جمال المستقبل.