في لقاء معه أجرته البي بي سي، صرح الحائز على جائزة نوبل للأدب لعام 2000 غاو سينجيان بأنه لم يأخذ إجازة منذ 26 عاماquot;، وقال: quot;أنا أعمل دائما... لم آخذ عطلة نهاية الأسبوع أبدا، لأنه كان من الصعب جدا بالنسبة إلي للحصول على الحرية للكتابة والرسم.quot;
كان غاو سينجيان أول كاتب الصيني المولد (كان يعيش في فرنسا) يفوز بجائزة نوبل للآداب في عام 2000، وعلى الرغم من فوزه، تم تجاهله إلى حد كبير من قبل الإعام الصيني، إذ تم حظر أعماله لسنوات.
هناك طريق طويل بين فوزه والشهرة التي نالها، وبين حياته المبكرة في الصين حيث كان يخشى على سلامته أثناء الثورة الثقافية، مما اضطر إلى حرق كتاباته في الخفاء لتجنب الاضطهاد.
وقال السيد غاو، الذي انتقل الى فرنسا في عام 1987 ولم يعد إلى الصين، quot;إن تجاربه جعلته يشعر كما لو كان قد عاش سلفا quot;ثلاثة حيوات... حياتي الأولى كانت في الصين، وغادرت الصين في نهاية المطاف... لقد بدأت الكتابة والرسم والتمثيل منذ صغري، وأنشأت فرقة مسرحية عندما كنت في الجامعة، ولكن في جميع هذه المجالات واجهت الكثير من المشاكل والتدخل السياسي إلى أن تم حظر المسرحيات في بلدي و لم أتمكن من نشر أعماليquot;.

quot;الإرهاب الأحمرquot;
خلال الثورة الثقافية في الصين، قامت الحكومة الصينية بحملة سياسية استمرت عقدا من الزمن حيث نُدد بالملايين وقتل عشرات الالاف، وتعرض المثقفون بالأخص لخطر الاضطهاد. ودمرت الكتب والتحف الفنية التي اعتبرت غير صالحة ايديولوجيا خلال الثورة الثقافية. وشعر غاو بالحاجة إلى حرق جميع أعماله في وقت مبكر لتجنب الادانة.
وعندما كتب عن تجاربه في روايته quot;انجيل شخص واحدquot;، لم يكن حريصا على الحديث آنذاك، وهي فترة وصفها بأنها quot;الماضي البعيد... ومع ذلك، ومع ذلك فمن المهم أن نتذكر هذا العصر... لم يُكتب بما في الكفاية عن هذا النوع من الإرهاب.. يجب أن نتأكد من أن هذه التجربة التاريخية تعرفها أجيال المستقبل، وأن لا تتكرر مرة أخرىquot;. ومع أن الثورة الثقافية انتهت لكن ما تزال اعماله تراقب وتمنع، فانتهى بكتابة مسرحيات كquot;موقف الباصquot; و الشاطئ الآخرquot;.
لقد زودته هذه التجارب بوجهات نظر قوية حول دور الأدب: quot;يجب على الأدب والفن أن يتحرر من السياسة لكي ينجزا الحرية الشاملة. أنا لا أؤيد أن يتدخل الأدب في السياسة. وإلا سيصبح أداة أو سلاحا سياسياquot;.
ولد غاو سينجيان في مقاطعة جيانغشي، الصين، 4 يناير 1940، درس الفرنسية في قسم بكين للغات الأجنبية. وفي عام 1987، تمكن من السفر الى فرنسا كرسام وبدأ ما وصفه quot;الحياة الثانيةquot;.
حصل أولا على اللجوء السياسي في فرنسا، وفيما بعد حصل على الجنسية الفرنسية في عام 1998. وحول ذهابه إلى فرنسا يقول: quot;وها هي أخيرا بيئتي حيث استطيع أن أكتب بحرية تامة. إذ يمكن القول اني عملت بمشقة بالغة، لكنني كنت سعيدا... إن الحصول على الحرية وتحقيق حلمي (عمل أفلام) كل هذا تحقق واحدا اثر الآخر.quot;
بدأت حياته الثالثة فجأة عام 2000 عندما أعلنت الأكاديمية السويدة فوزه بجائزة نوبل: :إذ اتصلوا بي تلفونيا معلنين فوزي بالجائزة... لم يكن لدينا حتى الوقت لتغيير حذائي - كنت لا أزال في المنزل، وكان سلفا الصحفيون عند الباب، يعلمون قبلي بفوزي بالجائزة!... فتحت الباب وإذا أجد حشد غفير مما شعرت وكأنني حوصرت بعاصفة. وقد سقطت مريضا بسبب غمرة أسئلة وسائل الإعلام، لكنني حافظت على مواصلة العمل على الرسم والاستمرار في الكتابة... لم يكن لي ميل إلى أن أصبح شخصية اعلامية، لذلك واصلت العمل... بالطبع كان من الصعب جدا القيام تلبية مهمتين في آن: مهمة الرد على أسئلة الصحافيين ومهمة العمل الإبداعي... وبعد أن استردت صحتي، رفضت بقدر الامكان إعطاء مقابلات... وهذه هي الطريقة الوحيدة التي مكنتني من الاستمرار في كتابة الكثير من الأعمال - وأعتقد أنه من المهم لفنان أن يتكلم من خلال أعماله، لا من خلال الإعلام.quot;

'الآداب في الأزمة'
وحول الأوضاع والتغيرات في بلده الأصلي الصين، قال غاو quot;هناك الكثير من التغييرات تحدث في الصين، ولكن أنا لا أفهما. فما يهمني الآن هو أوروبا وتقاليدها الثقافية. في القرن 21، مع العولمة، والتلوث، كل هذا الضجيج والاعلانات السياسية في كل مكان، يا ترى أين هو المكان لفن وأدب جديين الآن؟ في ظل الظروف الحالية، كيف يمكنك أن تجد أفكارا جديدة، وكيف يمكن تخليص الفنون والثقافة المعاصرة من تقاليد عصر النهضة؟... عتقد أننا اليوم، لا نواجه مجرد أزمة اقتصادية فحسب، بل أيضا أزمة الثقافة والفنونquot;.
ورغم ما وصفه غاو سينجيان من تحديات تواجه الفن الحديث والأدب، فإنه لا يزال يظهر تفاؤلا وحيوية عندما يتحدث عن خططه المستقبلية: quot;لدي الكثير من الدعوات والمشاريع القادمة - في الواقع، أنا محجوز بالكامل حتى عام 2016!quot; ولدي معرض في مارس في باريس، لكنني لم انته من الرسوم بعدquot;.