بغداد:اكد الاتحاد العام للأدباء والكتاب في العراق على وجود أطراف داخل وزارة الثقافة تمتلك مواقف عدائية ضده، وهذه quot;الاطرافquot; تلفق التهم ضد سياسته الثقافية وتخطط في السرّ والعلانية للسيطرة عليه او لاحتوائه وتدجينه، لاسيما ان الوزارة خصصت مبلغ 8 ملايين دينار عراقي (نحو 7 الاف دولار) لمهرجان الجواهري الذي من المؤمل ان يعقد خلال الشهر الحالي، وهو ما وجده الاتحاد تخليا عن النشاطات وتعاملا غريبا خاصة ان الوزارة صرفت ملايين الدولارات خلال مشروع بغداد عاصمة للثقافة العربية، فضلا عما تسرب وعده الاتحاد امرا غريبا عندما طالبت الوزارة اتحاد الادباء تقديم اعتذار رسمي، مع اقالة الناطق الاعلامي للاتحاد الشاعر ابراهيم الخياط،وهو ما اعتبره الاتحاد استهدافا واضحا لبعض الاشخاص بالاتحاد وانه خطوة اولى لوضع الاتحاد في سكة الوزارة، مثلما يريد ذلك بعض اعضاء الهيئة الادارية للاتحاد. من ثم التحكم بشؤون واحوال والادباء واعادة سطوة وزارة الثقافة والاعلام البعثية من جديد.
وقال الناطق الاعلامي للاتحاد ابراهيم الخياط، أن المجلس المركزي للاتحاد والذي يمثل (البرلمان الادبي العراقي) أصدر بيانا يوم الجمعة 13 كانون الاول 2013 تعليقا على اجتماع quot;لم يخل من الصخب والمواجهةquot; عقد بين وفد من الاتحاد وبين وفد رفيع المستوى يمثل وزارة الثقافة لمناقشة الاسباب التي ادت الى تردي العلاقة بين الطرفين
وأضاف الخياط ان ما استرعى انتباه الاتحاد وأثار قلقه هو تصريح ممثلي وزارة الثقافة جميعا ودونما استثناء بأن وزارة الثقافة غير ملزمة قانوناً بتقديم دعم للانشطة الثقافية في بغداد وبقية المحافظات.
وأوضح الناطق الاعلامي للاتحاد أن البيان أكد بأن (موقف) وزارة الثقافة يبيّن الحاجة الماسة، اليوم وقبل أي وقت اخر، الى تأسيس مجلس أعلى للثقافة.
فيما يأتي بيان اتحاد أدباء العراق حول لقائه الاخير مع وفد وزارة الثقافة الذي حمل تساؤل: من يتحمل مسؤولية دعم الثقافة العراقية؟
في اجتماع لم يخل من الصخب والمواجهة عقد في 18/11/2013 بين وفد من اتحاد أدباء العراق رأسه الاستاذ فاضل ثامر وبين وفد رفيع المستوى يمثل وزارة الثقافة يضم السادة: الوكيل الاقدم للوزارة السيد طاهر الحمود، مدير عام دائرة العلاقات الثقافية السيد عقيل المندلاوي، المستشار الثقافي الاستاذ الدكتور حامد الراوي، مدير عام دار الشؤون الثقافية السيد نوفل ابو رغيف والسيد المستشار القانوني للوزارة.
تمت في جو من المكاشفة والمصارحة مناقشة الاسباب التي ادت الى تردي العلاقة بين الطرفين، وقد بسط كل طرف وجهات نظره، كما شفع اتحاد الادباء في العراق تصوراته بمذكرة تحريرية موجهة الى السيد وزير الثقافة تبين الاسس والاليات التي تقوم عليها هذه العلاقة واكدت على احترامها للدور الذي تنهض به وزارة الثقافة للارتقاء بمستوى الفعل الثقافي وبشكل خاص من خلال فعاليات quot;بغداد عاصمة للثقافة العربيةquot; والتي اشرت ربما لأول مرة دخول الدولة على خط الثقافة وملفها الذي ظل مغلقاً طيلة عشر سنوات، كما انطوت مذكرة اتحاد الادباء على بعض المطاليب والمقترحات التي من شأنها توثيق العلاقة بين الطرفين والتي تسهم في الارتقاء بمستوى النشاط الثقافي في العراق.
لقد لاحظ وفد الاتحاد ان هناك مبالغة في تضخيم حجم الخلافات بين الوزارة والاتحاد سببها وجود اطراف داخل الوزارة تمتلك مواقف عدائية ضد الاتحاد وتلفق التهم ضد سياسته الثقافية وتخطط في السرّ والعلانية للسيطرة عليه او احتوائه وتدجينه وتوحي ان الاتحاد يقف وراء الكتابات والتعليقات التي تنشر في مواقع التؤاصل الاجتماعي والصحف والمجلات، وبيّنا في الاجتماع ان السياسة الثقافية لاتحاد الادباء تنهض على اسس مهنية واضحة وتحترم تقاليد العمل الديمقراطية وتضع في اولوياتها مهمة بناء عراق ديمقراطي مستقل مبرأ من عيوب العنف والتطرف والشوفينية والطائفية والتعصب وضيق الافق والارهاب وهو لا يمتلك سياستين او وجهين ولذا فهو لا يتحمل مسؤولية ما يكتب عن سياسة الوزارة وتظل المسؤولية شخصية ولا يتحمل الاتحاد عواقبها وان الخط الرسمى هو الخط المعلن للاتحاد الذي يحترم الجهود الكبيرة التي تبذلها الوزارة لكنه وانطلاقاً من روح التقاليد الديمقراطية يمارس حقه في تقديم نقد بناء لبعض الممارسات والسياسات التي يختلف معها، ولا نظن ان احداً يريد للاتحاد الاكتفاء بالتصفيق والمديح لكل شيء كما كان الامر في ظل النظام الدكتاتوري الصدامي المقبور.
ونبدي استغرابنا من التلويح بامكانية وصول العلاقات الى درجة القطيعة بيننا وهو ما يدفعنا الى طلب عقد لقاء عاجل بين معالي السيد وزير الثقافة الاستاذ د.سعدون الدليمي واتحادنا لكي يكون على بينة من حقيقة مواقفنا بعيداً عن الوسطاء والوشاة غير المؤتمنين والذين يناصبون الثقافة العداء.
ومما استرعى انتباهنا وتوقفنا عنده وأثار قلقنا تصريح ممثلي وزارة الثقافة جميعا ودونما استثناء وبضمنهم السيد المستشار القانوني بان وزارة الثقافة غير ملزمة قانوناً بتقديم دعم للانشطة الثقافية في بغداد وبقية المحافظات وبضمنها انشطة اتحاد الادباء، لانها معنية اساساً بدعم انشطة وفعاليات مديرياتها ودوائرها ومراكزها الثقافية الرسمية، وقد حاول وفد اتحاد الادباء في جو من الذهول لهذا الموقف الذي يعلن صراحة وعلانية وبعد عشر سنوات من عمر التجرية الديمقراطية الوليدة في العراق التي جاءت بعد سقوط نظام دكتاتوري شمولي معادٍ للثقافة والحياة أن يثني الوزارة عن موقفها ويؤكد على ان الوزارة هي ممثلة للحكومة العراقية وبذا فهي تتحمل مسؤولية مباشرة في دعم النشاط الثقافي الرسمي وغير الرسمي، وهذا ما اكدت عليه انظمة الوزارة وبرامجها المعلنة.
وقد ذكر وفدنا انه سبق للوكيل الاقدم السيد طاهر الحمود وان طبع مشروعاً جيداً لاستراتيجية الوزارة الثقافية قدم فيه تعهدات واضحة تجاه النشاط الثقافي الرسمي والشعبي كما ان السيد عقيل المندلاوي سبق له وان طرح سياسة ثقافية تبنتها الوزارة تقوم على اساس ايكال الانشطة الثقافية الى الاتحادات والمنظمات الثقافية وتكتفي فيها الوزارة بدور الاشراف والتمويل وفي ضوء ذلك تخلت الوزارة عن مهرجان المربد الى اتحاد الادباء والكتاب في البصرة وباشراف مباشر من اتحادنا المركزي.
اننا نبين ذلك لان هذا الموقف سيدفع بالمثقفين العراقيين وجميع المشتغلين بالشأن الثقافي بشكل فردي او من خلال اتحاداتهم ونقاباتهم الادبية والفنية والمسرحية والسينمائية والتشكيلية الى اعادة طرح سؤال خطير يمثل العودة الى المربع الاول:
ـ من المسؤول عن دعم النشاط الثقافي العراقي غير الرسمي اذا ما تخلت وزارة الثقافة عن مثل هذا الدعم، وتركت الحكومة الاتحادية ـ كما يبدو ـ مسؤولية ذلك الى وزارة الثقافة ذاتها؟
واذا ماكانت وزارة الثقافة قد أعلنت وبكل وضوح انها غير معنية قانوناً ـ لا من خلال تشريعاتها ولا مفردات ميزانيتها ـ بذلك، فمن المعني اذن بمثل هذه المهمة، وهو سؤال نوجهه صراحة وبصورة مباشرة الى الرئاسات الثلاث: رئاسة الجمهورية، رئاسة البرلمان، ورئاسة الوزاراء.
كما نوجهه الى الاوساط الثقافية والى الرأي العام العراقي الذي يتعين عليه معرفة الموقف الذي تمتلكه الوزارة الوحيدة المعنية بالشأن الثقافي، ونعني بها وزارة الثقافة، تجاه الفعل الثقافي غير الرسمي، كما يكشف ذلك عن انشغال الرئاسات الثلاث بالملفات الاكثر سخونة واهمالها للملف الثقافي جملةً وتفصيلاً بل غياب أي تصور استراتيجي شامل للثقافة العراقية ودورها ومسؤوليتها في اعادة بناء العراق الجديد ديمقراطياً بعيداً عن اساليب الهيمنة والاحتواء والتدجين.
اننا نعتقد ان الدولة العراقية بكل مؤسساتها وفي مقدمتها الحكومة الاتحادية ووزارة الثقافة مسؤولة قانوناً ودستورياً مسؤولية مباشرة عن ادارة ودعم النشاط الثقافي العراقي الرسمي وغير الرسمي، كما ان الحكومات المحلية هي الاخرى تتحمل مسؤولية دعم ورعاية النشاط الثقافي في المحافظات، وان اي نكوص عن ذلك يمثل تراجعاً عن التزامات حددها دستور جمهورية العراق الصادر عام 2005، فقد جاء في المادة (35) من الدستور والتي تقع في الباب الثاني الخاص بـ quot;الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافيةquot; مايأتي:
quot;ترعى الدولة النشاطات والمؤسات الثقافية بما يتناسب مع تاريخ العراق الحضاري والثقافي وتحرص على اعتماد توجيهات ثقافية عراقية اصيلةquot;.
كما ورد في الفقرة (3) من المادة (34) مايأتي:
quot;تشجع الدولة البحث العلمي للاغراض السليمة بما يخدم الانسانية، وترعى التفوق والابداع والابتكار ومختلف مظاهر النبوغquot;.
كما أقر الدستور في الفقرة ( اولاً) من المادة (45) مسؤولية الدولة في تعزيز دور مؤسسات المجتمع المدني ودعمها وتطويرها:
quot;تحرص الدولة على تعزيز دور مؤسسات المجتمع المدني، ودعمها وتطويرها واستقلالها، بما ينسجم مع الوسائل السلمية لتحقيق الاهداف المشروعة لها، وينظم ذلك بقانونquot;.
ويتضح من كل ذلك ان الدستور العراقي قد كفل دعم ورعاية quot;النشاطات والمؤسسات الثقافيةquot; وتشجيع البحث العلمي ورعاية التفوق والابداع والابتكار، ويبقى السؤال الاكبر: من المسؤول اذن عن تطبيق بنود هذا القانون اذا ماتخلت السلطة التنفيذية عن مسؤوليتها وأهملت السلطة التشريعية دورها في متابعة ومراقبة تنفيذ الوثيقة المركزية الحاكمة في العراق ونعني بها دستور جمهورية العراق؟
وبدورنا ندعو جميع الحريصين على مستقبل العراق بوصفه دولة ديمقراطية حديثة ترعى الثقافة والابداع الى تحمل مسؤولياتهم للاجابة على هذا السؤال الكبير، وهو ما يدفعنا الى الاستنتاج بان موقف مسؤولي وزارة الثقافة يؤكد الحاجة الماسة، اليوم وقبل أي وقت اخر، الى تأسيس مجلس أعلى أو مجلس وطني أو بأية تسمية كانت لرعاية الثقافة، ولا يكون هدفه التعارض مع وجود وزارة الثقافة او التقاطع معها، بل يُعنى اساساً بدعم وتشجيع الانشطة الثقافية في العاصمة والمحافظات ومنها دعم انشطة الاتحادات والنقابات والروابط الادبية والثقافية والفنية والمسرحية والسينمائية والتشكيلية والموسيقية، ومن خلال تخصيص ميزانيات ضمن الموازنة العامة للدولة وهو مشروع سبق لدولة رئيس الوزاء وان أطلقه بعدما أنجزت صياغة قانونه الاساسي، لكن أوقف العمل به لاسباب نجهلها.
ونعتقد اخيراً ان الثقافة هي مسؤولية الدولة والمجتمع لانها تمثل الوجه الاصفى والانقى والابهى في كل مجتمع حديث وعصري.

اجتماع المجلس المركزي
للاتحاد العام للادباء والكتاب في العراق
بغداد ـ 13 كانون الاول 2013.