بغداد :استغرب العديد من المثقفين العراقيين ما اقدمت عليه وزارة الثقافة في اقامة مهرجان للاكلات الشعبية،مشددين على ان هذا ليس من اختصاص الوزارة ومشيرين الى ان الوزارة التي بخلت في ان تدعم مهرجان باسم الشاعر الكبير الجواهري ها هي تنفق الاموال على مهرجان الطعام وكأنها انتهت من مشاكل المثقفين وحققت لهم جميع امنياتهم.
في خطوة صادمة للوسط الثقافي العراقي اقامت دائرة العلاقات الثقافية في وزارة الثقافة يوم الخميس 19/12/2013 في فندق عشتار شيراتون، وضمن فعاليات بغداد عاصمة الثقافة العربية/2013، مهرجانا للأكلات الشعبية العراقية بمشاركة الاكلات الشعبية من بعض دول العالم منها السودان وتركيا وسورية وهولندا وامريكا ولبنان !!، ولم يصدق الكثير من المثقفين ما تناهى الى اسماعهم عن هذا المهرجان بل ان البعض منهم راح يبحث في الانترنت عن الحقيقة،وعبر البعض عن استيائه كون الوزارة تولي الاهمية لمثل هذه النشاطات..على حساب النشاطات التي تعكس الابداع الادبي والفني والثقافي، مؤكدا ان هذه المهرجانات ما انزل الادب بها من سلطان !!.
احتفاء بموائد الطعام وتهميش للموسيقى
فقد استغرب الموسيقار سامي نسيم ان تحتفي الوزارة بالطعام وتهمش الموسيقى على سبيل المثال، وقال : هناك عبث كبير و عدم روية بالأموال المخصصة لبغداد عاصمة للثقافة 2013 فلم تستخدم بخبرة وأدراك، ولذلك لم تترك أثرا على أرض وواقع الثقافة العراقية،تهدر أموالا دون وجه و قيمة فنية معتبرة فلم نشهد ملتقى بغداد الدولي للعود ـرفضته دائرة الفنون الموسيقية ولم تقام مسابقة موسيقية لهذه الآلة أو غيرها والموضوع أن يحتفى بموائد الطعام و نهمش بطريقة عبر أرتجالات هنا و هناك.
واضاف : انه ضعف أدارة واضح للمشروع و لم يكن مستوى الأداء الفني و الثقافي بالمستوى المطلوب نتيجة الأستخفاف بخبراتنا وعلاقاتنا الدولية.
فوضى تكاد تكون منظمة ومقصودة
اما الشاعر الدكتور حسين القاصد فقد اشار الى التوقيت الذي اقيم فيه المهرجان وقال : هناك فوضى تكاد تكون منظمة ومقصودة في التنسيق والتحضير للمهرجانات، وبعد أن عرفنا طيلة تواجد السيد الاتروشي في الوزارة، عرفنا طبيعة عمله فهو داعم للمواهب الجديدة لاسيما من العنصر النسوي واهتمامه بالادب النسوي ومحاولة دعمه، ظهر لنا السيد مهند الدليمي وهذا الرجل اقام مهرجانا متزامنا مع ملتقى بغداد الشعري ولاندري وفق اية خطط يجري هذا، واليوم ونحن نسمع عن مهرجان الاكلات الشعبية الذي يقام بتوقيت خطير جدا ففي الوقت الذي تتهيأ بغداد لاقامة مهرجان الجواهري، وفي ظل مسيرة الملايين من الشعب الى كربلاء، كان الاولى بالوزارة ان تستذكر الحسين العظيم بمهرجان مهم وليس مهرجانا للأكلات الشعبية وحسبي ان هذه المهرجانات ما انزل الادب بها من سلطان !! مبارك للسيد الاتروشي والسيد الدليمي وفرقة فينوس واهديهم المربع الشهير الذي يقول : (للمطعم بعد ما افوت قطعيا).
وزارة الباجة والدولمة واليخني
من جهته وصف القاص صلاح زنكنة المهرجان بالحالة المضحكة وقال : مهرجان الانحطاط والخواء الثقافي لكي يخمطوا ما تبقى من اموال، اقترح تسمية الوزارة وزارة الباجة والدولمة واليخني، والله حالة مضحكة.
اما الشاعر طلال الغوار فأوضح ساخرا على اساس المأكولات تندرج ضمن الثقافة الاجتماعية والتقاليد، وقال : انا ارى ان ذلك ليس الا عميلة افراغ الثقافة من مضامينها الحقيقية..وتوجيه الانظار الى ما هو سطحي.
واضاف : ويبدو ان وزارة الثقافة تولي الاهمية لمثل هذه النشاطات..على حساب النشاطات التي تعكس الابداع الادبي والفني والثقافي لانها تنتج موقفا سلبيا من الثقافة وتريد ان تبقى الثقافة تابعة للمتن السياسي والرسمي ولان المسؤولين في الوزاره ليسوا كفأ في مهمتهم وهم ابعد ما يكونون عن الاهتمامات الثقافية.

غياب الاختصاص الثقافي
من جانبه قال الفنان ستار الناصر : غياب التخطيط وغياب الاختصاص الثقافي هو المشكل الاول. لا اعتقد ان هناك خطابا ثقافيا لوزارة الثقافة بمعنى خطط، لذلك هي خالية تماما من منجز واحد يجعل منا كمثقفين نركن اليها ولفعالياتها،عملها ارتجالي وهذا سر اشكالياتها.
واضاف : هناك برنامج نتج عن ورشة اشتركنا فيها جميعا اقامتها وزارة الثقافة في عهد الوزير مفيد. الجزائري واشرف عليه شهيد الثقافة العراقية كامل شياع تركوه ولم يفعلوه، عشرات الورش موسيقى مسرح سينما قصة تشكيل وخرجنا باوراق عمل اينها، كل مافعلته الحكومة انا لم تدلنا على قاتل كامل شياع الذذي هو رمز ثقافي مخلص.
الى ذلك قال الناقد السينمائي كاظم مرشد : مثل هذه المهرجانات تقام في العديد من المدن، ولكن ربما تكون هذم المدن مستقرة واقامة هذه المهرجانات جزء من الترفيه ودلالة على استقرار البلد. والسؤال ما مدى حاجتنا نحن في ظل هكذا اوضاع الى هكذا مهرجان؟..
نعم.. ولكن وزارة الثقافة لديها مسؤوليات جسام
اما الاديب نبيل وادي فقد أيد المهرجان لكنه تمنى ان تقوم بها جهة غير وزارة الثقافة وقال :انا مع اقامة مثل هذه المهرجات لان الاكل وانواعه مذاق الطعام طرق الطبخ كلها وردت في خيرة الكتب التراثية والتاريخية بل انها واحدة ثقافة اجتماعية مهمة وامهات الكتب تحتفل بمواضيع لها علاقة بالطعام بل ان كثير من كتب السير تحتفل بذكر الطعام واصنافه وطرق تناوله وكيفية تقديمه، ولذلك لااظن ان اقامة مهرجان للاكل خارج عن دور وزارة الثقافة لان ثقافة الاكل وثقافة الحديث وثقافة اللبس وثقافة التعامل مع الوقت كلها من صميم عمل وزارة الثقافة والمطلوب منها ان تقوم بمد اصابعها من اجل اشاعة كل انواع الثقافة وان لايكون مفهوم الثقافة طباعة الكتب المعنية بالفكر والسياسية والادب والفنون فقط وانما الاهتمام بالانسان بتفاصيله ومحاولة فتح افاق تخضره، قد يقول قائل بان هناك اوليات يتوجب مراعاتها عند اعداد المهرجانات ولكني اظن ان هذه الاوليات تختلف باختلاف الاشخاص والاذواق، وطالما ان هناك وجهات نظر فلا بد من ان تتعدد وتتنوع وقديما قيل لو تساوت الاذواق لبارت السلع وانا شخصيا رايت في احدى فضائيات الامارات العربية المتحدة مهرجان للطبخ في مختلف بلدان العالم
واضاف : انا لست ضد الفكرة مبدئيا لكن اتمنى ان تتولى جهات او منظمات مجتمع مني القيام بهذا الدور وليس وزارة الثقافة وخصوصا ان وزارة الثقافة لديها مسؤوليات جسام.
يذكر ان الفعالية اشتملت على عرض منوع للاكلات الشعبية للدول المشاركة واطباق الحلويات المتميزة وكذلك الاجبان التي اشتهرت بها هولندا، وجاء في الخبر ان وكيل الوزارة فوزي الاتروشي قال: (اننا نعيش يوما بهيجا في بغداد حيث نلتقي مع دول العالم على ثقافة الطعام التي تعتبر جزءا اساسيا من ثقافة المجتمعات فطريقة الاعداد والتحضير والتقديم تشكل جزءا اساسيا من الذائقة الجمالية لكل شعب واعداد اطباق الطعام يحتوي جوانب ولمسات صحية وبيئية وجمالية)، بعد ذلك تذوق جميع الحاضرين مختلف صنوف الطعام في جوٍ من الالفة والصداقة وامنيات السلام لمدينة السلام بغداد !!!