بغداد: اختتمت مساء يوم الاحد فعاليات مهرجان الجواهري الذي نظمه الاتحاد الادباء والكتاب في العراق بدورته العاشرة تحت شعار quot;.. بأن الف مسيح دونها صلبا quot;، بمشاركة اكثر من 200 شاعر وناقد وباحث ادبي من بغداد والمحافظات ولمدة ثلاثة ايام، وشهد الحفل الختامي الذي اقيم في مبنى الاتحاد كلمة لاسرة الشاعر الجواهري وقراءات شعرية لنحو 26 شاعرا، ثم وزعت الهدايا والالواح التذكارية على المشاركين، ثم قريء البيان الختامي الذي اكد احتجاج الادباء على موقف وزارة الثقافة بتخليها عن المهرجان هذا وغيره، وانتهت الفعاليات بأحتفالية فنية للمطرب جواد محسن غنى خلالها العديد من الاغنيات العراقية التي ما زالت راسخة في الذاكرة الشعبية للناس.
مشكلة ولكن!!
شهدت الاحتفالية مشكلة كادت تتطور لولا تدخل البعض من الادباء، فقد ارتقى الدكتور سلام الزوبعي، نائب رئيس الوزراء الاسبق، المنصة وارتجل كلمة عن الجواهري لكن الاخطاء النحوية كانت كثيرة جدا الى درجة ان الادباء كانت اصوات ترتفع مصححة له،حتى صارت صدى لكلماته، ومع التكرار للاغلاط (الكارثية) كما اسماها البعض، انتفض الشاعر حسين القاصد معترضا على ان تكون هذه الاغلاط تحت خيمة الجواهري وفي ابيات للجواهري مشهورة (يا دجلة الخير يا ام البساتين) وفي مهرجان شعري من اهم امتيازاته ان تكون اللغة العربية صحيحة، وحاول القاصد ان يتقدم خطوات ليبلغ المتحدث اعتراضه على ما جاء من اغلاط نحوية في كلامه عن الجواهري، لكن هناك من الادباء من شعر ان الامر سيتطور وتحدث مشكلة فقفز البعض للامساك بالقاصد وسحبه الى البعيد، وبالفعل كان ذلك.
رقص وطرب
ختام فعاليات المهرجان، التي عدها الاتحاد ناجحة على الرغم من المشاكل المادية التي اعترضته كما يقول اهل الاتحاد، كانت رقصا وطربا على موسيقى الفرقة التي رافقت مطرب المثقفين جواد محسن الذي غنى فأمتع الحاضرين من الادباء وجعل الطرب يدب في ارواحهم فرقصوا معه الوان الرقص على جماليات اغنياته التي قدمها.
كلمة اسرة الجواهري
في بدء الاحتفالية.. قرأت السيدة بان حفيدة الشاعر الجواهري كلمة الاسرة التي كتبها ابوها السيد كفاح الجواهري، وجاء فيها: أبعث لكم هذه التحية والأسف يملأني لتعذر مشاركتي وإياكم هذه التظاهرة الأدبية والثقافية الرائعة لوجودي خارج العراق. في مهرجان الجواهري الأول الذي كان باكورة نشاط اتحادكم العتيد، اتحاد الجواهري كما تسمونه أنتم، بعد سقوط النظام الدكتاتوري السابق، في ذلك المهرجان قلت، وأكرر هذا القول لكم الآن، أن حبكم ومعزتكم وتقديركم للجواهري أصدق وأعمق من عواطفنا تجاهه، لأن عواطفنا تجاهه quot; تشوبهاquot; شائبة النسب والقرابة، التي نعتز ونفتخر بها دائماً وأبداً. إن مشاعر التقدير والاعتزاز التي تكنونها لهذا الرمز الأدبي والثقافي والوطني الشامخ نابعة من مشاركتكم وإياه حبكم لهذا الوطن العزيز ولهذا الشعب وإيمانكم بأن رسالة الأدباء والمثقفين الأحرار المخلصين هي التعبير عن نبض الشعب وأحلامه وآماله ورغباته وعن آلامه ومعاناته وعن حقه بالحياة الآمنة الكريمة. وكما قال الجواهري قبل خمسة وستين عاماً أنكم: quot;على أيديهم يتم تحرير الشعوب وبعصارة أذهانهم تتغذى وثباتها وبنتاج قرائحهم تندفع إلى الأمام صفوفها...quot;
واضاف: إن مشاعركم اتجاه الجواهري نابعة من شراكتكم معه بإيمانكم وبانتماءكم الصميم لهذا الشعب وهذا الوطن وتمسككم بمبادئكم وأفكاركم وأنكم، كما قال عن نفسه، قبل خمسة وستين عاماً: quot;والله.. لو وضع القمر في يميني والشمس في شمالي لأكون غير ما خلقت لأكونه لما قدرت أن أكون. وما خلقت إلا لأكون ديمقراطياً أفهمها على أوسع ما يفهمها الفاهمون. وحراً أعشق الحرية بأعنف ما عشقها العاشقون. ونصيراً للضعيف إذ يقل الناصرون. وعدواً للطاغي والطغيان ولو مزقني الطاغون. ومحباً لهذا البلد عربياً كنت أو عجمياً، عراقياً كنت أو هنغارياً، محباً لهذا البلد بما يعجز عن مثله الحابونquot;.
وختم حديثه بالقول: إنني أحي هذه المثابرة الرائعة لاتحاد الأدباء والكتاب العام في العراق على تنظيم هذا المهرجان الثقافي الكبير بإمكانياته المادية المحدودة جداً وإصراره على مسيرته الثقافية والأدبية والإنسانية المعبرة عن نبض الشعب وآماله وآلامه ومن أجل عراق حر ديمقراطي مدني موحد متكاتف لا مكان فيه للنعرات المفرقة.
بيان اتحاد الادباء
واصدر اتحاد الادباء بيانا ختاميا، اكد فيه ان المشاركين في المهرجان يعبرون عن احتجاجهم على موقف بعض مسؤولي وزارة الثقافة المؤسف الذي اعلن صراحة عن عدم مسؤولية وزارة الثقافة في دعم الانشطة الثقافية المختلفة في بغداد وبقية المحافظات بذريعة ان لوائح الوزارة لا تنص على ذلك وان مسؤوليتها تقتصر على دعم دوائرها ومديرياتها فقط، فيما يأتي نصه:
عقدت في بغداد للمدة من 27 حتى 29 كانون الاول 2013 وتحت شعار quot;.. بأن الف مسيح دونها صلباquot; الدورة العاشرة لمهرجان الجواهري التي نظمها الاتحاد العام للادباء والكتاب في العراق بحضور المئات من الشعراء والادباء والفنانين والاعلاميين والمثقفين العراقيين من مختلف محافظات العراق الذين احتشدوا في شارع المتنبي واروقته للمشاركة في جلسة الافتتاح التي قدمت على قاعة الفنان سامي عبد الحميد في المركز الثقافي البغدادي التابع لمحافظة بغداد. كما تواصلت الفعاليات والانشطة الثقافية والفنية والشعرية والنقدية المصاحبة طول أيام ثلاثة في قاعة الجواهري في اتحاد الادباء وفي قاعة جمعية الثقافة للجميع، وكانت جلسات هذا العام انموذجا للتواصل التفاعلي بين الشعراء والنقاد والباحثين من جهة والمتلقين والمستمعين من جهة اخرى، حيث اكدت هذه الظاهرة على حضور جماهيري كثيف لافت للنظر للفعاليات المختلفة. وقد ساعد على ذلك الفضاء الاتصالي المفتوح والواسع بين الادباء والجمهور في شارع المتنبي الذي اصبح بحق (هايد بارك) الثقافة العراقية.
وكان المهرجان فرصة طيبة للحوار وتبادل وجهات النظر في الاشكاليات الثقافية والاجتماعية والسياسية التي تواجه الحياة الثقافية بشكل خاص والحياة السياسية في العراق بشكل عام. واحتفى المشاركون هذا العام تحت مظلة مهرجان الجواهري بالشاعر العراقي الكبير بدر شاكر السياب الذي قرر اتحاد الادباء والكتاب العرب الاحتفال بالذكرى الخمسين لرحيله في 24 - 12 - 1964 طوال العام 2014. ولذا جاء الاحتفال بالسياب هذا العام توكيدا على تواصل التجارب الشعرية العراقية والعربية لمختلف الاجيال والمدارس الشعرية والادبية المختلفة واعترافا بما قدمه السابقون للاحقين من اضافات وخبرات وكشوفات ابداعية متميزة.
وقد اكد المشاركون في المهرجان على مسؤولية جميع القوى والتيارات والاحزاب السياسية على الحفاظ على مكتسبات الشعب العراقي واستقلاله والسير قدما في مشروع بناء دولة مدنية ديموقراطية تعددية عابرة للطائفية والشوفينية والتخندقات الحزبية والفئوية بوصفها الضمانة الاكيدة للحفاظ على وحدة العراق وتقدمه وتنميته البشرية المستدامة التي تحترم مبادئ العدالة والمساواة واحترام شرعة حقوق الانسان فضلا عن احترام الشعائر والقيم الدينية والروحية لكل مكونات الشعب العراقي واطيافه.
وعبر المشاركون في مهرجان الجواهري عن تضامنهم مع أبناء قواتهم المسلحة وهم يخوضون نيابة عن الانسانية حربا عادلة وشجاعة ضد الارهاب التكفيري الدموي، وهم يؤكدون ايضا على اهمية تجنب خلط الاوراق في هذه المعركة المشرفة وعدم اتاحة الفرصة لقوى الارهاب والظلام المقنعة والمكشوفة لشق وحدة الصف الوطني. وهذا يتطلب الالتزام بقواعد الاشتباك السليمة وتجنب الحاق الاذى بالمدنيين الابرياء والفرز بين المواطنين ومطالبهم الشرعية العادلة وبين الارهابيين واجنداتهم الدموية المعادية لكل شرائح الشعب العراقي وفئاته وعشائره ومرجعياته ومثقفيه وكادحيه
كما اكد المشاركون في المهرجان على اهمية ان تنهض الدولة العراقية الحديثة، على وفق ماجاء في دستور جمهورية العراق عام 2005 بمسؤوليتها في رعاية الثقافة ودعمها بوصفها الأداة الواعية القادرة على ايجاد حلول اجتماعية وثقافية وفكرية لحل الكثير من الازمات والاشكاليات التي ورثها المجتمع العراقي من تداعيات المراحل الصعبة التي مرّ بها هذا المجتمع تحت الحكم الدكتاتوري الشمولي المقبور وسنوات الاحتلال والاحتراب الطائفي وجرائم التكفيريين الدموية ضد الشعب العراقي.
والمشاركون في المهرجان يعبرون عن احتجاجهم على موقف بعض مسؤولي وزارة الثقافة المؤسف الذي اعلن صراحة عن عدم مسؤولية وزارة الثقافة في دعم الانشطة الثقافية المختلفة في بغداد وبقية المحافظات بذريعة ان لوائح الوزارة لا تنص على ذلك وان مسؤوليتها تقتصر على دعم دوائرها ومديرياتها فقط، وهو موقف يتعارض كليا مع ابسط تقاليد العمل الثقافي والاجتماعي في اي مجتمع مدني ديموقراطي حديث. ولذا يطالب المشاركون الدولة عبر مؤسساتها المركزية الثلاث وهي رئاسة الجمهورية ورئاسة مجلس النواب ورئاسة الوزراء على ان تتحمل مسؤوليتها مباشرة وتكشف للرأي العام عن استراتيجيتها الثقافية واهدافها وان لا تترك الثقافة دونما غطاء وتحت رحمة مسؤولين لا يدركون اهمية المشروع الثقافي الوطني العراقي أو تحت رحمة بعض اعداء الثقافة الذين ينطلقون من ذهنية التحريم وتأثيم الثقافة.
ويهيب المشاركون بالمهرجان بجميع الادباء والكتاب والمثقفين وبقوى شعبنا العراقي كافة الى الاسهام الفعال في انتخابات مجلس النواب القادمة لتحقيق تغيير جذري في البنية السياسية العراقية ولكي تتبوأ الثقافة العراقية عبر شرائحها الواعية من الكتاب والفنانين والاعلاميين والاكاديميين مكانة مميزة في مؤسسات القرار السياسي والثقافي والتشريعي.
وفي الختام يحيي المشاركون في مهرجان (الجواهري) العاشر الارادة الصلبة الشجاعة والواعية التي اصرت على تنظيم هذه الدورة على الرغم من تنصل وزارة الثقافة عن تقديم اي دعم مادي او معنوي لهذا المهرجان لاسباب واهية.
كما يؤكد المشاركون على اصرارهم على ممارسة حقهم في الحوار والاختلاف انطلاقا من مبادئ حرية التعبير والرأي ورفضهم الخضوع الى اية مساومات او ابتزاز ويؤكدون اصرارهم على مواصلة الفعل الثقافي في بغداد وبقية المحافظات العراقية والارتقاء به محليا وعربيا وعالميا لانه يمثل الوجه الابهى والانظف والانصع لاي مجتمع معاصر ولانه التاج الوضاء الذي يتوج هامة العراق.

المشاركون في مهرجان الجواهري العاشر
بغداد في 29 كانون الاول 2013