يشارك العراق للمرة الثانية بجناح في بينالي البندقية الذي يعتبر أكبر معرض فني في العالم. ولكن بعكس مشاركته الأولى التي اقتصرت على فنانين مغتربين، فإن جناح العراق يضم في بينالي 2013 اعمال فنانين من الداخل. وكان العثور على فنانين في بلد قد يبدو الرسم والنحت فيه اهتمامًا ثانويًا بالمقارنة مع صراع العراقيين اليومي ضد الموت والجنون. ولكن مؤسسة رؤيا للفن المعاصر قامت بدور كبير في جمع اعمال 11 فنانًا من داخل العراق وعرضها تحت اسم quot;مرحبا في العراقquot;.

وكان الهدف تقديم جانب من الحياة في العراق غير ما تبثه وسائل الاعلام من مشاهد الدمار والتفجيرات والدم. وقالت مديرة مؤسسة رؤيا للفن المعاصر تمارا الجلبي إن معرض quot;مرحبا في العراقquot; لا يحاول تزيين صورة العراق، بل يهدف الى إسماع صوت بشر لم يلتفت اليهم أحد. وتحدثت الجلبي عن انبثاق فن عراقي لا من رماد الغزو والصراع من اجل الحياة في وضع أمني محفوف بالمخاطر بعد الحرب فحسب، وانما من عقود القمع والرقابة في ظل النظام السابق والتي شهدت خنق حرية الابداع وتردي المعايير الجمالية.
وانطلقت تمارا الجلبي مع جونثان واتكنز مدير غاليري آيكون في مدينة برمنغهام وسط انكلترا للبحث عن فنانين من كردستان الى البصرة مرورًا ببغداد. واثمر بحثهما مجموعة من اعمال فنانين يعيشون ويعملون في العراق بينهم رسام الكاريكاتير عبد الرحيم ياسر والفنان التشكيلي عقيل خريف والرسام باسم شاكر والفنان البصري هاشم تايه والسينمائية فرات الجميل والمصور جمال بنجويني من السليمانية الذي لاقت سلسلة صوره quot;صدام هناquot; اهتمامًا خاصاً من النقاد والزوار بتصويره عراقيين بسطاء في مواقف يومية حاملين صور صدام على وجوههم كالقناع. وقال واتكنز إن هذا العمل تذكير بأن quot;عقلية النظام تبقى مقيمة في الرؤوسquot;.
وجُهزت قاعة كاملة من الجناح العراقي بأثاث مصنوع من صناديق مقوى قديمة بما في ذلك سرير وسجادة ومصباح وساعة منبهة ورف صُفت عليه كتب، كلها من الورق المقوى. وقال الفنان تايه عن هذا العمل إنه بدأ يستخدم مادة الورق المقوى في سنوات الحصار والعقوبات بعد عام 1991 حين اصبح كل شيء غالي الثمن بما في ذلك مواد الفنان من زيت واصباغ وفرش. فقرر تايه استخدام الورق المقوى الرخيص. ونقلت صحيفة الغارديان عن تايه أن الورق المقوى quot;مادة هشة مثل حياتنا الهشةquot; مضيفًا quot;أن ديمقراطيتنا هشة جداًquot;.
ولاحظ واتكنز مدير غاليري آيكون أن الكثير من الأعمال الفنية تمثل الصراع من أجل البقاء ومواصلة الحياة وايجاد طرق مبتكرة في مثل هذا الوضع الصعب.وتعتقد تمارا الجلبي أن فهم ما حدث خلال السنوات العشر الماضية منذ الاحتلال يحتاج الى جيل آخر لأن المطلوب هوالمزيد من الوقت والمسافة لتناول الحرب فنيًا.ولكن بعض الفنانين العراقيين يرون في عملهم فسحة للاختلاء مع أنفسهم وليس منبرًا للتعليقات السياسية. وقالت السينمائية فرات الجميل التي تشارك في المعرض بمنحوتة إن الفنان يعيش في عالمه الخاص وهو يخلق بيئته الخاصة ويمنع العالم الخارجي من التطفل عليها.
يستمر بينالي البندقية 2013 حتى 24 تشرين الثاني/نوفمبر.