برشلونة: في هدوء أنفعالي ربما، تستقر الوان الفنان quot;عبد الجليلquot;على سطوح لوحاته، و هو متعمدا أستقرارها الغريب يسعى مداعبة خيال المشاهد و أنا لا أفكر انه يعني ذالك حتما، هو لا يريد مداعبة خيال احدهم قبل لعبته الفنية و الخيالية مع نفسه.و هنا يتعمد الفنان نوعا من البرائة التقنية و اللونية في قصد مخلص لصراحة الالوان.
بطريقة أو بأخرى شخصيات لوحاته توازي، او تذكرنا ما رسمه quot;شاغالquot; من حيث الغرابة في بدايات القرن العشرين، الاختلاف هنا هو ان مفردات quot;مارك شاغالquot; تطير محلقة في سماء الغربة، و فناننا المعاصر quot;جليلquot; يمنح هذه الوحدات quot;سكوناquot; ارضيا هادئا، و غرابة هذا الهدوء تثير الانفعال حقا و تطلق لذاكرتنا عنان الشوق لاءحياء بغدادية أو غير بغدادية، رغم اني أودها quot;بغداديةquot; لعدة اسباب، منها مثلا دراستنا معا في اكاديمية الفنون الجميلة في بغداد على يد الاستاذ quot;فايق حسنquot; على مدى 4 سنوات، و جولاتنا المسائية في دروب المدينة القديمة و معا كنا نحاول تخيل الاسرار المختبئة خلف أبواب و نوافذ تلك الازقة الضيقة.
الوان الفنان تستريح في زوايا لوحاته، و تنتشر بسكون لتستقر في مساحات كان هو قد اختارها سابقا، و هذه تسلك دروبها دون عياء لتشتبك و تتكامل في هدوء فضائها.أعماله توحي سكون الغربة، و هو لا يتوسل مدرسة فنية، أو تقنية كلاسيكية في روح الفنان، هو يتطابق مع ذاته، و مع الوانه التي يتمكن منها بجودة عالية، الشخصيات غرباء في في غربة و quot;غرفةquot; مجهولة، أو في شرفة نائية لا نستطيع تحديد مكانها و يترك للمشاهد حرية التخمين في الزمان و المكان الذي من الصعب تحديده ليغترب هو ايضا في فضائه الملون ليترك أكثر من تفسير لاعماله.
هنا يتفرد الفنان بخصوصيته، بعيدا عن مؤثرات خارجية التي ربما تثير قي بعضا من نقاد الفن الخلط بين التجربة الذاتية المتفردة، و بين تأثير المدارس الفنية المتعددة.و هنا يطرح الفنان quot;عبد الجليل الشريفيquot; تفرده في غربته الذاتية التي تنأى عن الخشونة و القسوة.
لا أدري أذا كان يعني برائة العلاقات الانسانية في شخصياته، و لكن التمعن فيها يوحي بذالك، و هو يلح في رسم دائمي لشخصيتين في حالات ود أبدي و جفاء في نفس اللحظة حيث يمنح للحب غرابة الحنين الملون المخلص و الهادئ، ثم المشاركة الصريحة و الغربة، و أحيانا الوحدة قي الذاكرة، أعني ذاكرة الغريب فاقدا أرضا و وطننا كما معظم فناني عراق اليوم .
الفنان لا يزين لوحاته، و لا يذرف عليها دموع الغربة، و لا يبذل حهدا في تحديد مكانها و زمانها، هذا شان المشاهد.هو بذكاء فني ساحر يترك لهذا فرصة للحظات من الذاكرة و التجلي.