يؤمن الدكتور quot;سعد البازعيquot; عضو مجلس الشورى السعودي، ورئيس النادي الأدبي في الرياض، بأن حرية التعبير شرط أساسي لأي ثقافة وليس للثقافة الأدبية فقط، كي تزدهر وتصل إلى العالم، ويؤكد أن القيود تجعل الكثير من الأدباء السعوديين يلجأون لنشر انتاجاتهم خارج المملكة.


الرياض: عندما نمعن النظر إلى الثقافات، نجد تنوعاً هائلاً بينها، فكل ثقافة لها ظروفها المكانية والزمانية التي كوّنت أبعادها وجعلت لها الطابع الخاص الذي يميزها من غيرها.

واختلاف الثقافات على مرّ العصور صنع للإنسان طريق المعرفة، فالإنسان بطبيعة الحال يبحث دائماً عن كل ما هو جديد، ويحاول أن يلمّ بالأمور التي تجعله يتقدم أكثر ويرتقي إلى مراحل متقدمة من التطور في كل المجالات.

جميع هذه الثقافات وعلى الرغم من اختلافها، إلا أنها تتشابه كثيراً في طرق انتشارها بين الشعوب، فالاستعمار على سبيل المثال، كان له دور كبير في نشر ثقافة المستعمر، وكذلك اللغة، نجد أن لها دورًا هاماً أيضاً، فهناك كتابات تمت ترجمتها إلى لغات أخرى، لاقت رواجاً هائلاً وذلك لأن اللغة كانت هي حلقة الوصل.

وفي الثقافة الأدبية على وجه التحديد، تجد الهوية الخاصة بالمجتمع، فالأدب في حد ذاته تاريخ تتنوع به القصص والمواقف التي أصبحت مراجع أساسية للأدباء .

ولكننا نفتقر إلى الانتشار في ثقافتنا الأدبية ولا نجد لها ذلك الصيت بين الثقافات الغربية على الرغم من أننا نرى ثقافتهم على الأقل عندما نقرأ رواية لـ quot;شكسبيرquot; مثلاً، فكانت هذه النقطة محل اهتمام وتساؤل؟.

وفي لقاء خاص لـ quot;إيلافquot; مع الدكتور quot;سعد البازعيquot; عضو مجلس الشورى ورئيس النادي الأدبي في الرياض، أشرنا إلى هذه النقطة فأجاب: quot;أعتقد أن حرية التعبير شرط أساسي لأي ثقافة وليس للثقافة الأدبية فقط، كي تزدهر وتصل إلى العالم، تزايد القيود يخنق قدرات الأفراد، وعلى الرغم من أني لا أعتقد أن هناك حرية مطلقة في أي مكان في العالمquot;.

وأضاف: quot;لا شك أن هناك ضوابط وقوانين، لكن أيضاً هناك بعض القيود التي تفرض، تكون حتى غير مقبولة في ثقافتنا ذاتها، بمعنى أن هناك أفرادًا يرون أن هذا اللون من الكتابة أو هذه الأفكار التي تطرح غير صحيحة ولا ينبغي أن تنتشر، ويفرضون رأيهم ليس من خلال الأنظمة المعمول بها، وإنما من خلال إيديولوجيا يسيطرون من خلالها، وهذا ليس موجودًا في السعودية وحدها، وإنما موجود في مناطق أخرى من العالم العربي تحديداً والعالم الثالث بشكل عامquot;.

وأضاف: quot;هذه لا شك تلقي بظلالها على أدبنا وتجعل بعض الكتاب والمبدعين يبحثون عن طرق أخرى للوصول إلى الآخر، ومثال على ذلك: الكتابة بين الأسطر، التلميح، الرمز وفي بعض الحالات النشر خارج المملكة، وبالنسبة للنشر خارج المملكة لمعظم الأعمال الأدبية الجيدة التي ظهرت في الثلاثة عقود الماضية هو دلالة على الضيق بكثير من القيود المفروضة على الأدباءquot;.

وتابع: quot;أفضل وأكثر الكتاب المتميزين ينشرون خارج المملكة ليس فقط في الأدب وإنما حتى في الفكر والعلوم الإنسانية، إذاً الأمر واضح، مسألة القيود تؤدي إلى خنق الطاقات الإبداعية حيث ما كانت في الفنون كلها سواء الأدب أو الثقافة بشكل عام quot;.

وعن أنواع القيود يقول الدكتور البازعي: quot;الرقابة بشكل خاص، الرقيب مضطر لأن يشطب أي كلام يشتم فيه رائحة تجاوز التابوهات الموجودة والخطوط الحمراء ، وهذه التابوهات و الخطوط الحمراء تخضع لتفسير وتقدير شخصي، ليس هناك نظام واضح، طبعاً هناك أشياء لا خلاف عليها ولا نحتاج الحديث عنها، ونتفق على أنها لا ينبغي أن تكون، لكن الاقتراب والابتعاد عنها مسألة تقديرية للرقيب في وزارة الثقافة والإعلام، وأيضاً في المؤسسات الثقافية الأخرى يمارس هذا النوع من الرقابة وليس فقط في الوزارة، بمنع كلمة، بمنع فقرة، يلغي صفحات ويشطب كذا، لأنه يجتهد في تفادي عقوبة قد تحل عليه هو وليس على الكاتب فقط، وأحياناً يعمل هكذا لأنه يعتقد أن هذا فيه صالح البلد أو صالح الكاتب، أو قد يكون يحمي نفسه فقطquot;.

واستطرد: quot;هذه الأنواع من الرقابة في ما يتصل بالدين أو السياسة أو بالثقافة موجودة في كل مكان من العالم ودائماً توجد هذه القيود، لكنها تختلف من مكان لآخر و يختلف معدلها، وأعتقد أن المعدل عندنا مرتفعquot;.

وأكمل: quot;أحد الكتاب من جنوب أفريقيا قبل تحريرها من التحيز العنصري كان يقول للكتاب الأوروبيين: إذا كنتم تتحركون من حرف A إلى حرف M فنحن من نتحرك من حرف A إلى حرف D لا نتحرك إلا أربعة أحرف و نقف، فأنا أعتقد أن هذا حاصل عندنا، ما نشطح لأننا نخاف فيه رقيبا يعاقبquot;.

واختتم قائلاً: quot;هذا لا شك أنه يؤثرفي مستوى الإبداع، أخيراً ما الذي يحدث؟ الإبداع ينزوي تحت مظلة الرمزية والغموض والكتابة بين الأسطر والتلميح، لا يموت تماماً ولكنه يخنق ويتلاشى وينزوي وبالتالي لا يحقق المطلوبquot;.