مسرح مدينة مالمو في السويد
شاهدت عروض كثيرة لمسرحية أماديوس للكاتب بيتر شافر في المسرح الملكي دراماتن ستوكهولم وفي مسرح مدينة ستوكهولم ستاد تياتر& وفي فلم سينمائي& للمخرج ميلوش فورمان وحاز على& جوائز الاوسكار وحاليآ تعرض مسرحية أماديوس على مسرح هيب مسرح مدينة مالمو ستاد تياتر. سيرة حياة أماديوس موزارت على لسان انطونيو ساليري وزوجة موزارت , تحولت صالة المسرح هيب الى مدرجات من اربعة جهات ومداخل اربعة للخروج والدخول ومساحة المسرح في الوسط وارضيته سوداء وفيها بريق لامع أشبه مايكون بملعب رياضي ومداخل اربعة على شكل مرايا مؤطرة بالذهب يدخل ويخرج الممثلون من خلالها وفي وسط المسرح اله البيانوا& وساليري العجوز& يجلس بجواره مع أجواء وفضاء يغطيه الدخان المتصاعد والوان الاضاءة& الداكنة ساليري العجوز يجلس بجوار ألة البيانوا في استهلال مسرحي جميل. المخرج فرِدْ كولبرندسن ونهاية موزارت المأساوية وموت ساليري منتحرآ وهو يجلس على عربة المعوقين وهو يناجي ويطلب المغفرة بسبب قتله موزارت بعد دس السم في مشروب قدمه له بنفسه. وتبقى شخصية أماديوس المحبوب من الله والعبقري الموسيقي ووصوله الى فيينا ومحور الصراع وموأمرة أنطونيوا ساليري بسبب الغيرة والحسد ثلاث ساعات ونحن نتواصل في مسرح الغرفة وخشبة مسرح مستطيلة وشخصية ساليري تصول في كنف الرعاية الملكية وإذا بشاب موسيقي عبقري يظهر اسمه أماديوس موزارت العبقري الموسيقي أفضل منه ربما يستهوي العرش الملكي لذلك بدأ ساليري يخشى ويخاف ان يفقد وظيفته ويحل موزارت في محله لذلك بدأ التشهير به ومحاولة مساومة زوجته على شرفها وفي الفصل الثاني بعد الاستراحة تطورت وتسارعت الاحداث وايقاع المسرحية ساليري دخل دائرة الانتقام ودخول الارواح الشريرة من خلال الاقنعة المختلفة وأقنعة الحيوانات والملابس السوداء وذهول وخوف موزارت وهي تطارده.

جدلية الحركة والصوت
أماديوس وباروكات الشعر المستعار والملابس وخصوصية ألوانها وطريقة تجسيد الادوار وتحقيق صورهم لدى المتفرج وتبقى شخصية ساليري وقدرته على تجسيد الشر والمكيدة وهو يتحدث عن الجمال ويقدم الشراب الى موزارت أشد فتكآ وخطرآ وفي مشهد مساومته مع زوجة موزارت وطريقة تغيير صوته وحركته وحركة يديه، وتبقى جدلية الحركة والصوت عند الممثل توحي لخصوصية دوره ويبقى أماديوس موزارت وشكله الطفولي وحركاته وصوته وضحكته توحي لنا بطبيعتة وطيبته وببساطة شخصيته وتواضعها وهو يقبل يد الملك طالبآ منه العون والمساعدة وتوزيع قبلاته لزوجته وفرح اللقاء فكل حواراته وحركاته كانت وجدانية وهي قريبة لروحه وشخصيته الموسيقية الفذة وصوته المنغم مثل ألة موسيقية على العكس من شخصية أنطونيوا ساليري وحركاته المستبدة حركة خاضعة للسكون وحالة التأمر وصوته الاجش والضخم يوحي للمتفرج من الوهلة الاولى رغم معرفتنا المسبقة بمكونات شخصيته الشريرة وهو يمارس لعبة الخيانة . والجميع اوصل لنا الافكار والمشاعر من خلال عنصر الاداء المقنع وقوة التعبير وتوظيف عضلات الوجه وحركة اليدين والجسد شاهدنا انطونيوا ساليري كيف يتصرف في حالة المكيدة والمساومة وتوزيع الابتسامات كلها إشارات واعية لنوع الشخصية أما شخصية موزارت وحركاته وتوزيع الضحكات وحيويته الشبابية والوجه الطفولي البشوش المفعم بالحب والبهجة والضحك كيف تحول بلحظات الى وجه اصفر يعاني من وهل المرض وذوبان وخمول الجسد الى وجه يسوده الحزن والبكاء والدموع ويبقى الوجه عنصر مهم في كشف زيف المشاعر والنفاق، هناك اشارات مهمة توحي للشخصية مثل الانحناء وفي شخصية اماديوس موزارت توحي لطيبته وبساطته والاحترام كل هذه الاشارات والشفرات كانت مفتاح لمعرفة ثيمة المسرحية الحسد والغيرة ومستحيل ان تلتقي العبقرية مع الشر اي اماديوس موزارت مع انطونيوا ساليري صاحب الشراب المسموم وموزارت وهو يكتب ويعد موسيقى صلاة الجناز وسلوك ساليري المصاب بعقدة الغيرة والحسد& وهو ابن السلطة اما موزارت تبقى شخصية محايدة وإنتحار& انطونيوا ساليري بسبب الشعور بعقدة الذنب .

تشكيل الفضاء المسرحي
في كل العروض المسرحية الحديثة والعصرية هناك تعاون وتنسيق مابين المخرج والسينوغراف والدراماتورج الجميع يشكل الكيان الفني للصورة الاخراجية ويبقى المسرح عبارة عن فرقة اوركسترا ماعاد الحديث فقط عن المخرج والمؤلف ويبقى الممثل هو الفنان العامر قلبه بالاحساس وعقله المتيقظ بالذكاء والتجريب وهناك العديد من الممثلين من رفد النص وجعله أكثر ثراء واعمق أحيانآ ماكان يخطر على بال المؤلف ،المثل وعنصر الحداثة والالمام بكل عناصر العلوم الانسانية وللمسرح اهمية في تنوير حياة المجتمع ويبقى وظيفة المخرج كبيرة في تفجير طاقات الممثلين على الاداء وطريقة معالجته في رسم وتكوين خشبة المسرح بالتنسيق مع السينوغراف عندما يكون المسرح عبارة عن لسان او مستطيل او مسرح دائري يمتد وسط الصالة متجاوزآ حدود وشكل معمارية مسرح العلبة الايطالي التقليدي ونجلس نحن المتفرجين بطريقة أكثر قربآ وصلة حميمية مع الممثلين وجعلنا المخرج نعيش الحدث وكانت ذروة الختام ان نقف ونصفق ونضرب باقدامنا على الارض اكرامآ واعجابآ للمتعة الفنية والفكرية ولقوة الاداء . اماالكاتب بيتر شافر كاتب بريطاني من كتاب مسرح الغضب وهو من جيل اوزبورن جيل الغاضبين والساخطين وكان للمخرج فرِدْ دور كبير في توفير الشروط المادية والجمالية ويبقى دور السينوغراف والدراماتورج والازياء والمكياج كانت عناصر فاعلة تشترك في الاداء اما معمارية مسرح مدينة مالموا هيب وتحديد مسرح مستطيل في الوسط واختيار طريقة جلوس المتفرج والمداخل الاربعة لخروج ودخول الممثلين من بين الجمهور المسرح& عبارة عن ملعب رياضي& تجاوزنا حدود مسرح العلبة وكنا نعيش حالة التلقائية والعفوية في متعة العرض استطاع المخرج والسينوغراف خلق مهمات لعمال المسرح والممثلين وتحريك وتوظيف كل الادوات والاكسسوارات وتحريك القاعدة الارضية للمسرح دخول وخروج حاملي الشموع والاواني الخاصة بالاكل ودخول الكراسي الملكية وخروجها ومداخل البراويز الاربعة المذبة وشكل المرايا ودخول وخروج الممثلين منها وخلق الاجواء التي توحي لوجود الاسرة الملكية الاحتفالات واستخدام الاظاءة الفيضية وكل هذه الاشارات والدلالات لها مهام مناسبة وخاصة في عرض مسرحية أماديوس ووجود الة البيانوا الموسيقية في وسط المسرح توحي الى أجواء واحداث موسيقية ورمز وعلامة مهمة تلعب دورآ اساسيآ ومهمآ في خصوصية العرض المسرحي وسيرة الشخصية الموسيقية ولعبت دورآ مهمآ في تشكيل المسار الدرامي للعرض. وظهور ساليري العجوزوهو جالس امام ألة البيانوا ويحاول ن يدلي بإعترافاته في قداس كنسي كان وصف لممثل بارع ومقتدر من صنعته ومن كل خصائص المهمات المسرحية ممثل قادر على التنوع في صوته وتبديل هويته حسب الموقف ويبدأ بخلع& ملابسه أمام الجمهور وتغيير باروكة شعره المستعارة وارتداء ملابس جديدة وتكون البداية لبدء احداث المسرحية .وفي هذه المسرحية كانت الملابس والازياء تكشف وتحدد مسار زمن الاحداث ولها قيمة ووظيفة جمالية في تشكيل الصورة النهائية للعرض ، ربما لعبت الازياء والمكياج امتداد تشكيلي متحرك للمنظر المسرحي وتوظيف دلالي ذكي ومعادل لفكرة التصنع والتغيير الزائف عن المشاعر وهذا يبرز أكثر وضوحآ لنا في مكياج شخصية أنطونيوا ساليري ولعبت الاقنعة والشراشف السوداء في تحديد طبيعة وخصوصية العرض المسرحي وخاصة في مشاهد مطاردة اماديوس موزارت وهو مريض وخائف وفي حالة موته المقدس ونزوله الى الاسفل من خلال تقنيات حركة خشبة المسرح والمشاهدة الاخيرة لزوجته وبحضور& انطونيوا ساليري وفق المثل القائل :"يقتل القتيل ويحضرفي جنازته".. ويبقى عرض مسرحية أماديوس من العروض الموسيقية والسيرة الذاتية لشخصية موزارت وزوجته . عند ظهور انطونيوا ساليري في ختام المسرحية وهو يعترف بجريمته وهو يجلس على كرسي المعوقين وهو يحز رقبته بسكين وينتحر وبدأ الكتاب يدونون تأريخ هذه المأساة وظهرت الحقائق وفضيحة موأمرة موت اماديوس موزارت في الصحافة من خلال ظهور يحملون الصحف
عصمان فارس مخرج وناقد مسرحي السويد

&