"لا سيليستين" و"دورا مار" ستعرضان مجددا امام اعين الزوار: فبعد خمس سنوات من العمل، يعيد متحف بيكاسو فتح ابوابه السبت في باريس مع عرض جديد لمجموعته، الاكثر شمولا في العالم للرسام الاسباني. ولم يتم اختيار الموعد عن طريق الصدفة: اذ انه يمثل ذكرى مرور 133 عاما على مولد الرسام في 25 تشرين الاول/اكتوبر 1881.
واشار لوران لوبون المدير الجديد للمتحف الى ان فندق "لوتيل ساليه" في حي لاماريه في قلب العاصمة الفرنسية حيث موقع المتحف، يمثل "موقعا ساحرا، احد اجمل الفنادق الخاصة في فرنسا، المساحات رائعة وملائمة حقا لاعمال بيكاسو". وقد تأخر افتتاح المتحف خصوصا بسبب المناخ الاجتماعي المتوتر الذي رافق هذه العملية بعد انتقال دفة القيادة جراء الازمة الداخلية التي ادت الى سحب التفويض الممنوح للمديرة السابقة للمتحف آن بالداساري. فقد كانت هذه الاخيرة المعروفة بإلمامها الكبير بأعمال الرسام الاندلسي الراحل، موكلة في بادئ الامر بالتحضير لافتتاح المتحف. الا ان الوقت حاليا هو للاحتفال بالابداع الكبير لبيكاسو واعادة اكتشاف نتاجه اللافت (4755 عملا فنيا)، في تتويج لاسبوع فني استثنائي في باريس شهد المعرض الدولي للفن المعاصر وتدشين "مؤسسة لوي فويتون". وقد شهد "لوتيل ساليه" (الفندق المالح) المشيد سنة 1659 والذي أخذ اسمه من مؤسسه بيار اوبير مهندس مبدأ الضريبة على الملح، اعمال ترميم ضخمة اشرف عليها المهندس جان فرنسوا بودان وآن بالداساري. ومع انتهاء اعمال الترميم، زادت المساحات المخصصة للجمهور بواقع اكثر من الضعف لتنتقل من 2300 متر مربع (بينها 1600 متر مربع مخصصة للعرض) الى 5 الاف متر مربع (بينها 3600 متر مربع مخصصة للعرض). كما تم تحسين هندسة الممرات في داخل الموقع حيث "بات المسار انسيابيا جدا" في داخل المتحف، وفق لوبون.
وتبلغ قيمة العملية 43 مليون يورو ممولة بنسبة 65 % من المتحف نفسه بفضل 21 معرضا حول العالم ضمت اعمالا لكبار الفنانين. ولفتت آن بالداساري الى ان "فرنسا محظوظة لأنها تحافظ على اكبر مجموعة لاعمال بيكاسو في العالم بفضل سخاء الورثة. هذه المجموعة فرنسية لكنها تحاكي العالم اجمع". وقد وضعت بالداساري ثلاث مسارات للزيارة احدها يمتد على ثلاثة مستويات تذكر كلها بمجمل النتاج الفني لبيكاسو حتى العام 1972. وفي الطبقة العلوية من المتحف جناح مخصص لاجراء "مواجهة بين بيكاسو وفنانيه المفضلين" امثال سيزان وديغاس وماتيس وبراك... اما في الاقسام السفلية فيمكن معاينة المشاغل المختلفة لبيكاسو ومن خلالها متابعة كل المسار الابداعي للرسام. ويضم المتحف مجموعة من ابرز لوحات بيكاسو بعضها مستوحى من كبار الفنانين من امثال فيلاسكيز وغويا ومانيه، واخرى رسمها الفنان الاسباني تكريما لرسامين اخرين مثل لوحة "الرقصة القروية" (1922) وهي تحية لاوغست رينوار. ومن بين اللوحات ايضا بورتريه رسمه بيكاسو سنة 1938 عن فنسنت فان غوخ ردا على دعوة جوزيف غوبلز وزير الدعاية السياسية في عهد ادولف هتلر الى اخصاء الفنانين المعاصرين. وأكدت آن بالداساري انه "ايا كانت اللغة، سواء تعلق الامر بالمدرسة الكلاسيكية او الواقعية او التمثيل او التشكيل، بيكاسو يذهب دائما الى ما هو ابعد"، مشيرة الى ان الرسام الاسباني "يمكنه فعل الشيء ونقيضه". واضافت "اردت اظهار اشكال المنطق العميقة التي تقود العمل بما هو ابعد واقرب من المظاهر". وتضم المجموعة 297 لوحة و368 منحوتة مقدمة على دفعتين، الاولى من احفاد بيكاسو سنة 1979 والثانية من ورثة جاكلين بيكاسو سنة 1990.


&