على مسرح كلارا في ستوكهولم حياة غاليلو والكاتب برتولد بريخت , شخصية غاليلو وتنازله عن أفكاره العلمية بضغط من محاكم التفتيش الدينية والمسؤولية& العلمية إنكار الحقيقة لكي لايفقد حياته& يدخل في خانة الموقف . وحقيقة الكون والارض تدور حول الشمس وليس العكس وحرية العالم والاكتشافات العلمية وكيفية الالتزام وعدم التنازل والخوف ومنع الافكار العلمية وقصة بطل واحتفال العقل والعلم ومستقبل الاكتشافات العلمية& في زمن التكلس الفكري والحكم& على من يخالف محاكم التفتيش بالهرطقة.كتب بريخت مسرحية غاليلو في سنة& في سنة ١٩٣٨& من منفاه في الدانمارك .& يقول :"المخرج لينارت برستروم العالم اليوم يعيش مرحلة البحث والابداع وهناك أوجه التشابه مابين ثيمة المسرحية وعالم التكنولجيا اليوم وشبكة التواصل مابين الناس في كوكبنا الجميل وقريتنا الصغيرة ". أسئلة عديدة شحنت زمن وحياة العالم غاليلوا وهو يعيش في زمن الظلام وتكميم الافواه وحجب الحقيقة بغربال .وزمن كاتبنا برتولد بريخت الهارب من جحيم النازية والعنصرية& كل المناظير وحقيقة الكون لاتجدي نفعآ ولاتقنع كهنة روما في مسرحية حياة غاليلو الممثل ليف أندريه يؤدي شخصية غاليلوا والمخرج& لينارت يولستروم هل الخروج على النص الاصلي وتأويل المخرج وفق عصرنا هذا ممكن يصيب المتلقي بالاحباط وفشل المتابعة والخيبة ربما يفشل المخرج في تفسيره للنص البريختي والغاء بعض الحوارات المهمة عند غاليلو والتركيز على الكرادلة والكهنة وهم يوجهون تهمة الزندقة والهرطقة ضده لمحاولة اجهاض أفكاره وتنازله وتخليه عما يطرحه , لكن وجود الاطفال أضفى جو الامل في تواصل الحياة مع الاجيال القادمة وانتصرت إرادة لانسان والعلم على عقول الجهل والكسل سنة&&&&& ٢٠٠٩ إعتبرت اليونسكو السنة الدولية لعلم الفلك والتلسكوب إحتفاء بغاليلو وإكتشافاته المذهلة في علم الفلك والنظام ألشمسي والانفجارات الكبيرة ونحن نعيش ظاهرة& الاحتباس الحراري وتأثيرها على الارض

بريخت ومسرح التغيير والوعي لدى المتلقي
عاش بريخت فترة عصيبة في فترة تنامي حكم النازية وتفاعل معها كشاعر وإنسان ووقف بالضد من العنصرية وأعداء الحرية لذلك في مسرحه الملحمي أكد على وجوب التغيير وتوعية الناس وتقديم المتعة الفنية والمعرفية وتثوير الفكر لدى المتلقي ويصبح المألوف غريبآ ويتجه به نحو التأمل والتفكير وابتعاده عن مسار التطهير ومبدأ الشفقة على البطل وماحل به وعدم الاستسلام للواقع وفق نظرية أرسطوا، والفن ليس محاكاة للواقع وانما محاكة لظروف إقتصادية وإجتماعية يتطلب إتخاد موقف مما يحصل ،استطاع بريخت هدم الافكار القديمة والدعوة لافكار جديدة وخروج المتفرج من حالة السلبية وممكن إستفزازه ومشاكسته بشكل إيجابي في العرض المسرحي إيقاظ وعيه النقدي لتغيير الواقع والغاء حالة الايهام والتعاطف الارسطي، والتركيز على التغريب وعليه دفع المتلقي الى إتخاد قرارات ومواقف مما يحدث ويصبح جزء من الاحداث بعد تنشيط حاسته النقدية.. يبقى بريخت يبحث عن شخصية يجانسه ربما طريقة قريبة من مكوناته ومعاناته هرب من النازية لكنه غاليلو لكي يطرح نور الحقيقة وسط الظلام والجهل،هل إستطاع بريخت وغاليلو ان يصلحا الواقع وينيرا الطريق ويصححا كل الاخطاء ؟ ومحنة مواجهة الجمود وجور الحاكمين ربما إختار بريخت النفي والتشريد والتعذيب وغاليلو تراجع عن أفكاره. بالرغم إن مسرح بريخت الملحمي وخاصة& في مسرحية غاليلو هناك إشارات حركية دالة تجسد صورة العلاقة مابين التقدم العلمي وسلطة الكنيسة المحافظة والدين والمجتمع والسياسة ، والفعل الاشاري والدال الحركي غير ممكن أن يتعرض للتزييف عن اللغة والرسالة الايديولوجية وتلغي عملية التوحد والتعاطف مابين المتلقي والممثل إلا بطريقة قطع الحدث عن طريق الاحجام المفاجئ بإستخدام الاضاءة الفيضية والموسيقى والغناء أو استخدام موسيقى الجاز مثلما حصل في مسرحية غاليلو في ستوكهولم ، وعدم صرف المتلقي عن متابعة الشكل المسرحي والتركيز على المضمون الايديولوجي وعدم فرض الرقابة وإلغاء دور العلم في طروحات غاليلو العلمية والمعرفية ،& فمسرح بريخت يلغي حالة العبودية في خشبة& المسرح ويحوله الى قاعة معروضات وبشكل هندسي جميل، ماعادت مهمة المخرج توجيه وحركة الاداء المسرحي وطريقة الالقاء ون تركز دوره عى الافكار وإتخاد مواقف منها وتحديد ملامح الدور وإختفاء البطل التراجيدي ويجعل المتلقي يعيش حالة الترفيه والمتعة وعملية الانفصال الوجداني , ربما نتعاطف مع غاليلو أو مع الام الشجاعة بسبب الظلم الذي وقع عليهما. ويبقى المسرح منذ نشأته يطرح مصائر الناس كان مصير الانسان والبطل بيد الالهة وقدرية الحدث وفي غاليلو كان مصيرة بيد الكنيسة ومحاكم التفتيش أما خلال الحربين كان مصيره بيد الحاكم.
المسرح البريختي وإستراتيجية العرض المسرحي يبنى على اساس ودعائم فكرية وسياسية وفق التغريب وإبتعاد الحدث عن الواقع اليومي المألوف وتوسيع األمسافة& مابين خشبة المسرح والمتلقي وإثارة الدهشة كما هو في مسرح التطهير الارسطي . عندما يصبح العالم غريبآ على المتلقي أن يتغير وتنمية وعيه وفهمه للعالم المحيط به والسلوك الانساني ومسرحيات بريخت تضيف شيئ جديد ومعرفي لتناقضات الواقع والتباين الطبقي ويؤمن بريخت بالجدل ومنهجية التفكير والابداع والتطور وتنمية العنصر النقدي للواقع ، ويتكامل الخطاب المسرحي عنده من خلال الكلمة والموسيقى والغناء وخلق حالة الاندماج المونتاجي للعمل والعرض المسرحي وتغيير مفاهيم القيم الجمالية نحو الافضل وهذا هو الاسلوب الامثل لتقديم مسرحيات بريخت وعلى المخرج أن يستند على الفلسفة الجمالية في تجسيد الاخراج المسرحي لكل مسرحيات بريخت . في المسرح هناك علامات وإشارات مرسلة من الممثل الى صندوق بريد ذاكرة المتلقي والرسالة المرسلة سواء كانت واقعية أو خيالية وقد تكون سبب خلاف أو فجوة مابين الاثنين أو يحدث حالة التقارب ،فالخطاب المعلن من قبل الممثل وإنشاء الحدث المسرحي وفي إطار الثقافة يستوجبلمن المتلقي تقييم صحة وفرضيات مايطرحه الممثل .بريخت كان يعتقد ويتصور إن وظيفة المسرح هو توعية المتلقي في إطار الايديولوجية والفعل السياسي على خشبة المسرح وينطلق المتلقي الى الشارع وهو ينشد فعل التغيير وفي منظور ماركسي.والمسرح الاحتفالي يشترك المتلقي فيه ويتحول الى مؤدي في المسرح وعلى ضوئه ينهار الحاجز والجدار الذي يفصل مابين الاثنين ورغبة التحويل تتحول وتتمحور من شخصية الممثل الى المتلقي وبعدها يستطيع فك كافة الشفرات المرسلة والكودات والمسجات من خشبة المسرح وتتطور قنوات التوصيل مابين المسرح ومناطق نفود الوعي& والثقافة عندما يختفي البطل التراجيدي في مسرح بريخت وتنتهي حالة الشد والتوتر والتشنج لدى المتلقي والممثل وتبدأ مرحلة التثقيف الايديولوجي ،ويصبح طقس العرض المسرحي مزكوم بالوعظ والارشاد ويتحول الاحتفال المسرحي الى جو خزين من المتعة والترفيه وتبدأ حالة الاسترخاء لدى المتلقي والشعور بجو وطقس الالفة لكن الامر يختلف في مسرحية الام الشجاعة كلنا نشعر بالشفقة والتعاطف مع الام ومعاناتها في زمن الخراب وويلات الحرب وفقدان الابناء. وإذا أردنا الحفاظ على لغة بريخت نقول إنه يمكن إدهاش الذين يحملون صورة تقليدية عن الفرد ،أما حالة التوتر في مسرحية حياة غاليلو والمشكلة الفردية بسبب شخصية غاليلو الانتهازية وهذا لايعني إن بريخت كاتب يعالج مواضيع إجتماعية ، لقد أدخل بريخت بريخت العلم الى المسرح ليس ليجعله علميآ ولكن لكي يقدم متعة مسرحية جديدة وهو يستعمل العلم لتغيير المجتمع& تجربة& ويقول بريخت على الفن أن يضيف شيئ جديد الى الجمهور.
ربما عدتُ سنين الى الوراء والمسرح وذوق السبعينات وهل ممكن أن يتكرر البطل الثوري وفق مفاهيم ماركسية أم الهروب واللجوء الى المنافي مثلما حصل مع كاتبنا بريخت& ومساومة بطله غاليلو وحكاية عالم تخلى عن علمه بسب الخوف والتهديد أو عالم أخر أخفى سجلات علمه وادعى الجنون كما في مسرحية علماء الطبيعة والكاتب فريدريش دورنيمات من يستطيع مواجهة& محاكم التفتيش والبابا والحاكم وسلطة القمع وكل من يتكلم عن تفاحة نيوتن والكواكب والاقمار والنجوم وتابوات منع العلم؟ مسرحية حياة غاليلو وأزياء رجال محاكم التفتيش مابين الاحمر الزاهي والارجواني وعشرات الممثلين يتحركون على خشبة المسرح ولكن يبقى السوآل المحير كيف استطاع غاليلو أن يحفظ رقبته ولايتهم بالزندقة والهرطقة؟ وكل هذه الاسئلة في مخيلتي كمتلقي وأخيرآ إنتصر العلم وكل القيم الحضارية. في مسرحية حياة غاليلو في ستوكهولم فضاء المسرح والتلسكوبات والكرة الارضية& تشعرنا إن بريخت وغاليلو كانا علماء للرياضيات والفيزياء والاجرام السماوية ، لكن الاثنان& إختلفا مع أرسطو وعقدة الكنيسة . فعقيدة غاليلو وبحثه عن مركز الكون كما هو كوبرنيكوس واجهت عرضة شديدة من رجال الكنيسة وحاول إخفاء بحثه لحماية نفسه من التعذيب وربما كتب بريخت هذه المسرحية تجسد شخصيته& الهارب والناجي من جحيم وعنصرية النازية.المخرج لينارت يولستروم& يذكرنا بفرق ومسرح المجاميع الحرة& مع استرخاء الجمهور وحيويته وعملية الولوج في عالم التغريب والمألوف وغير المألوف وهو يجسد فكرة بريخت في جعل المتلقي يفكر وبدون عواطف وعدم الهرولة والسقوط في إتون الماضي وعدم التعاطف مع النساء وخاصة ابنة& اليلو فرجينيا والتي حرمها من الزواج& ،وشخصية غاليلو قمة وكاريزما براغماتية; في عصرنا هذا هل يستحق غاليلو& جائزة نوبل على إكتشافاته؟ مثلما يكرم بعض العلماء وتصرف الاموال لهم تكريمآ لعلمهم واكتشافتهم. وهل العالم يحتاج مثلآ في& إكتشاف الذرة القوة من أجل تفعيل وتنشيط ماكنة الحروب؟ كل هذه الاسئلة كمتلقي وانا أشاهد مسرحية حياة غاليلو ونحن نعيش عصر إنتهازية وبراغماتية أشخاص وعلماء وقادة شعوب وربما دول& كثيرة&&&&

عصمان فارس مخرج وناقد مسرحي ستوكهولم

&


&