دبي: أكد أدباء ضمن فعاليات معرض الشارقة الدولي للكتاب 2014 أن العصر الرقمي بإنسانه الافتراضي ومجتمعه الجديد المختلف يحتاج إلى كتابة من نوع جديد، كتابة مختلفة لتعبر عنه وعن مجتمعه، وهي ليست بالرواية ولا الشعر، وليست بالمسرح ولا السينما ولا مجرد اللغة التقنية الجديدة بل هي مزيج من الكل، وعابرة للأجناس الأدبية السابقة وعصية على التجنيس إذا تم تقييمها باستخدام النظريات النقدية السابقة. متوقعين أن هذه اللغة الجديدة ستكون هي السائدة خلال العقود القادمة بسبب التحولات الكبيرة للعصر الرقمي وتوجه الأجيال لاستخدام الشبكة العنكبوتية بشكل واسع.

جاء ذلك في الندوة الثقافية المتخصصة "ثقافة العصر الرقمي" لمناقشة ثقافة وأدب وحوارات العصر الجديد، والتحديات التي تفرضها على الواقع الثقافي والقرائي الحالي، ومستقبل الثقافة الرقمية، وضمت الندوة كلا من الروائي الفلسطيني محمود الريماوي، والكاتبة الإماراتية عائشة العاجل، والكاتب الأردني محمد سناجلة، وأدار الندوة الإعلامي أسامة مرة.

ضعف القراءة والإقبال على الكتاب

واستهل الروائي الفلسطيني محمود الريماوي حديثه عن الثقافة الرقمية قائلا "لقد جاءت الصناعة الرقمية لكي تشكل ذريعة تسوغ للبعض ضعف القراءة والإقبال على الكتاب في مجتمعاتنا، وصحيح أن الأجيال الجديدة تقبل على قراءة وتصفح الكتب في الشبكة العنكبوتية، وهذا أمر يستحق التشجيع والدعم، غير أن القراءة الإلكترونية تتسم بما يتسم به تصفح الإنترنت عموما من سرعة وتنقل وتشتيت خلافا لقراءة الكتاب الورقي التي تتسم بالرؤية والتركيز، وتكون مصحوبة بالتأمل، والتأثير العميق".

وأضاف الريماوي "في ضوء تسهيل الشبكة العنكبوتية لعملية النشر، وفتح الباب واسعا أمام المدونات والأعمال الأدبية، غاب النقاد والمتخصصون عن متابعة ونقد الأعمال المنشورة في الشبكة المذكورة، وحلت بدلا من ذلك مظاهر الصداقة والإعجاب الودي والتشجيع الفوري المجاني لهذا النوع من الأدب بلا تمييز، كما اختلط أصحاب المواهب بآخرين من ضعاف المستوى، وإن كان طموحهم كبيرا للعثور على موقع لهم في عالم الأدب، ومع هذا الاختلاط الكبير بين الغث والسمين يمكن تصور مدى الحيرة والتخبط التي تحيط بالقارئ الالكتروني على خلاف القارئ الورقي إذا جاز التعبير".

مواقع التواصل الاجتماعي والمدونات الإلكترونية

وبينت الكاتبة الإماراتية عائشة العاجل رئيسة قسم الإعلام في دائرة الثقافة والإعلام في الشارقة "إن إشراك المتصفح في التدوين والتعقيب على مواقع التواصل الاجتماعي والمدونات الإلكترونية أثرى وجدد الممارسات الكتابية المختلفة، كما فتحت الفضاءات الإلكترونية آفاقاً واسعة لتشكيل الآراء والاتجاهات من خلال بنية الخطاب الإلكتروني، وكيفية قراءة النص من أكثر من وجهة وزاوية نتيجة تعدد المصادر، وقد أسهم تعدد الروابط التي تنقل المستخدم من موقع لآخر أو نص لآخر من التعرف السريع إلى خلفيات الأحداث والإحصاءات المرتبطة بها بشكل يغني النص الأصلي ويطور مادته".

وأكدت العاجل أنه "لا يمكن تطبيق نظريات الإعلام والصحافة على واقع الإعلام الجديد، لأن الاستخدامات والخصائص المرتبطة بالوسيلة والمرسل والمتقبل قد تغيرت، وانطلقت نحو عوالم رمزية وفضاءات تتشكل فيها خطابات تواصلية وسرديات جديدة قائمة على تعدد المصادر والأصوات، وجعلت منها عالما قائما بحد ذاته، يأتي كل يوم بالجيد، ويحتاج إلى المزيد من البحث والدراسة".

نظرية الواقعية الرقمية

من جانبه تحدث الكاتب الأردني محمد سناجلة مؤسس اتحاد كتاب الشبكة العنكبوتية العرب عن نظرية أدبية جديدة قائلاً "نحن أمام نظرية جديدة اسمها (نظرية الواقعية الرقمية")، وهي تلك الكتابة التي تستخدم الأشكال الجديدة التي أنتجها العصر الرقمي، وبالذات تقنية النص المترابط ومؤثرات (المالتي ميديا) المختلفة من صورة وصوت وحركة وفن (الجرافيك) و(الأنيميشنز) المختلفة، وتدخلها ضمن بنية الفعل الكتابي الإبداعي لتعبر عن العصر الرقمي والمجتمع الذي أنتجه، وإنسان هذا العصر الذي يعيش ضمن المجتمع الرقمي الافتراضي، وهي أيضا تلك الكتابة التي تعبر عن التحولات التي ترافق الإنسان بانتقاله من كينونته الأولى كإنسان واقعي إلى كينونته الجديدة كإنسان رقمي افتراضي".

وأوضح سناجلة أن العصر الرقمي بإنسانه الافتراضي ومجتمعه الجديد المختلف يحتاج إلى كتابة من نوع جديد، كتابة مختلفة لتعبر عنه وعن مجتمعه، مؤكداً أنها ليست بالرواية ولا الشعر، وليست بالمسرح ولا السينما ولا مجرد اللغة التقنية الجديدة بل هي مزيج من الكل، وعابرة للأجناس الأدبية السابقة وعصية على التجنيس إذا تم تقييمها باستخدام النظريات النقدية السابقة.

وتوقع سناجلة أن هذه اللغة الجديدة ستكون هي السائدة خلال العقود القادمة بسبب التحولات الكبيرة للعصر الرقمي وتوجه الأجيال لاستخدام الشبكة بشكل واسع. وجدير بالذكر أنه تم تأسيس معرض الشارقة للكتاب في عام 1982 بمرسوم أميري أصدره الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، وقد تطور المعرض ليصبح& أحد أهم وأكبر أربع معارض& في العالم.

ويعتبر المعرض الذي ستختتم فعالياته يوم غد السبت نتيجة طبيعية ومباشرة لما تقوم به إمارة الشارقة من جهود لتطوير وتعزيز ثقافة القراءة في الشارقة والإمارات، وهو ما يتجلى بكل وضوح في شعار المعرض "في حب الكلمة المقروءة.