1.

لو كان لدينا من الدُّنيا والزمنِ ما يكفي
لما كان هذا الخجلُ -يا سيدتي- جريمةً
كنا جلسنا سويًّا لنفكر في أيِّ طريقٍ نسلك
وعلى أيةِ حالٍ نمضي نهارَ حُبِّنا المديد
كنتِ عبثتِ باليواقيتِ على ضفافِ الغانج
وكنتُ بثثتُ لواجعَ صدري إلى أمواهِ الهَمبر
كنتُ أحببتُكِ قبل الطوفانِ بعشرةِ أعوامٍ
وكان بوسعِكِ -لو طابَ لكِ- أن تتمنَّعي
إلى أن تلوحَ أشراطُ الساعةِ
كان حُبِّي النباتيّ -بالأحْرَى- سينمو
أشسعَ من الامبراطوريات وأبطأ منها:
مِئَةَ عامٍ في التسبيحِ لعينيكِ والتأملِ
في ألقِ جبينكِ كنتُ قضيتُ
ومئتي عامٍ في عبادةِ كُلِّ نهدٍ من نهديكِ
وثلاثين ألفَ عامٍ
للباقي من فِردَوسِ جسدِكِ
دهراً على الأقلِّ لكُلِ زهرةٍ فيه
وآخرها للكشفِ عن جذورِ جوهرِكِ
لأنَّكِ تستحقين هذا الجلالَ
ولأنني لا أعشقُ أدنى من هذا العشقِ

2.

لكنني دومًا أسمعُ
عرباتِ الزمنِ المجنَّحة
تصطخبُ ورائي ومهرولةً تدنو
وهنالك ليس أمامنا غيرُ
سَباسِبٍ من الخلود الهائل
حيث يندثرُ جمالُكِ بلا رجعةٍ
وتذبلُ أصداءُ أغنيتي
في لحدِكِ المرمري: حينها ستلتهمُ الديدانُ
عُذريَّتَكِ المَصُونةَ منذ أمدٍ طويل
وتستحيلُ عِفَتُكِ غباراً
وسعيرُ اشتهائي رماداً
إن القبرَ مكانٌ بديعٌ لا رقباءَ فيه
لكن العشاقَ هناك لا يتعانقون

3.

لذا، مادامتْ مَسحاتُ الشبابِ
تترقرقُ على بشرتِك كأنداء الصُبحِ
مادامتْ رُوحُكِ الظمأي تتفصَّدُ
عبر جميعِ مسامِها لظىً من الرغبةِ
دعينا الآن نتداعب ماجنين
طالما بمقدورنا هذا
دعينا الآن كالطيورِ الكواسرِ
نفترسُ زمنَنا -على الفَورِ- بشغفٍ
عوضًا عن الانسحاقِ ببطءٍ
في قبضةِ جبروتِهِ المشققة
دعينا نضفرُ كُلَّ قوانا وكُلَّ عذوبتِنا
في جديلةٍ واحدة
وفي كفاحِنا المسلَّح بالقبلاتِ المحمومة
نجتازُ بنشوتِنا بواباتِ الحياةِ الحديدية
إن لم يكن بمقدورنا أن نجعلَ الشمسَ تقف
فلنجعلها إذن تركض

&
ملحوظة: العنوان الأصلي للقصيدة هو "إلى محبوبتِه الخجول"، وهذا العنوان الذي يبدو كاقتباس من القصيدة هو محض تأويل لروحها؛ فليس هناك أي كفاح مُسلَّح بالقبلات: لا في العنوان ولا في المتن. والترجمة كعادتي الشمطاء تغصُّ بكثيرٍ من التصرفِ: أحياناً يكون من الجميلِ أن يدهسَ المرءُ جثةَ النصِ عامداً؛ فقط ليجعلها جسراً له في مطاردتِه لرحيقِ نجومٍ لا يراها سواه!

&