بغداد: صدر للشاعر علي الامارة ديوانه الجديد (رسائل الى الموصل)، فربط شريان قلبه ما بين البصرة، التي يسكنها، والموصل التي تعرضت للخطر.

& هو الديوان السابع له في مسيرته الشعرية المكللة بورد التميز، والكتاب الثالث عشر في الشعر والنقد الادبي والسياسي والديني والاجتماعي، يقع الكتاب في 78 صفحة من القطع المتوسط، ويتضمن 52 قصيدة كتبها منذ ان تعرضت مدينة الموصل الى خطر الغزو الداعشي وما آلت اليه الاحداث، صمم& الغلاف جواد المظفر، والديوان صادر عن دار الغدير للطباعة والنشر، وضم الديوان مقدمتين نقديتين الاولى للناقد الكبير محمد الجزائري، والثانية للشاعر جمال جاسم امين، وكانتا منصفتين فعلا في تقديرهما للنصوص ولجهد الشاعر في كشف اوجاع الناس في التعرض للاحداث بحس شعري مفعم بالدهشة حيث كانت نصوصه تتدفق تباعا مع الايام وفقا لما يجري على ارض الواقع فيواكبها عبر كل ما ينتابها فيضع هنا وهناك الكثير من علامات الاستفهام المدلهمة بالغضب فيما هو لا يعرف كتم احزانه التي يسمعها تصرخ من تلقاء نفسها قائلة : يا موصل.
(أفهرسُ كل الهموم
وكل الجراح
بأرقام حزني
و أرمي بها في كتابْ
فإذا جئت تقرؤني
فترفـــّقْ بقلبي
و أنت تقلّـــب صفحاته
وكنْ حذراً
انت تمشي بأرضٍ يبابْ
ولكن ستقرأ شيئاً ثميناً
اذا كنت مثلي
تجيدُ كلامَ الترابْ...!)

&& في قصائده الواضحة بعنونتها ينسجم الشاعر في تأكيد رابط عميق اهتزت له امواج من دمه المتدفق في عروقه، كان ينظر الى الموصل فيسمع سنابك خيل ترتعد على الافئدة قبل الاجساد، خيل تمتلك من القسوة ما جعل قلبه يهتم كثيرا بما يحدث فراحت آفاقه تتعالى لترى ما تكابده المدينة، ومع ما كان يرى ويسمع كانت الحروف تتناغم فيما بينها لتستجمع قواها وتتشكل جملة شعرية عابقة بالصور التي يرسم ملامحها بمشاعره التي يغمسها بصراخ ينزّ وجعا وهو يتأمل النهايات التي لا يرتضيها للمدينة التي يحبها كما يحب البصرة ولا يجول في خاطره ان من الممكن ان يعاني اهلها : (اصيح بكم و يؤلم ما اصيح، بانا سوف يلعننا المسيح، ﻻنا قد تركناه وحيدا/ يضيق بعينه اﻻفق الفسيح، تساقطت الكنائس من يديه،ونام بقلبه حلم ذبيح، ارى اﻻوطان تركض للمعالي، اتركض ؟ ايها الوطن الجريح، اذا لم تنصروا عيسى غريبا، سيخلد فيكم الذكر القبيح).

&&& جاء في مقدم الجزائري قوله : إن (رسائل علي) إلى الموصل، هي رسائل العراقيين الشرفاء جمعاً وفرادى، تمثلت هنا في هذه الفيوضات الشعورية، بلغة لا تشتق صعوبتها بل انسابت بسهلها العذب الفرات، فشكلت سحر بيانها، لأنها أشتقت حسها وحدسها وهواجسها من صلب الآلام وحال العراقيين في بلاد يريدها الأعداء أشلاء ويمعنون في تقطيع كيانها إرباً.
&اضاف : الآن.. وقبل الآن. علي،هنا، يبني إمارة شعره في دنوه من قصب الأسى وناي النواح للعراق كله،وإنْ لم ينسه أو يتشاغل عنه سابقاً،ولهذا فهرس قصيده بأرقام الحزن وتواريخ الجراح والهموم: (غريب أنا في بلادي،وها أنت تدخل في مأتمي وحدادي)..إنه يكتب رسائله ليس إلى الموصل، حسب، كي يفقه أهلها ما هو الليل وما سر ترسبه في العقول، حسب، بل إلى وطن ضيّع الأنبياء!! فهل ستبقى منافينا وإن غدت في كل أرض،جميلات،وأجملها العراقُ و..هل سنعيش بقلب معاق؟(كيف نعيش بقلب معاق؟) إذاً؟؟ إنه آخر الأسئلة!!
&&&&& اما مقدمة جمال جاسم امين، فجاء فيها: في لحظة عراقية بالغة الحراجة، يتقدم فيها الضجيج على البوح، يستعيد الشعر قدرته على الاحتجاج و الارخنة من خلال اضمامة قصائد اطلقها الشاعر العراقي الكبير (على الامارة) تحت عنوان لا يخلو من دلالة القسر الذي يعانيه البوح الشعر في ظل مماحكات اعلامية و ايدلوجية غالبا ما يضيع شجن الانسان وهاجسه في شبكة مصالحها التي لا تنتهي.
&واضاف : (رسائل الى الموصل) هي العنونة / الرسالة التي تعبر خط التلقي الفادح من المرسل: الشاعر والبصرة، اقصى جنوب العراق الى: المرسل اليه، الموصل / اقصى شماله، هذه المسافة ليست جغرافيا فقط بل خط حنين عراقي محاصر ومقطوع بعثرات مفخخة ودخان عبوات تستهدف الجميع، الشاعر(الامارة) تقدم بوصفه شاهدا قبل ان تذبل الحقائق ويجف رواء الفرصة فهو يعلنها فاضحة عندما يقول : افهرس كل الهموم وكل الجراح بارقام حزني وارمي بها في كتاب، فالديوان كما قالوا عنه وقال عن نفسه انه رسائل العراقيين جميعا الى الموصل الحدباء ولكن جاءت بطريقة شعرية حميمة وشفافة ومؤثرة.
&