اثناء زيارته الى بولندا في مطلع الثمانينات وإقامته لمعرضه الشخصي المعنون " الترانسبورت البولندي"، صرح الفنان العالمي الألماني الشهير جوزيف بويز بأنه درس علم النبات في احدى جامعات بولندا وبالتحديد في مدينة بوزنان، لكن يبدو ان احد المهتمين بأمر بويز من البولنديين لم يصبر طويلا حتى يبتلع هذه المعلومة، فراح مجتهدا يبحث عن اسم بويز في لوائح أسماء الدارسين في الفترة الزمنية التي ادعى بويز انه درس فيها، فماذا كانت النتيجة ؟ لا يوجد ذكر لبويز في اي قائمة ! لا يوجد هذا الاسم على الإطلاق !

وتبعا لذلك، أقول : هل حادثة سقوط طائرته على الجليد وإنقاذه من قبل أفراد من قبائل التتار حقيقية ؟
هل حقا تم لف جسده الذي قاربت الحياة ان تفارقه بقطعة او ربما قطع من اللباد وتغطيته بالشحم حتى آفاق من غيبوبته بعد ان استرجع حرارة جسمه المتجمد ؟
فحسب ادعائه، تعرضت طائرته الى السقوط أثناء خدمته العسكرية كطيار حربي ابان الحرب العالمية الثانية في منطقة يقطنها التتار وقد قاموا بدورهم بلف جسده المتثلج باللباد بعد ان غطوه بالشحم كي يستعيد حرارته، وهي التجربة التي استمد منها عنصرين مهمين يكررهما في اعماله الفنية وهما مادة اللباد والشحم.

لست الوحيد الذي تدور في ذهنه هذه الأسئلة فهناك آخرون ممن يعتقد أن قدرا من التلفيق لبس تفاصيل حياة بويز !
والآن، هل نصدق الكذبة ونمشي ؟
هل لنا ان نعتبر ان الكذب واسطرة الشخصية عن طريقه امر مقبول ( ثقافيا ) بالرغم من عدم مقبوليته أخلاقيا ؟ شخصيا، لم أعد احترم بويز ( كإنسان)، فقد احتال على مشاعري وجعلني احترمه وأثمن عمله حتى أنني نشرت له نصوصا مترجمة وكتبت عنه في صحيفة إيلاف الالكترونية غير مرة. لكن هل سأحترمه كفنان ؟ أرجح الجواب بنعم، لانه فتح آفاقا واختبر صيغ بث جديدة. ولهذا لم أندم على النصوص التي نشرتها عنه.
&هل سأستمر بتثمين شخصيته الإنسانية ؟ أميل اليوم الى الجواب بلا، حتى انني بدأت الآن افهم ما كان يعنيه احد النقاد الأمريكان بنعت شخص بويز بالمهرج !

الوثائق المرفقة:
صورة رقم 1: هامش في صفحة مستنسخة من كراس صدر عام 1981 بمناسبة إقامة معرض بويز المعنون بالترانسبورت البولندي في مدينة ووج البولندية.
صورة رقم 2: نص من أطروحة دكتورا لأحد الطلبة البولنديين الدارسين لفن بويز وفكره.
النص الألماني الموجود أسفل الصفحة وهو الهامش، يتحدث عن عدم وجود اسم بويز في قائمة الطلبة الدارسين لعلم النبات.
يقول النص البولندي المؤشر باللون الأخضر: لا توجد اي وثائق تدعم حقيقة هذا الحادث، وكما انتبه لذلك J. Kaczmarek ان كون بويز قد رقد بضعة أيام في حطام طائرته وبعد مرور بضعة أيام إضافية يستقر به الحال في كنف مجموعة من التتار هو أسطورة انبثقت ( ربما ) بسبب غياب الوعي لدي الجريح والمصاب بحروق بويز، لكن في اليوم الثاني يرقد بويز في المستشفى العسكري. اذن لقائه بالتتار استغرق ليس اكثر من يوم واحد!!! ان كل من B. Buchloh و R. Krauss&
ينفون هذه الحادثة ويتهمون بويز بخلق اسطورة لنفسه عن عمد او وعي بذلك.

عمار سلمان داود
كاتب وصانع صور من العراق
يقيم في السويد

http://amardawod.blogspot.se/
http://www.amardawod.com

&