كوثر كريفي: يسلط المخرج السويسري سيمون جاكمي في فيلمه '' حرب'' الضوء على فترة المراهقة ومشاكلها، من خلال قصة ''ماثيو'' ورفاقه ، حيث يتناول هذه الشخصيات كحالات إنسانية يدرس جوانبها النفسية والاجتماعية دون الحاجة للوصول إلى خلاصة تبرر أفعالها. ويكرس هذا الفيلم، الذي تم عرضه اليوم الخميس في إطار المسابقة الرسمية لمهرجان مراكش السينمائي في دورته الرابعة عشر، تميز السينما السويسرية، التي تعد رقما هاما في خريطة سينمائية متنوعة وقوية في المشهد الأوروبي.
قصة الفيلم تبدو بسيطة، غير أنها تتضمن في ثناياها الكثير من التفاصيل التي تجعل من هذا الشريط عملا فنيا بمنتهى العمق، فهو يغوص بالمشاهد في عالم المراهقين ويقتحم مخاوفهم ومشاكلهم وتناقضاتهم.& يروي الفيلم قصة ''ماثيو'' الذي يعاني من مجموعة من المشاكل مع أسرته، وهي مشاكل كان يصعب عليه مواجهتها بسبب شخصيته الهشة وعدم تحمله للمسؤولية. فالصراع الداخلي الذي يعيشه ''ماثيو'' يجعله يعتقد أن العالم كله متحالف ضده، خاصة وأنه لا يتوفر على أصدقاء، كما أنه يظن أن والديه يعيشان في عالم مختلف عن عالمه، لذلك كانت حياته متأرجحة بين الرتابة التي يشعر بها في كل شيء، وبين سوء فهم والديه واختناقه من عالمهم الذي لا يفهمه والذي يريد الهرب منه.
&يزداد التوتر في حياة ''ماثيو'' عندما يفشل في كسب ود واحترام والده بسبب حماقاته المتكررة، الشيء الذي سيدفع والديه إلى إرساله إلى مكان بعيد ليشتغل في مزرعة للعائلة. وهناك سيجد في انتظاره مجموعة من المراهقين المتمردين بدورهم على كل ما هو سائد، ويترجمون هذا التمرد والغضب من خلال فرضهم لقانونهم الخاص بهم.
&وقبل أن يكسب ''ماثيو'' ثقتهم ، سيقوم المراهقون الثلاثة بإهانته وإذلاله إلى أقصى حدود، غير أنهم سيشكلون بعد ذلك عائلة واحدة، وعالما آخر بديلا خاصا بهم سيتحول فيه العنف إلى صداقة.
&يقدم المخرج سيمون جاكمي في هذا الفيلم أربعة مراهقين في حرب ضد المجتمع الذي لم يعد يقدم أي شيء جديد بالنسبة إليهم، فتمردهم هو صرخة في وجه العالم يثبتون من خلاله أنهم موجودون بالفعل وعنفهم هو انتقام شرس من عالم يريد أن يجعل الجميع متشابهين رغم اختلافهم.
&وقد نجح سيمون جاكمي في هذا العمل الفني في خلق عالم مثير من الناحية الجمالية حيث قوة الطبيعة والجبال تعكس غضب وتمرد الشخصيات، فضلا عن ذلك تعامل مع سيناريو الفيلم بكل ما لديه من حرفية ونظرة متعمقة للأحداث والشخصيات، بلغة سينمائية جميلة وأسلوب متميز.
&هذا الفيلم الحافل بمشاهد الطبيعة الساحرة رغم البؤس الذي تشعر به الشخصيات، اعتمد فيه المخرج في بعض المشاهد على الإضاءة الطبيعية، كما نجح من خلال لغته السينمائية المميزة في تقديم القصة من خلال مشاهد تحمل أكثر من معنى أظهرت البعد الاجتماعي للقصة.
&يشار إلى أن المخرج السويسري سيمون جاكمي قد ولد في 1978، نشأ في مزرعة بالقرب من مدينة بازل السويسرية قبل أن يتجه لدراسة السينما في جامعة الفنون بزيوريخ. كتب وأخرج فيلم التخرج القصير "القلعة"، إضافة إلى فيلمين قصيرين آخرين، وهما "بلوك" و "حزب لورا"، اللذَين شاركا في أزيد من ثلاثين مهرجانا دوليا. أخرج عدة أفلام فيديو كليب، كما عمل مديرا للتصوير رفقة عدد من فناني الفيديو مثل إيلودي بونك، نوبوتيك روسيرش وديفيد لاميلاس
&