بغداد: يحاول البعض من الذين يزاولون كتابة القصة انتزاع القصة القصيرة جدا من أحضان (امها) القصة القصيرة، ويقترحون ان تخصص لها مسابقات وجوائز، وهو ما يراه البعض غير صحيح.
&& يعتقد العديد من كتاب القصة القصيرة جدا انها (فن قائم بذاته)، فيما يرى اخرون انها (تحمل كل خصائص القصة القصيرة ولكن أكثر تكثيفا موضوعا ولغة)، لكن هناك ن يعلن عنخوفه عليها حينما تختلط بالخاطرة وحين يتفوق الشعر فيها على السرد، كما ان هناك من يعتقد ان الذين يكتبونها لم يعبروا جسر القصة القصيرة، وان الكثير منهم لم يفهموا خصائصها، ويكتبوها رغبة فى الاستسهال أو يتوهمون أنها القصة القصيرة جدا بعينها، أو أن هناك من يوهمونهم بذلك.

الاختلاط بالخاطرة
& فقد اكد القاص فرج ياسين خوفه من اختلاطها بالخاطرة، وقال: لايمكن انتزاع القصيرة جدا من اصلها، وكل ما في الأمر ان مساحة الاداء اضيق،لان القصيرة جدا تحتوي على جميع عناصر الاخرى لكن من دون اشتراط ان تحتويها في العمل الواحد.
واضاف: اما ان يتسع الانشغال بها وتخصص لها جوائز فلا باس، لكن الخوف ان تختلط بالخاطرة فيتفوق فيها الشعر على السرد

المضمار هو الجودة
اما الروائي عبد السلام ابراهيم& فقد اكد ان الفيصل فى هذا المضمار هو الجودة، وقال: القصة القصيرة تطورت عبر العصور موضوعيا وفنيا وساهم فى تطورها الكثيرون من الأدباء خلال القرن الماضى، وفى ظنى أن أفضل تعريف للقصة القصيرة كما قال مارسيل بريفو هى السائل المراق من الفطيرة بالسكر.
&واضاف:وجاءت القصة القصيرة جدا لتكون أكثر قصرا من القصة القصيرة وتكون أكثر تكثيفا من حيث اللغة والمضمون واختزال الشخصية فى المضمون، وربما تتحول الشخصية إلى رمز يتوهج من خلال المتن القصير جدا، لكن هل لجأ الكتاب إلى القصة القصيرة بسبب انها أسهل من الرواية؟ وهل لجأ الكتاب إلى القصة القصيرة جدا لأنها أسهل من القصة القصيرة؟ الإجابة ربما تكون صادمة إلى حد ما، لأن القصة القصيرة اصعب من الرواية وبالتالى القصة القصيرة جدا أصعب من القصة القصيرة.
وتابع:الفيصل فى هذا المضمار هو الجودة، ولن يكون الجنس الأدبى موطنا لكتابة رديئة أو كاتب يلجأ إليه لفشله فى الآخر، الأجناس الأدبية وخصوصا القصة تحتضن الجيد وتلفظ الردئ، وإذا أردنا أن نعرف القصة القصيرة جدا فيمكننا أن نقول إنها قصة تحمل كل خصائص القصة القصيرة ولكن أكثر تكثيفا موضوعا ولغة.
&وختم بالقول:لابد أن يعرف هؤلاء الكتاب أن هناك شعرة رفيعة جدا بين القصة القصيرة جدا والتى قد تصل إلى سطر واحد، وبين الحكمة. إذن ليس الامر بالسهل كما يتصور الكثيرون، لأن الكاتب عليه أن يفهم جيدا هذا الفرق لكى يكتب قصة قصيرة جدا وليست حكمة تنزلق به إلى هاوية لايعرف مداها.

كلها اجناس كتابية
من جانبه اكد الروائي احمد سعداوي ان لا فضل لجنس أدبي على آخر إلا بالابداع والخلاقية، وقال: في النهاية كلها اجناس كتابية، ولا ضير في تجربتها، ويبقى الرهان ليس على الكتابة بحد ذاتها، وانما على المنجز، واثره الجمالي والابداعي، وقدرته على التأثير في القارئ.
واضاف: لا ارى من الحكمة وضع الاجناس الادبية في منافسة او تفاضل فيما بينها، هناك كتاب بارعون في كتابة الومضات، وكتاب متمرسون في مجال القصة القصيرة، وآخرون في الرواية. ولا فضل لجنس أدبي على آخر إلا بالابداع والخلاقية.
&وتابع: تبقى الحدود شاحبة بين النمطين الكتابيين، فقبل خمسين سنة مثلاً كانت القصة القصيرة تتكون من عدة صفحات قد تصل الى 20 صفحة. واليوم صرنا نقرأ قصصاً قصيرة من صفحتين مثلاً، واقصد بالصفحة الاعتيادية للكتابة، فما الذي يحدد القصة القصيرة جداً، هل كونها فقرة من بضعة اسطر ام من عدة صفحات؟، الحدود مطاطية ويبقى الامر لتقدير القراء والنقاد وكتاب هذه الاجناس انفسهم.
وختم بالقول: بالنسبة لي ارى ان النص القصصي القصير/ من فقرة واحدة/ مكتمل العناصر، هو قصة قصيرة جداً.

اكثر دقة وحساسية
اما القاصة ازهار علي، فقد اكدت ان هناك من ﻻ يفهم ماهية القصة القصيرة جدا فيكتبها وكأنها ومضة شعرية، وقالت: القصة القصيرة جدا فن اثبت نفسه مع مرور الوقت. لكن وللاسف هناك من ﻻ يفهم ماهية القصة القصيرة جدا فيكتبها وكأنها ومضة شعرية وهو خطأ فظيع، فالقصة القصيرة مثل اي قصة تضع مشكلة وتصل بها الى الحل ولكن بلغة مختزلة.
واضافت: اما بالنسبة لمن يكتبونها وهل عبروا جسر القصة القصيرة ام ﻻ يزالون على جرف قاصر فاقول ان القصة القصيرة جدا فن اصعب واكثر دقة وحساسية من القصة باليتها المعروفة، كونه اي القصة القصيرة جدا فن قد اثبت نفسه وبرأيي يجب ان يكون الكاتب على خبرة جيدة وتجريبية بألية الكتابة السردية ليتمكن من كتابة القصة القصيرة جدا بطريقة صحيحة
وختمت بالقول: لا بأس ان يتم الاحتفاء بالقصيرة جدا خارج القصة القصيرة.

&تخصيص مسابقات وجوائز
الى ذلك اكد القاص المتخصص بالقصيرة جدا صالح الشيباني، انه مع تخصيص مسابقات وجوائز للقصة القصيرة جدا، وقال: القصة القصيرة جدا، فن قائم بذاته يستند الى آليات تكثيف رصينة في الشكل والجوهر مع اهمية حضور السرد كعمود اساسي يرتكز عليه النص.. وحين يغيب السرد والتصاعد الدرامي التدريجي يصبح النص بلا هوية، هكذا أرى القصة القصيرة جدا، وهكذا أمارس طقوس كتابتها منذ انبثاق الفكرة وحتى نقطة النهاية.
&واضاف: انا مع تخصيص مسابقات وجوائز للقصة القصيرة جدا بشرط ان يحدد جنس هذا الفن تحت اسم (القصة القصيرة جدا) ذات الفكرة الواضحة والشكل السردي المتفرد.
&وتابع:& أرى ايضاً ان اغلب كتاب هذا الفن لم يتعرف بعد على خصائصه وشروطه وابعاده الحقيقية، هؤلاء الكتاب ينساقون وراء تدفق عشوائي للكلمات يتشكل وفق انماط غير واضحة يحرك بعضها اوتار القلب وثير البعض الآخر تساؤلات، السؤال الأهم باعتقادي هو: هل النتاج النهائي لهذا الفن ينضوي تحت خيمة القصة القصيرة جدا، اعتقد ان الاجابة في اغلب الحالات ستكون: لا.

ملاذ لعجز الكاتب
&&& اما مسك ختام الاراء فكانت القاصة نهضة طه، التي اكدت ان البعض وجد في القصة القصيرة جداً ملاذاً للتخلص من عجزه، وقالت:& لا يخفى طبعا أن القصة القصيرة جدا جنس أدبي فرض حضوره بين الأجناس الأدبية الأخرى في عالم الأدب معتمدة التكثيف في التعبير عن التقاطة معينة بأقل عدد من الكلمات. من حيث الوصف والتصوير وإذا افتقدت القصة القصيرة جداً مقوماتها الحكائية، فإنها تتحول إلى خاطرة أو ومضة شعرية.
واضافت: وإذا كانت القصة القصيرة جداً تشترك مع باقي الفنون السردية، كالأقصوصة والقصة القصيرة والرواية في الانطلاق من الفكرة، ومعالجتها من خلال أحداث مركزة، تؤديها عوامل وشخوص معينة باستخدام السرد وعبر انتقاء أكثر المفردات التي يجدها الكاتب بحسب منظومته الوصفية هي الأكثر تعبيراً لوصف ذلك الحدث بشكلٍ مقتضب ومركز يعتمد التكثيف في الوصف لذا تحمل القصة تأويلات عدة، وقراءات ممكنة ومفتوحة ومبهرة للقارئ.
وأوضحت: لذا فإن القول أن البعض لم يفهم خصائص القصة القصيرة جدا، ربما القول يحتمل الكثير من التأويلات فالبعض من الكّتاب استسهل هذا الفن، وعدّه من الأجناس التي يمكن تطويعها في أية لحظة، سواء استعد لها الكاتب أو لم يستعد، ويتقنه حتى المبتدئين والمجربين والمستسهلين في مجال الكتابة الشعرية والسردية والدرامية، لهذا فإنهم وجدوا في القصة القصيرة جداً ملاذاً للتخلص من عجزهم وتمكنهم عن التمكن من أدواتهم في الفن القصصي.
وختمت بالقول: أما عن الجوائز المخصصة لهذا الفن الأدبي فأرى فيها محاولة للنهوض بهذا الجنس الأدبي كما في بقية الأجناس الأخرى بدأ يفرض حضوره وبقوة في الساحة الأدبية بل في الواقع الأدبي بكل أبعاده.&&&&
&&&&&&&&&&&
&