&

بعد موت ابني أنطوني في مثل هذه الأيام من عام 2013.. بت أمضي وقتاً طويلاً مع ابنتي ماريا...
نرحل معاً بعيد عن عيون الحقائق ... نجلس في القطار ساعات طويلة لا وجهة معينة لنا... ألقي برأسي على كتفها الصغير وترمي بثقلها علي... نعانق بعضنا وقد نتبادل كلمات قليلة...
في رحلتنا الأخيرة خرجت ماريا من صومعة الصمت وقالت:
أمي ما كان اسمها تلك الصغيرة التي كانت مع أنطوني في المستشفى و كنت تحبينها كثيراً؟
أجبتها : كان اسمها ديزي
سكتت قليلاً وكأنها تتصارع مع سؤالٍ يجول في خاطرها وعادت لتسألني:
ماذا حلّ بها؟
فأجبتها مبتسمة: الحمد الله شفيت
أدارت وجهها عني وأكملت حديثها قائلة : ألم يكن عندها كانر؟ طبعاً أرادت أن تقول كنسر أو سرطان ولكن عمرها الصغير لم يحفظ كلمة بكل هذه القسوة..
ضممتها إلى صدري وهمست بأذنها بصوت خافت جدا : نعم..
كلمة واحدة استرجعت فبها عذاب سنتين في مستشفى سرطان الأطفال... استرجعت فيها ولادة أنطوني، ساعة المخاض، بكاءه الأول، عينيه الكبيرتين، رائحة جسده، اعتزازي به، حواراتنا، رحيله، جسده المثلج، رحلتنا الأخيرة معاً إلى مثواه الأخير... دفعي للناس في المأتم ، خلعي الحذاء وهرولتي حافية خلف القبر وكأني أردت إيقاف الزمن ... صفعي للرجل الذي كان يحاول إبعادي عن القبر وتمسكي بابني وصرختي الأخيرة...
استعدت كل هذه الأحداث بكلمة واحدة...
كبُرت عينا ماريا عندما سمعت أن حبيبتي ديزي شفيت...
وتغيرت ملامح وجهها... وكاد يغمى عليها ...
وقالت : أحب ديزي يا أمي ولكن .... أين العدل؟

&