نظّمت مؤسسة (Najda Now) بالتعاون مع شركة سوليدير معرضًا بعنوان quot;الضوء في وجه الظلمةquot;، يتضمّن أعمالًا فنية لأطفال سوريين لاجئين، ويأتي في إطار خطة الدعم النفسي للأطفال الذين نزحوا الى مخيم quot;شاتيلاquot; وإيصال حكاياتهم وأمنياتهم إلى العالم. وهذا المعرض هو ثمرة ورش عمل إستمرّت ثلاثة أشهر حوّلت ذكريات الأطفال المؤلمة إلى رسومات ملوّنة.


بيروت : لا تشبه أحلام وأمنيات ورسومات أطفال سوريا سواها لدى أطفال العالم، فطموح محمد (8 سنوات) العودة إلى بلده ومنزله، وحلم نور (10 سنوات) زيارة قبر خاله، وأمنية فيصل (10 سنوات) لقاء أصدقائه ووقف ذبح الأطفال. وهو إن دلّ فعلى إصابتهم بجراح غير مرئية جرّاء العنف والتشريد وفقدان الأصدقاء وأفراد الأسرة.

من هنا، برزت أهمّية معالجة الأطفال ومساعدتهم على استعادة الشعور بالأمان وإعطائهم فرصة للتعبير عن أنفسهم وتفريغ ما في داخلهم، فتكون الخطوة الأولى نحو استعادتهم جزءًا مما سُلب منهم. لذلك نظّمت مؤسّسة (Najda Now) للإغاثة والتنمية الإنسانيّة معرضًا ضمّ 166 لوحة للأطفال، رُسمت بداية باللونين الأسود والأحمر ثمّ تحوّلت مع الوقت إلى رسومات ملوّنة وفرحة، بدأت برسومات لطائرات حربيّة ودبابات ثمّ أصبحت رسومات للطبيعة والعائلة وألعابهم.

عبد العزيز العائدي : حوّلنا الذكريات المؤلمة إلى لوحات ملوّنة
ويُعدُّ المعرض ثمرة ورشات عمل استمرّت ثلاثة أشهر، ساهمت في معالجة الأطفال وتفريغ ما في داخلهم، وفق ما يقول المدير العام لجمعية (Najda Now) عبد العزيز العائدي.

ويقول العائدي لـquot;إيلافquot; : quot;بادرنا في هذا الخطوة مع الأطفال في مركز الدعم النفسي في مخيم شاتيلا، كان هناك الكثير من الرسومات، لكننا اخترنا الموهوبين وعملنا معهم لمدّة شهرين في ورشات عمل خاصّة أفرجت عن هذا المعرض. فالرسم هو أحد أساليب الدعم والتفريغ النفسي وطريقة لاكتشاف المواهب ودعمهاquot;.

ويضيف العائدي : quot;لقد أردنا أن نظهر الوجه الآخر للطفل السوري الذي يتعرّض لشتى أنواع العنف والقتل والذبح والمجازر، ومن خلال هذا المعرض الفني أظهرنا وجه الحياة لدى هؤلاء الأطفال وأثبتنا أنهم قادرين على الإبداع على الرغم من كلّ ما يصيبهمquot;.

وقال العائدي : quot;بداية كان الأطفال يستخدمون اللونين الأحمر والأسود، وكان المعاناة واضحة من خلال رسوماتهم لأن الأحداث كانت راسخة في ذهنهم، ولكن مع برنامج الدعم النفسي تطوّر وضعهم وتقدّم وأصبحت الرسومات ملوّنة وأكثر حيويةquot;.

quot;إعادة الفرحة أمر صعب لأنّ المأساة السورية مستمرّة والطفل يعاني في محيطه ومن اللجوء والتشرّد، ما فعلناه هو أننا أعطيناهم فرحة نسبية ومؤقتة، ويا ليت باستطاعتنا أن نرسم الفرحة على وجهوهم دائمًاquot;، يختم العائدي.

لكلّ رسمة حكاية
في المقابل، تروي كل لوحة حكاية، فبين رسومات الدبابات والطائرات الحربيّة والدماء والقتلى، يبرز بصيص أمل لدى الأطفال من خلال رسومات الطبيعة والأشجار والشمس والسماء الزرقاء.

محمد (8 سنوات) رسم طائرة تقصف منزلًا، وربّ الأسرة يحاول أن يحمي أولاده من القتل. وردًا على سبب رسمه هذا المشهد يقول : quot;لقد رأيت كلّ ذلك في عيني، لقد ضربت بلدتنا ورفاقي بقيوا هناك، أنا مشتاق لبيتي وغرفتي وأغراضي، أريد العودة إلى سورياquot;.

في ما رسم فيصل (10 سنوات) الطبيعة والأشجار وبيتًا جميلًا وشمسًا مشرقة وطيورًا، ويقول : quot;لقد رسمت الطبيعة لأن هذا ما أريده لسوريا، أريد أن أرى منزلي والشمس والطيور والسماء الخالية من الطائرات. لم نعد نرى هذه المناظر بسبب الحرب التي دمّرت كلّ شيء، أما أكثر ما أشتاق إليه فهو زيارة قبر خالي الذي أخذته الحربquot;.

أمّا نور (10 سنوات) فيقول أنه رسم الدبابات والطائرات الحربيّة لكي يرى العالم ما يحصل وتتوقف الحرب، ويضيف : quot;لا أريد رؤية القتلى في الشوارع أو الأولاد يذبحون، أريد انتهاء الحرب والعودة إلى سوريا لأن الشعب لا يعيش إلّا في وطنه، والناس لا تفرح إلّا في بيوتها وحاراتهاquot;.

يشار إلى أن المعرض يضمّ 166 لوحة متعدّدة الحجم، و15 منحوتة لأطفال تتراوح أعمارهم بين 3 و13 عامًا، ويستمر العرض حتى الثاني من مارس/آذار المقبل بصالة quot;زي فينيوquot; في أسواق بيروت، التي تستقبل عادة معارض لأهم الفنانين التشكيليين اللبنانيين والأجانب.