بغداد:أقام الفنان التشكيلي العراقي الشاب علي العزي معرضا تشكيليا في مدينة تورونتو الكندية ابتداء من الثاني من الشهر الحالي، وحمل المعرض عنوان (شخصية)، ضم 16 لوحة نفذها بألوان زيتية على (كانفاز) هي عصارة تجربته التي تمتد الى اكثر من عشرة اعوام.
اعرب الفنان التشكيلي علي العزي عن سروره بأقامة معرض له في كندا لانه يمثل له خطوة مهمة في مسيرته خاصة ان حصل على ثناءات نقلها اليه مقربون منه هناك لانه لم يستطع السفر بسبب صعوبة الحصول على فيزا، مشيرا الى ان هذا المعرض هو الثالث في مسيرته الفنية عنوانه مركزا فيها على المدرسة التي عرف بها وهي (التجريدية) فضلا عن تجاربه في المدرستين (التعبيرية) و(الانطباعية)، فيما استغرب عدم التفات وسائل الاعلام العراقية للمعرض،افضا الاشتراك في المعارض التي تقيمها وزارة الثقافة وجمعية الفنانين التشكيليين لاعتمادهما العلاقات في اختيار الاعمال والفنانين المشاركين.

*كيف اتتك الدعوة لاقامة المعرض؟
- بجهد شخصي، والجميل في الامر ان (تورنتو) تعد مدينة الفن التشكيلي في اميركا الشمالية، فتجد الحركة التشكيلية فيها على قدم وساق بين معرض وحفلات موسيقية واي شيء له علاقة بالفن، وهذا (الغاليري)،محجوز طوال سنة 2014 لاقامة المعارض التشكيلية، ولكن معارفي هناك عملوا تنسيقا معه،وبعد ان صادف ان انسحب احد الفنانين الذي كالن موعد اقامة معرضه الثاني من نيسان / ابريل، تم ضمي بدلا عنه والحمد لله جاء موعد العرض وعرضت.

*كم لوحة عرضت في معرضك هذا؟
- 16 عملا فنيا بمختلف القياسات، وبمختلف الاتجاهات، وما يميزها اكثر روحيتي التي تميزت بالهارموني العالي،باللون والتقنية الواضحة والمميزة.

* ما الذي تمثله لك مثل هذه المشاركة العالمية؟
- معرضي هذا جاء تتويج لمشاركات عالمية سابقة،والحمد لله بسبب مشاركاتي في معارض في هولندا وغيرها،وجدت ان العالم الغربي متعطش لفنان من الشرق الاوسط، وبالتحديد من المنطقة التي تميزت بالدم والعنف على مدى سنوات طويلة،وصار لديهم فضول وتساؤل هل من المعقول ان يوجد في دولة هكذا فن وتفاجأوا بأعمالي خاصة منها التجريدية التي هي من اصعب المدارس، فهي مثل الرمال المتحركة،فالشخص غير المتمكن من اسلوبه وادواته الخاصة سيغرق بها بسرعة، والحمد لله بفضل خبرتي تجاوزت الامر،والجميل في المسابقات العالية انها تتجاوز جمهور الفن التشكيلي وتدخل اليها جماهير المجالات الاخرى، لذلك انا احبذ مثل هذا المشاركات وان يكون الفن التشكيلي ملاصق للحياة،ويدخل في كل تفاصيلها، لذلك ترى حياتنا اليومية فكلها زوايا فنية ابتداء من فن العمارة الى فن الطرق وتنظيمها.

* هل حصلت على جوائز من المشاركات الخارجية؟
- اكثر الجوائز كانت معنوية ونشر لاعمالي الفنية من خلال الشركات هذه وفي مواقعها الالكترونية.

* اينك من العرض في بغداد؟
- سؤال صعب !!، انا على المستوى الشخصي والفني دؤوب جدا ولا اعرف التقاعس، ولكن ما حدث في الوسط التشكيلي العراقي من تقاعس واقصاء خلاني ابتعد عن الحركة التشكيلية العراقية لان التهميش والاقصاء وصل الى مديات كبيرة،وعلى حساب العمل الفني.

*كيف مورس ضد التهميش والاقصاء؟
- ابسط شيء ان اخر معرض اقمته في وزارة الثقافة كان عام 2009 وانا اعتبرها بيتي الاول وشاركت في العديد من المعارض الشخصية التي اقامتها ولكن مؤخرا كل معرض يقام سواء في الداخل او في الخارج يعملون لجنة، وانا عندما اسمع ان هناك لجنة،انسحب لا اراديا،لان اللجنة فيها اهواء وعلاقات ومعارف، وهذا الامر ادى الى انسحابي خلال السنوات الاربع الماضية من نشاطات الوزارة، ومؤخرا اقيم معرض الفن المعاصر، واكد فيه الوزير ووكيل الوزير ان كل فنان لابد ان يشارك بعمل واحد في المعرض بغض النظر عن تاريخه وطبيعة عمله،فوجئت ان عمليّ الاثنين مرفوضان،ولماذا ذهبت الى المخزن وجدتهما مع 3 لوحات اخرى مرفوضة بينما جميع الاعمال الاخرى عرضت.

*ألم تسأل عن الاسباب؟
- الاسباب واضحة جدا، وهي ما لمسته لمس اليد،وهي ان المعارض التي تقيمها الوزارة اولا واخيرا تعتمد على موظفين صاروا عن طريق المصادفة فنانين، حتى هذا يسهل لهم الايفادات والسفر والذي هو اكثر شيء يبحث عنه الموظف في الوزارة، والمسألة الثانية ان المعارض التي تقام خارج الوزارة مثل جمعية الفنانين التشكيليين فتعتمد على العلاقات بشكل كامل،فمثلا الجمعية اقامت معرضا للفنانين الشباب خلال الشهر الثاني،وانا الحمد لله كإسم صيت عربي وعالمي في غنى عن هكذا معارض ولكنني احب ان اذكر نفسي ان انطلاقاتي الاولى من اين، ففوجئت ان الشخص الذي يستلم الاعمال قال ان اسماء المشاركين محددة من قبل السيد قاسم سبتي رئيس الجمعية، فأنسحبت،حتى اجنب نفسي واعمالي الفنية هذه المهانة.

* ولماذا لا تعرض في القاعات الاهلية؟
- انها قليلة اولا، وثانيا حدثت لي قصة مع احد اصحاب القاعات عام 2010 الذي شجعني ان اقيم معرضا شخصيا بسببه قيمه الفنية العليا وكونه متذوقا للفن،لكنه فيما بعد طلب مني التريث لسبب لااعرفه، لكنني اقام في الوقت نفسه معرضا لاحدى الفنانات بـ 40 لوحة كولاج،وكل ما هنالك انها كانت تأتي بالاعلانات في الصحف الاجنبية زيت مع ضربتي وتلصقها على ورق (اي 4)، وكان صاحب القاعة فرحانا بها بينما الذي حضروا المعرض انتقدوا صاحب القاعة ولاموه.

* ما العمل.. اذا ازاء كل هذا؟
- منظمات المجتمع المدني في الدول المتطورة تعد صوت المواطن وهو كقوة يماثل المؤسسات الحكومية، مؤخرا الكثير من الاشخاص الذي يريدون ان يصعدوا على اكتاف الفنانين يؤسسون منظمات مجتمع مدني، والمعروف ان هذه المنظمات ومن اجل اقرارها من قبل جهات دولية او رئاسة الوزراء لابد من توثيق، وهذا التوثيق يتضمن صورا ومعارض وتكريم لفنانين وغير ذلك، وبعد ان تقر المنظمات تشمل بمعونات مالية من المفروض ان تنفق على النشاطات والمعارض وتكون هناك حصة لكل فنان، لكن الذي يحدث مع كل الاسف ان اصحاب هذه المنظمات يأخذون هذه المبالغ، وا لان هم يطبعون هويات عضوية ويستوفون مبالغ تعادل ضعف المبالغ التي تستوفيها نقابة الفنانين، لا اريد ان اقو لان الطريق مسدود امام المواهب الحقيقية او المواهب الشابة ولكن على الفنان ان يتحلى بالامل وان يكون صبورا.

* هل حاولت العرض في شارع المتنبي؟
- ان التجارب التي اشاهدها في شارع المتنبي كل يوم جمعة حين يعرض الرسامون اعمالهم في ساحة القشلة، على الرغم من ان طريقة العرض بسيطة الا انها تذكرني بحديقة (الهايد بارك) بلندن، وتوصل لي رسالة ان هذا الفنان يريد ان يستفيد من تجمهر نخبة المثقفين، وبصراحة لم افكر بعرض لوحاتي لصعوبة النقل ومن المفروض ان تكون قياسات اللوحات (أي 4)،وهذه تمثل الدرجة الاولى في سلم حياة الفنان التي هي عبارة عن مراحل، وليس من المعقول ان يظل ملاصقا لمرحلة واحدة.

*ما الذي يعتمل في صدرك وهناك معاناة داخلك؟
- معرضي الذي اقيم في كندا استطيع ان اقوله انه بالاضافة الى الرسالة الفنية التي اوصلها،لكنه اوصل رسالة هي ان هناك مصاعب تمنع الفنانين بغض النظر عن انتماءاتهم الجغرافية والقومية والدينية من التعاطي او التلاقح مع المجتمعات الغربية، فالكثير من الناس هناك سألوا عني،وارادوا ان يسمعوا مني،فعرفوا انني من العراق وعرفوا الصعوبات التي يواجهها أي مواطن عراقي في الحصول على فيزا،صحيح ان معرض فني لكنه ألقى بظلال سياسية،واستغرابي يكمن في ان وسائل الاعلام المحلية غاب عنها هذا الخبر ولم تتحمس له فجعلته يمضي مثل أي حدث بسيط سواء في الواقع التشكيلي او السياسي او الاجتماعي.