بغداد:أكد الدكتور صالح الصحن ان عملية المعالجة الدرامية التلفزيونية للشخصية النموذجية لا تخلو من الإشكالية، لانها كما يراها قد وُظفِتْ أحياناً وفق الأهواء والاتجاهات حتى أصبحت تشكل مصدر قلق وتأثير سلبي على المشاهد.
صدر للدكتور صالح الصحن كتابه الذي يحمل عنوان (الشخصية النموذجية في الدراما التلفزيونية) عن دار ومكتبة عدنان في بغداد ودار صفحات للدراسات والنشر بدمشق، ويقع الكتاب في 198 صفحة من القطع المتوسط،، كتب له الكاتب والسيناريست العراقي صباح عطوان تقديما خاصا تحت عنوان (صالح الصحن والشخصية الدرامية)، ويتناول المؤلف ثلاث شخصيات قدمتها الدراما العراقية والعربية تركت اثرها عند المشاهد العراقي بشكل خاص والعربي بشكل عام وتعلق بها، وهذه الشخصيات هي (العمة نور) التي ادتها الفنانة المصرية نبيلة عبيد، و (الست وهيبة) التي ادتها الفنانة العراقية فوزية عارف، و(عبود الضامن) التي اداها الفنان العراقي عبد الستار البصري، وربما هي المرة الاولى التي تتم فيها دراسة شخصيات درامية بهذا الشكل التحليلي المعمق.
الكتاب تضمن اربعة فصول هي،الاول :الشخصية الانموذجية بين المفهوم والمصطلح، والثاني :آلية بناء الشخصية النموذجية، والثالث :المعالجة الدرامية للشخصية النموذجية، والرابع: النماذج التحليلية للدراما التلفزيونية العربية.
وقال الصحن عن كتابه : أن عملية المعالجة الدرامية التلفزيونية للشخصية النموذجية لا تخلو من الإشكالية، فقد وُظفِتْ أحياناً وفق الأهواء والاتجاهات حتى أصبحت تشكل مصدر قلق وتأثير سلبي على المشاهد، وما أريد قوله أن هذهِ الشخصية بشكلها الذي تعالج به حالياً نادراً ما تكون موقعاً لتعاطف المشاهدين، وحتى في المسلسلات المبالغة في رسم الشخصيات الإسلامية كشخصيات أسطورية تمتلك خصائص نادرة لن تتكرر، يمنع عنها تعاطف المشاهد، وعليه يمكن أن نأخذ قياس السلب والإيجاب في تحديد نوع ودرجة التعاطف مع الشخصية.
واضاف : رغم المفاهيم المتعددة للنموذج والتي تؤكد على (التفرد) والصفوة، إلا أن بعضهم يرى أن التوازن سمة مهمة من سمات النموذج، إذ جاء في كتاب د. علي كمال، (النفس انفعالاتها، أمراضها، علاجها)، quot;اصطلح في علم النفس وعلم الاجتماع على أن الشخصية الطبيعية، هي التي يجمع صاحبها في نفسه معدلاً متوازناً من التركيب في الخصائص الإنسانية التي يتقبلها المجتمع على أنها في حدود الاعتدال.
وتابع : يستدل من استعراض عدد من النماذج من الشخصيات ذات المواصفات المتفردة، أن هناك بعضاً من المكونات والعناصر الواجب توافرها في بناء الشخصية النموذجية، وان هذهِ المكونات والعناصر تختلف من صورةٍ إلى أخرى تبعاً للمصمم وصاحب البناء وآليته وتقنيته في التكوين، مما يقودنا إلى التعرف إلى الآلية المعتمدة في البناء وأساليب التنوع والاختلاف. وان الشخصية مرتبطة بما تفعل ويكون قياسها على أساس ما تفعل .
في التقديم الذي كتبه صباح عطوان جاء قوله : (يسعى صالح الصحن عبر دراسة متأنية الى تأسيس مرتكزات للعاملين في الدراما ليفهموا قبل ان يتعلموا كيف تبنى الشخصية الدرامية في النص) مشيرا الى (ان اية شخصية انما هي تعبير عن اخلاط الواقع وامشاجه وكتله وشرايينه وغدد وامصاله، وايا كانت الشخصية فهي تحمل لمحات البيئة والتماعات الواقع وانعكاسات الصورة الراهنة لمجتمع الشخصية حين سجلت عن حدث آت او حادث مضى او حادث سيحصل)، موضحا : (يستل لنا الدكتور صالح الصحن، من الدراما العربية ثلاث شخصيات درامية، هم (العمة نور) من مسلسل مصري كتبه محمد أبو زيد وأخرجه عادل الأعصر، وقامت بالدور النجمة نبيلة عبيد، وشخصية (عبود) أو (عبود الضامن)، والست وهيبة من مسلسل عراقي، هو (عالم الست وهيبة)،كتبه صباح عطوان، وأخرجه فاروق القيسي، وقد بنيت كل من الشخصيات (العمة نور) و(عبود) و(الست وهيبة) وفق أصول منهجية لبناء الشخصية الدرامية في واقع الدراما العربية، المنهجي العلمي، المعالجة.. وقد أعاد صالح الشخصيات إلى جذورها الاجتماعية، ضمن بيئتين مختلفتين، في سلوكين مغايرين.. وحللهم تحليلاً (دراماتوركيا) سليماً، فالعمة نور تربوية، تدعو للإصلاح والبناء، وتفعل ذلك، وهي متسلحة بفهم حضاري، اكتسبته من عمق حياتها التي عاشتها في الغربة، بالمقابل نجد الشخصية الثانية (عبود الضامن) شبه منحرفة،جاهلة،اعتباطية، تعيش على الهامش، بل وتضيع في اخلاقيات الشارع وأوهامه ومشكلاته اتبدو مشكلة بحد ذاتها،ذلك لانعدام التعليم والتربية والقوام الاجتماعي السوي لديها، والست وهيبة شخصية فاضلة تحمل رسالة اخلاقية تربوية تحسن التأثير لدى الاخر ).
واضاف : (دراسة الدكتور صالح الصحن منهجا تربويا تعليميا مهما للجيل الطالع كي يفهم الدراما وأصول بناء الشخصيات فيها ).