بغداد:اكدت الفنانة التشكيلية العراقية نبراس هاشم ان تعمل بشكل مستمر ولا يهمها ان تعرض اعمالها بقدر ما يهمها ان تستمتع ويستمتع الذين يزورونها ولا تطمح الى شيء اكثر من هذا، مشيرة الى الحركة التشكيلية العراقية مريضة وتعاني من العديد من الامراض، موضحة انها ترى في مشروع بغداد عاصمة للثقافة العربية كذبة، فيما تستعد لإقامة معرض تشكيلي في العاصمة الفرنسية باريس في الشهر العاشر، بعد ان تلقت دعوة من هناك.
وتعدّ الفنانة التشكيلية نبراس هاشم من أهم الفنانات على الساحة التشكيلية العراقية، ومن الممكن القول انها تتصدر الصف الاول من بنات جيلها، وهي فنانة مثابرة، وطالما كان لها حضور مميز داخل الوسط التشكيلي العراقي بشكل عام.

* لاسألك اولا عن جديدك في النشاطات التشكيلية؟
- شاركت مؤخرا بالمعرض المشترك للفنانات التشكيليات الذي اقامته جمعية التشكيليين، وعندي معرض سيقام في الشهر الخامس في المركز الثقافي الفرنسي بدعوة خاصة من السفارة الفرنسية، واتمنى ان يكون بالمستوى المطلوب، وانا اعمل من اجله وان كانت لديّ اعمال جاهزة ولكنني اشعر بمسؤولية واتمنى ان يكون الاخراج بشكل صحيح، اما اخر معرض اقمته فكان في عام 2008 في قاعة مدارات،فيما الذي قبله كان عام 1997.

* لماذا هذا التباعد في اقامة المعارض الشخصية؟
- ليست المسألة ان يقدم الفنان معرضا شخصيا، بل بالمسؤولية في التجربة ومستواها وقوتها والنتيجة التي وصلت اليها، انا افكر بحذر في تقديم جهدي، من الممكن ان اشارك بلوحة في معرض مشترك، ولكن لن اقدم معرضا بعشرين لوحة لان لوحة واحدة ربما تؤثر على اللوحات الاخرى، انا اريد مستواها يمتلك ثقلا واحدا وكلها في اهتمام واحد ولا تهمني مسألة الوقت نهائيا.

* هل يرضي طموحاتك هذا التباعد؟
- نعم يرضيني، فانا اجرب دائما، اشتغل بشكل مستمر وكل مدة عندي تحول بالعمل وفي اللون وفي التقنية وفي خصوصية الشغل، فأنظر بخوف وحذر ولا اريد ان يذكر عني: نبراس اشتغلت بين كذا سنة وكذا سنة عملا جيدا وأخفقت في مرحلة معينة، انا لا احب ان اتعرض الى هذا.

* كم يستغرق عندي رسم اللوحة من وقت؟
- ليس عندي وقت محدد، فربما اشتغل عملا في يوم واحد، وهناك اعمال تأخذ مدة طويلة من الزمن، ابدأ بها واؤسسها ومن ثم اتركها، بالضبط ان الشعور بالعمل والمزاج يؤثران في الفنان جدا، فهناك اعمال ابدأها ولكن لا استطيع ان اكملها، فأتركها وأتأملها ومن ثم اراجع كل شيء يخصها من تقنية ومن مادة وخامة.

* اي الاساليب الفنية تستهويك اكثر؟
- انا اشتغل التعبيري، عندي اعمال اقرب الى التعبيري الواقعي المباشر وعندي اعمال تعبيرية اقرب الى التجريد، فالتعبيري هو المدرسة الوحيدة التي بقيت مستمرة لانها اقرب الى الذات عند الجميع،حتى عند الشاعر والمسرحي وغيرهما، فهي تعني التعبير عن الذات بشتى الطرق، انها تمنح المبدع فرصة ان يقدم عمله كما يهوى.

* هل هنالك وقت معين للعمل عندك؟
- انا اشتغل على الدوام، ولا يمر يوم دون ان اخطط به أو امسك الالوان، ولكن ليس دائما اعمل على ما اعمل عليه هو لوحة جدية او لوحة مكتملة، بل احيانا اشتغل اعمالا وامحوها، حتى وان كانت لها خصوصيتها وجمالها، حتى ان زملائي يقولون لي لا تمحيها، فنحن نتداول في الاراء حتى اعرف الاخطاء والسلبيات والايجابيات، وحين يسألونني عن السبب اقول: غير مهم، والمهم انني جربت وعرفت ثيمة معينة وحققتها وخلاص.

* هل يمكنك الاشارة الى تميزك عن الاخريات؟
- ليس عندي تميز، وانا اشاهد العديد من الاعمال الجميلة، واحترم تجربة كل فنانة وخصوصيتها وقراءتها للوحة ومفهومها للعمل الفني،فمن غير الممكن ان اقلل من شأن اي واحدة من الزميلات ولكن اتمنى من اللواتي اخذن ملاحظات ان يهتمنّ بها كي يستمرن ولا يبقين في مكانهن يراوحن.

* بماذا تنفعك مشاركاتك في المعارض المشتركة؟
- لا اشارك دائما ولكنها مفيدة،فضلا عن التاريخ الشخصي ستكون لها خصوصيتها وهناك مكانات لها اهميتها، وفي كل الاحوال هي مفيدة لمن يشارك فيها، وخذ مثلا (السمبازيوم) في فرنسا او ايطاليا واميركا، من غير الممكن ان لا تكون لها خصوصية، ثم ان الذين يشاركون ليسوا الكل بل نخبة ربما، انا مثلا لدي حاليا بعثة الى فرنسا بعد ان اختاروني كأفضل فنانة عراقية، وهذا شيء مهم ان امثل العراق، وهناك فنانون يمثلون دولهم، وهذا يمثل ثقلا خاصا لي كفنانة.

* هل يمثل الرسم عندك هاجسا بحيث من الممكن ان ترسمي حلما؟
- قبل ثمان سنوات رأيت بالحلم عملا يمثل دائرة كبيرة جدا وفيها محاور، استيقظت في الساعة الرابعة فجرا ونفذتها على الفوز بساعة او ساعة ونصف، وبعد ذلك اجريت عليها ترميمات او تعديلات، فهذا ممكن، فالذي يفكر دائما بالمفردات وعمله يكون لديه خزين في العقل الباطن فتطلع اما بحلم او العقل الباطن يدفع باتجاه تنفيذه، انا اراها حالة صحيحة، ولم اكن اصدقها قبل ان امر بها.

* هل تخططين على ورقة ومن ثم تنفذين الفكرة ام على القماش مباشرة؟
- هناك مفردات، ولانني اشتغل التعبيري وليس الواقعي فالمفردة التي اريد ان اضيفها او ارسمها اعمل لها تخطيطا او اجردها او اضيف او ازيل منها اجزاء وأنفذها، وهناك بعض الاعمال عندما انفذها لم تظهر كما اريدها فأمحوها.

* قبل عرضك للوحاتك في معارض معينة هل تعرضينها على اخرين؟
- نعم، لديّ زملاء اتناقش معهم عن اللوحة وارى قوتها ومستواها واين الاخفاقات بها، فأنا هاجسي قوي جدا في اللوحة، وعيني حساسة جدا بسبب الكم الهائل من اللوحات التي رأيته، فضلا عن انني اطلع على كل التجارب ولم اقلل من قيمة اية تجربة لاي شخص، عندي طلاب في كلية ومعهد الفنون الجميلة وزملائي واصدقائي، كلهم اشاهد اعمالهم ولهذا صار لعيني تحسس خاص، وعلى الرغم من هذا فأنا آخذ رأي زملائي في اعمالي.

*اي الالوان قريبة الى نفسك وايها تتجنبينها؟
- اشتغل بكل الالوان ولكن الاقرب الى روحي الابيض والاسود والاصفر، فالاصفر لابد ان يكون موجودا في لوحاتي، لا اعرف السر ولكنني اجد راحة عندما استخدمه، وانا اشتغل دائما في الصباح، استرخي واغني، وربما اشراقة الشمس هي التي تمنحني سر اللون الاصفر، لكنني لا اتجنب اي لون ولكن عندما اشعر انني خائفة من لون معين اشتغل عليه لاكسر هذا الخوف، فهو لا يصنعني بقدر ما انا اصنعه.

* هل لدينا نقد تشكيلي؟
- لا احب ان اظلم احدا، ولكن بالنسبة لي ارى اننا قياسا بالعالم العربي او العالم فقراء جدا بالنقد سواء باللغة النقدية او النقاد ايضا، ربما لدينا اثنان او ثلاثة لا اكثر.

* كيف ترين واقع الحركة التشكيلية العراقية؟
- اتمنى لها الشفاء، فالامراض التي تعاني منها كثيرة، والظرف الذي نمر به يؤذينا، والفنان وحده الذي يتأذى، فهناك الكثير من الاخفاقات والمشاكل.

* ما الذي تحتاجه لتشفى وتنهض؟
- الفن هو مرآة المجتمع وهو الذي يعكس ما في المجتمع، فالمجتمع الان منهار، فكيف تريدنا ان نكون،فلسنا نعيش في كوكب اخر، وبالتأكيد ان المشكلة في القائمين على هذه المسؤوليات.

* لماذا كنت غائبة عن فعاليات بغداد عاصمة للثقافة العربية؟
- بغداد عاصمة للثقافة العربية كذبة نعم.. كذبة، فنحن بلد متألم ومجتمع متوجع، اقمنا هذه المعارض نتحدى اشياء غير موجودة بمصداقيتها، هناك فنانون مهمون بمعارضهم ولكنهم لا يتجاوزون الثلاثة او الاربعة ولكنهم غابوا، تخيل من سنة ونصف وهؤلاء الذين اعمالهم مهمة جدا وتجاربهم مهمة همشوا في مشروع بغداد عاصمة للثقافة، وهناك اناس لا علاقة لهم بالفن التشكيلي وليست لديهم اية ثقافة فنية وسلطت عليهم الاضواء والاهتمام مع الفائدة المادية، وهم لا يسحقونها ابدا،بينما لو ان المسؤولين دعموا بعض الفنانين الشباب وقدموا لهم امكانيات اقامة معارض مثل التي اقاموها لكان افضل لهم، وللاسف دائما هناك ايادي خفية، وانا وجهت لي الدعوة ثلاث مرات ولم اشارك.

* الى ماذا تطمح نبراس هاشم في تواصلها مع الفن التشكيلي؟
- لا اطمح الى اي شيء، ولكن هذا الجانب في حياتي وهو الفن.. اعشقه، احبه مذ كنت صغيرة، وليس مهما عندي ان تعرض لي لوحة او لم تعرض، اصبح هذا ليس من اهتماماتي بقدر ما يهمني ان اعمل لنفسي، واي زائر لي اشعر انه يستمتع بعملي.. هو هذا ما اريده، والحمد لله والشكر.