عاد رسّام الكاريكاتور، حبيب حدّاد، من فرنسا إلى لبنان لإقامة معرض يضمّ مجموعة مختارة من رسوماته التي تعكس معاناة عاشها العالم العربي ومازال، بصورة تلامس الواقع وتضع الأصبع على الجرح، مطلقًا صرخة استغاثة قبل أن يداهمنا الوقت ويصبحعندها التغيير من الأمور التي يصعب تحقيقها.


بيروت : في البدء كانت الكلمة، لكن بالنسبة لرسام الكاريكاتور اللبنانيالمخضرم، حبيب حدّاد، الصورة والرسومات المعبّرة تغني عن ألف كلمة. عمل في عدّة مؤسسات إعلاميّة عربيّة وأجنبيّة، نقل من خلالها ما يعانيه العالم العربي الموجوععبر الرسومات فقط، فأصبح لريشته طعمٌ خاصٌوروحٌ تميّزها، بدأها معكاريكاتور يصوّر خوفو تخنقه الدهشة بعد زيارة الرئيس المصريالراحل أنور السادات إلى إسرائيل، ويقول :حاجة تجنن، لتتوالى بعدها الرسومات التي تضع الأصبع على الجرح.

صوّر الدولة الفلسطينيةعلى كوكب آخر فيما إسرائيل تميّع الوقت وتناور وتمضي في عمليّة تهويد القدس، الشرق الأوسط ممزّق، لبنان تشويه أطماع الدول الكبرىوالإقليمية، البوعزيزي يحرق نفسه للسنة الثالثة في الذكرى الثالثة للثورة التونسية، سوريا تدخل في نفق مجهول ومظلم، وغيرها...

يعيش حدّاد،إبن مدينة طرابلس التي وضعها في رسوماته على برميل من مادة TNT المتفجّرة، في باريس منذ حوالى أربعة عقود، لكنه عاد إلى لبنان ليقدّم معرضًا يضمّ مجموعة من رسوماته التي تعبّر عن معاناة عايشها وواكبها طوال مسيرته الإعلاميّة، نتيجة الصراعات التي يعيشها العالم العربي وانعكاسات السياسة الدوليّة عليه.

في حديث لـquot;إيلافquot; التي التقته في المعرض، يقول حداد :quot;هذه المرة الأولى التي أقيم معرضًا في بيروت بجهود جمعيّة الفنانين اللبنانيين،بعدما نَفيت نفسي إلى باريس منذ 37 سنة، وهو يضمّ مجموعة من الرسومات اخترتها من بين الآلاف تعبّر عن معاناتي تجاه الأحداث التي تمرّ في العالم والدول العربية ولبنان وفلسطينquot;.

يُقسم المعرض إلى ستة أقسام، تضمّ فلسطين ولبنان، العالم العربي والعالم، البيئة والصحافة، وتشمل صورًا لمشكلاتموجودة وتعكس رؤية لمستقبلها، فلبنان بنظره من أمهات الدنيا، فيما القضية الفلسطينية مركزية تعيش في ذاكرة العرب، إضافة إلى أن الشؤون العالميّة تؤثّر في كلّ الدول، ويعبّر عنها واضعًا إصبعه على الجرح باعتبار أنه دوره كرسّام كاريكاتوري

وعن النظرة التشاؤمية في رسوماته والتي قد تعبّر عن الواقع في أماكن معينة،بدءًا من الدولة الفلسطينية الذي قد تنشأ على كوكب آخر، مرورًا بتمزّق الشرق الأوسط وانقسامه، وصولًا إلىحرق البوعزيزي نفسه للمرّة الثالثة في الذكرى السنوية على قيام الثورة التونسيّة، قال :quot;هذه صرخة استغاثة للعرب وللعالم لما قد تؤول إليه الأمور إذالم نتداركها، أنا لست متشائمًا، لو لم أكن متفائلًا لما كنت رسمت ولما تابعت هذه المهمّة، أنا أسكن في أوروبا وأريد أن أعكس صورة جميلة للعالم العربي المشوّهة صورته في الغرب، أرسم لأحذّر ولأقول أنا لدينا غير الانفجارات والحروب،لدينا شعر وثقافة وفن يمكننا تصديرهم للغربquot;.

ويضيف حداد :quot;لقد بدأنا نتحرّك في العالم عمومًا والعالم العربي خصوصًا، وأنا متفائل بهذا الحراك، هناك أناس بدأت تفكّر وكسرت حاجز الخوف، وهذه مقدّمة لمستقبل جديد ينتظرناquot;.

وعن اختياره quot;بلا عنوانquot;إسمًا للمعرض الذي يتضمّن عناوين كثيرة ردّ :quot;أنا أعيش في الغربة ولا يوجد لديّ عنوان في بلدي، ورسوماتي هي بلا عنوان وبلا كلام، لأنني أترك للقارئ مجالًا للتفكير، فأنا لا أوجهه بل أريده أن يستنتج ويحلّل ويفهم المعنى وفقًا لطريقته، إضافة إلى ذلك أختار اللونين الأبيض والأسود وأرسم بهما لأتركله حرية اختيار اللون الذي يريده، إنها حرية أؤمن بها أترك للمتلقي إمكانية الإستفادة منهاquot;.

يشار إلى أن المعرض مستمرّ في مركز جمعيّة الفنانين اللبنانيين فيفردانحتى الثامن والعشرين من الشهر الحالي، على أن ينتقل بعدها إلى مركز الصفدي في طرابلس في الخامس من أيار/مايو المقبل ويستمرّ حتى العاشر منه.