صدرت حديثاً عن دار فضاءات في عمّان الرواية الثانية للروائية الأردنية نوال القصار بعنوان "هنا في الأماكن"، موزغةً على 28 فصلاً، وخاتمة قصيرة تقول فيها: "إلى سامي السرياني: في الفصل الأخير من الرواية اختارت بطلتها أن تقع في حبّ رجل آخر، فهي البطلة ولها الحرية في أن تجد حبيباً غيرك. أمّا الراوية، فما زال شبح ابتسامتك يطاردها، وما زالت تسمع صوتك، همساتك، ضحكاتك هنا، في الأماكن...".
تحتفي الرواية، التي تسرد أحداثها بضمير الغائب، بعاطفة الحب المفتقدة بطريقة آسرة تكشف عن تجربة وجدانية عميقة للكاتبة من خلال معاناة امرأة أنهكها الفقد، فتربع فوق حروفها وجدًا ونورًا بدد عتمة الواقع وانكساراته، لتبوح الذات بأسرارها بعيدًا عن تراكم الأحزان. ويبدو السرد مسكوناً بفعل الموت وصدمته القاسية التي تترك أثارًا نفسيةً واجتماعيةً واضحةً تظهر من خلال بوح الشخصيات، ومشاعرها الوجدانية.
تسير فكرة البحث عن الحب المفقود المقاوم لأثر الموت في الرواية جنبًا إلى جنب في حركة الشخصيات وصراعها من أجل الحياة، مما يسهم في تماسك البناء الروائي، ويجعله أكثر انفتاحًا على أسرار الواقع وصراعاته العميقة، وذلك عبر لغة سرديّة تتوخّى الشاعريّة في كثير من المواضع، وتنحو إلى التكثيف الاستعاري، والتصوير الفني البارع. وتستحضر الرواية، في سياق منحاها الرومانسي، الطبيعة بشكل واضح، إلى جانب نماذج بشرية ذات تعالق مباشر مع تجربة الحب والحياة (جميل بثينة، نزار قباني، بيتهوفن، بيكاسو، كلود مونيه)، فالحب ولا شيء سواه ما تحاول الرواية الإمساك به لتولد الحياة من جديد.
يُذكر أن نوال القصار صحفية ومترجمة، من أبرز كتبها المترجمة كتاب "مداخلات" لنعوم شومسكي، بالاشتراك مع محمود برهوم، المؤسسة العربية للدراسات والنشر 2007. أما روايتها الأولى الصادرة عن وزارة الثقافة الأردنية عام 2012 فتحمل عنوان "قمر الصيادين".
&