قال فيلكس دنيس، المتعي (الهيدوني) الذي انشأ امبراطورية اعلامية ان هناك في مكان ما من قلوب جميع الأثرياء العصاميين "شظية من جليد جارح".& وكان دنيس يحب كونه ثريا ويحب توجيه النصائح عن طريقة الوصول الى هذه الحالة من الثراء الذي يُحسد عليه.& وما كان يسعده في بعض الأحيان ، كما أكد ، هو "مسرات بسيطة" مثل المشي في الأحراش بمفرده أو الاستغراق في كتابة قطعة نثرية أو الجلوس بهدوء مع اصدقاء قدامى حول قنينة من النبيذ أو إطعام قطة ضالة.&
ولكن اللهو والنجاح كانا قضية أخرى.& وبتقديرات دنيس نفسه فانه انفق 100 مليون دولار على المخدرات والخمرة والنساء والعيش المترف في غضون عقد واحد.& وكانت لديه 14 عشيقة يتولى اعالتهن من جيبه.& وقال ذات يوم ان الاستئجار أفضل من الشراء سواء كان ما تستأجره زورقا أو طائرة او امرأة تضاجعها.
وكان بمقدور دنيس شراء كل ما يرغب في شرائه أو استئجاره ، كما كان يفضل.& وبدأ دنيس بناء امبراطوريته الاعلامية ، التي قُدرت قيمتها بمئات ملايين الدولارات يوم وفاته في 22 حزيران/يونيو عن 67 عاما ،&


مجلة "أوز"

لعب فيلكس دنيس مع ريتشارد نافيل، ريتشارد والش ومارتن شارب، دورا أساسيا في خلق مجلة "أوز" في سيدني (استراليا) عام 1963، كمجلة لاذعة. غير أن فترتها الذهبية هي عندما أخذت تصدر من لندن (مطلع 1967). إذ أصبحت حال لسان حركة الأندرغراوند (النشر من دون أخذ إذن الرقابة) الصاعدة وبالأخص الحركة الهيبية التي اجتاحت الحياة اللندنية على صعيد السلوك والموسيقى والموضة. خاضت مجلة "أوز" معارك عديدة مع الرقابة وتعرض بعض مؤسسيها إلى الاعتقال بتهم الإساءة إلى الأخلاق والدعوات الإباحية وإلى الشذوذ الجنسي وسط المراهقين والمراهقات. وقد اشتهرت بأغلفتها الاستفزازية، خصوصا آنذاك، حول حرب فيتنام، المخدرات، الجنس الخ، وغالبا ما تأتي عناوين الأغلفة إشارة إلى مصدر ثقافي، مثلا "صباح جديد شجاع" هو إشارة إلى رواية الدوس هكسلي: "عالم جديد شجاع". وعندما وجهت إلى "أوز" انتقادات من قبل الشبيبة الثورية عام 1970 بأنها أصبحت هرمة وبعيدة عن أحاسيس الحركة الشبابية المتصاعدة، قررت الإدارة دعوة طلبة الكليات أن يشرفوا على تحريرها. وقد ساهم عشرون طالبة وطالبا وجاء العدد 28 أيار 1970، في قمّة الاستفزاز، حيث تصدرت الغلاف نساء سوداوات شبه عاريات في أوضاع سحاقية مع شعار "أوز عدد أطفال المدارس" (انظر الصورة). واحتجاجا على اعتداءات الرقابة الأخلاقية، نظم مؤسسوها تظاهرات وسجلوا أسطوانة بعنوان "الله يحمينا" وهو لعب على الشعار الملكي "الله يحمي الملكة"، ما أثار غضب الرقابة، وقد دافع مغني البيتلز جون لينون وزوجته يوكو اونو عنهم موضحا أنهم يلعبون على كلمة "الله يحمي أوز" وبالانجليزية اللعب الصوتي واضح بين " Us" و " Oz". غير أن محاكمتهم أقيمت عام 1971&بتهمة المؤامرة على العرش. ورغم أن المحاكمة لفتت انتباه عدد أكبر من القراء&بحيث بيعت من المجلة&80 الف نسخة، إلا أن بعد مرور سنتين، أخذ عدد قراء "أوز" يتضاءلون، وتصاعدت الديون بحيث وصلت إلى عشرين الف باوند عام 1973، وعند عدد 48 توقفت المجلة نهائيا في العام نفسه

علاينة عارف

عندما زار مكاتب النسخة البريطانية من مجلة اوز OZ المتمردة.& كان مفلسا بعد ان باع طبله ليدفع تكاليف اجهاض صديقته الحامل.& وسرعان ما اصبح رئيس تحرير مشارك لينتهي به المآل في السجن حيث أمضى فترة بتهمة البذاءة ، مع صحافيين آخرين في المجلة.& وقال القاضي ان الشاب المهلهل الواقف في قفص الاتهام كما وصف دنيس في حينه "اقل ذكاء بكثير من المتهمَين الآخرين معه".
ولكن هذا الحكم على ذكاء دنيس لم يقف عقبة في طريقه وكانت عبقريته الاعلامية التجارية تكمن في اكتشاف ثغرات في سوق النشر واطلاق مطبوعات تسد هذه الثغرات.& فحين لاحظ دنيس وقوف الشباب في طوابير لمشاهدة افلام بروس لي اطلق مجلة كونغ فو الشهرية وطار الى هونغ كونغ لمقابلة لي نفسه الذي توفي في ظروف غامضة.& وأقبل القراء على مجلة دنيس تعويضا عن الفراغ الذي تركه رحيل نجم الكونغ فو.
وحين تلقى مطبوعات دنيس رواجا كان يحصل على ترخيص لتوزيعها في بلدان اخرى أو بيعها وتأسيس مطبوعات جديدة
لم يكن دنيس رئيس تحرير متميزا وكان في الغالب لا يهتم كثيرا بمواضيع مجلاته وصحفه والمطبوعات الأخرى.& ورغم الثروة التي حققها من اصدار مجلات متخصصة بالكومبيوتر فانه كان يكره الأجهزة الجديدة.& وكان يرى ان الادارة ايضا مملة.& كان يعبد المال لكنه كان يتباهى بأميته في قراءة الكشوفات الحسابية.& وكان يقول لماذا يكلف المرء نفسه مراجعة الحسابات حين يستطيع ان يشغِّل من يتولى هذه المهمة عنه.&
يكمن سر الثراء بنظر دنيس في استخدام مواهب الآخرين ـ في العثور عليهم واحتضانهم ومكافأتهم وعند الضرورة الاستغناء عنهم.& ويتطلب تحقيق الثراء بالاضافة الى هذه المواصفات القدرة على المواصلة والاصرار والنظرة العملية والتقتير والتجديد والقسوة والإقدام الذي لا يعرف الخوف.& وكانت أكبر عقبة تقف في طريق الثراء برأي دنيس هي الرغبة في السلامة والأمان ، قائلا ان هذه الرغبة تسبب الادمان كالكوكايين الذي كان يعشقه ولكنها اشد ضررا منه.
أُصيب دنيس بمرض المحاربين القدامى الذي كاد يقتله.& وكتب يقول انه مرض مميت بصفة خاصة للمغلفين ذوي الأوزان المفرطة ممن يتعاطون الكوكايين ويحتسون الويسكي بكميات كبيرة ويدخنون بشراهة ، ولديهم مال كثير حتى انهم يظنون انهم صُنعوا من معدن التيتانيوم المعروف بمتانته.& وبعد تحمله صب ماء مثلج على اعضائه التناسلية لمنعه من الوقوع في غيبوبة قرر الاستغناء عن الأدوية وتجريب كتابة الشعر.
&