عن دار فضاءات للنشر في عمّان صدرت حديثاً رواية "حماقة ماركيز" للروائي العراقي عواد علي، وهي الرواية الثالثة له بعد: "حليب المارينز" (2008)، و"نخلة الواشنطونيا" (2010).
يجري الحدث الرئيسي للرواية في مدينة أرابخا (كركوك) خلال يوم واحد في شتاء عام 2009، لكن الشخصيات تسترجع أحداثاً تمتد إلى 23 عاماً، وتدور فضاءاتها في جبهات الحرب العراقية الإيرانية ومدن عراقية أخرى وتركيا واليونان والمكسيك وكولومبيا، في سياق سردي يجمع بين المنحى الواقعي والغرائبي.
تنتصر الرواية لعلاقة الحب السامية بين البشر ضد الكراهية من خلال التساؤل الذي طرحه الروائي الكولومبي ماركيز "ألا يستحق الحب أن نجنّد أعمارنا من أجله بدلاً من الكراهية...؟"، وذلك عبر سرد بوليفوني (متعدد الأصوات)، تتناوب عليه شخصيات الرواية التي تنحدر من مكونات إثنية ودينية وشرائح متنوعة في المجتمع العراقي: (سلمان العربي، نورهان التركمانية، فرهاد الكردي، مراد التركماني، بولينا الكلدانية، فادي الآشوري).
وتأخذ الرواية عنوانها من اسم ماركيز، المهووس به بطل الرواية "سلمان البدر"، خريج اللغة الإسبانية، كما يقول صديقه مراد في الفصل الأول: "أتذكّره كلما وقعت عيناي على كتاب لماركيز. كان شغوفاً بهذا الكولومبي على نحو جنوني، يحمل كتبه بلغتها الأصلية حتى في الخط الأمامي للجبهة، ويسميه أحياناً بلقبه الشعبي "غابو"، وكأن أمه ولدته في بوغوتا... حين عرّفني إليه فرهاد قال لي: "أقدّم لك صديقي سلمان البدر، ولن يغضب إن ناديته باسم ماركيز، فهو مهووس به، ويستوحي منه جرعة الخيال".
يقول الناقد د. صبري حافظ في تقديمه للرواية: "تتجلى في هذه الرواية الأخيرة من ثلاثية "الحب والاحتلال"، للروائي العراقي عواد علي، وجوه أرابخا، الاسم البابلي لمدينة كركوك، من خلال تداخل العشق والأحلام والحروب. ويمثّل وجود بطل الرواية "سلمان البدر"، المتراوح بين الموت والحياة، منذ الحرب العراقية الإيرانية حتى الغزو الأميركي، مركزاً للسرد تنطلق منه الشخصيات في تأمل حاضرها وماضيها، والاحتلال الذي تنوء تحته".
مقطع من الرواية
"تقرير طبي
استناداً إلى إفادة اثنين من الممرضين في المستشفى الجمهوري بأرابخا، اقتحمت يوم الرابع عشر من شباط/ فبراير 2009 امرأة مختلة العقل تدعى "نورهان كمال هرمزلي"، مخزن المواد السامة، وأخذت منه إحدى الزجاجات، وأفرغت المادة القاتلة في جوفها ظناً منها أنها عصير ليمون، وسرعان ما بدأ أثر السم يدبّ في جسدها، وأصبحت أطرافها واهنةً كالقطن، وتكسّرت عظامها تحت جلدها، وقفز قلبها من صدرها إلى الأرض وأخذ يذوب كقطعة ثلج، ويتسرب في خيط رفيع إلى صالة العمليات. وهناك حدث ما يعجز الطب والعلم عن تفسيره: نفذ سائل قلب المرأة إلى صدر جثة رجل مات توّاً يدعى "سلمان إبراهيم البدر"، كان قد أصيب في مواجهة مع قوات التحالف، فعادت إليه الحياة فوراً، رغم أن الأطباء فشلوا في إنقاذه".

&