إهداء

إلى أرواح شهداء فلسطين
إلى أرواح شهداء الأرض
إلى الشهداء من أحرار العالم

*****

عليَّ.. وعلى أعدائي السلام،
إن هم عاشوا من بعدي..
كيف ستكتب لهم الحياة؟! وهل،
روحي الحرَّة تتركهم بسلامٍ.. بعد إذ طلَّقت جسدي؟!
سلامهم لنا كأن يقال للحمائمِ:
سلام عليكم من الغربانِ،
فنحن كلنا سودٌ
ومنكم سود معشر الحمامِ!
وسلامنا لهم كمن يخفي رأسه في التُّرابِ
فقل له: لم يمنع ترابٌ يوماً
صياداً من صيد النَّعامِ
فهو لا محالةَ يجدها،
وليس من عُذرٍ لها
إذا صارت طعامَ مأدبةِ اللِّئامِ
عليَّ.. وعلى أعدائي السلام،
إن هم عاشوا من بعدي..
كيف ستكتب لهم الحياة؟! وهل،
روحي الحرَّة تتركهم بسلامٍ.. بعد إذ طلَّقت جسدي؟!
***
سلام على القبضات ما لم تفارق زنادا
سلام على أقلام المثقفين ما لم تقبر في الكتبِ
سلام على أنوار المفكرين ما لم
تكن تقذف الضوء لتعمى أعين الشَّعبِ
وسلام على نخوةٍ همدت
وسلام على فورةٍ سكنت
وسلام على ثورةٍ ركعت
للمال والسُّلطِ
عليَّ.. وعلى أعدائي السلام،
إن هم عاشوا من بعدي..
كيف ستكتب لهم الحياة؟! وهل،
روحي الحرَّة تتركهم بسلامٍ.. بعد إذ طلَّقت جسدي؟!
***
سلام على فلسطين،
على حفيد يسأل جده:
أين نحن من الأرضِ؟
هل سنعود، ولِم خرجنا؟
أبِرضانا كان الأمر أم بالغصبِ؟
سلام على خدِّ الجدِّ ظلَّ مبتسما
لطفل قد يحرر الأرض في غدِ
وسلام لصبر الجدِّ لم يسمح
أن تغرق إرادة الشِّبل في أنهار من الدَّمعِ
سلام لوصيته إذ قال له:
خرجنا به، لكنَّا سنعود بالغصبِ
فالأرض تعرف أهلها
لا تقبل إلا إيَّاهم
ولو استوطن الأعادي على أشلائنا
والدَّمِ
فـ(الدولة) يا بني قد لا تكون
غير كلمةٍ،
وقد تكون عنوانا للباطلِ
أما المعنى فهو كاملٌ،
كامنٌ في الوطنِ
فتذكرت قصيدة صديقي محمد العربي:
"كان ربي يحب الأرضَ...
فلماذا يكره ربي الأرضَ،
وما أزال أرى العصافير والوردَ...،
والفراش والزهر والحوضَ...؟!
لا شك هناك صبي بريء،
بهيمة ثكلى،
شيخ شاخر،
عابد يحمل التقوى،
يتقن الحفظَ..."*
فالسَّلام على الكنائسِ والمساجدِ والمصاطبِ والأديرةِ
عليَّ.. وعلى أعدائي السلام،
إن هم عاشوا من بعدي..
كيف ستكتب لهم الحياة؟! وهل،
روحي الحرَّة تتركهم بسلامٍ.. بعد إذ طلَّقت جسدي؟!
***
سلام على أحرارٍ
أتوا إلى أرضنا من كل حدبِ
سلام على أرواحهم لم يغادروها
إلا شهداء مشيَّعين بالوردِ
والسلام على بني جلدتنا:
شبعوا ذلاً، فناموا
لا يرجى منهم الصحو
إلا كما يرجى السمع من ذي صممِ
.. والسلام على ثروتهم
إذ يدَّعون أن بها نصرة أهل الشَّام والإسلامِ
خزائنهم- على ضخامتها- نعم
لكن مفاتحها في يد الأمريكانِ
فالسَّلام علي بعدُ.. وعلى أعدائي السلام
على الشعرِ والنثرِ.. على اللغةِ
على النِّسيانِ.. وعلى الذَّاكرةِ
إن هم عاشوا بعدها من بعدي
كيف ستكتب لهم الحياة؟! وهل،
روحي الحرَّة تتركهم بسلام.. بعد إذ طلَّقت جسدي؟!

* الأشطر التسعة من قصيدة "كان ربي يحب الأرضَ!..." للروائي والشاعر المغربي محمد العربي مشطاط، ديوان "الكسيح". الصفحتان: 29 و30. الطبعة الأولى - مارس 2012، سليكي أخوين - طنجة.&
&