بغداد :&استذكر المثقفون العراقيون زميلهم الراحل كامل شياع الذي اغتالته يد الغدر والارهاب قبل ستة اعوام وذكروا في كلمات مبللة بالدموع ومؤطرة بالاحزان ذلك اليوم الحزين واعادوا الى الاذهان انشغالات الراحل الفكرية والمشروع الثقافي الذي ارتبط به فضلا عن سماته الانسانية.
&&& اجتمع حشد من المثقفين والادباء والاعلاميين في قاعة الجواهري في مبنى الاتحاد العام للأدباء والكتاب في العراق صباح السبت 23 آب / اغسطس 2014، في حضرة المفكر كامل شياع (1954- 2008)& حيث اقاموا له جلسة استذكارية بمناسبة الذكرى السادسة لاغتياله، اذ لم يتم الكشف الى حد الان عن قاتله ولا زال الغموض يلف الجريمة التي سجلت ضد مجهول.
& قدم للجلسة التي كانت تحت شعار (سيرة ورهان) الكاتب الدكتور جمال العتابي الذي اوقد شموع العديد من الكتابات التي قيلت بحق الراحل ومشروعه الثقافي، فضلا عن سرده لبعض الذكريات التي رافق بها الراحل العديد من المثقفين،مؤكدا في كلمته ان الفقيد كامل شياع اراد للحياة الإنسانية نظما لا يمكن العبث بها، بفعل عقلي كان يصبو إليه، ينبع من فهمه لمعنى الحق، المنبثق من جذوة المعرفة، حين تغدو الحاجة إلى الفهم ضرورة اساسية كالحاجة إلى الهواء والغذاء، فكان هذا النزوع يضطرم في عقله وقلبه ووجدانه، صادرا عن تيقظ وتنبه كضرورة ثقافية وإنسانية.
&& فيما قال الامين العام للاتحاد العام للادباء والكتاب ألفريد سمعان:& ان كامل شياع انسان وهب نفسه وتاريخه للثقافة، وان اتحاد الادباء يعتز بان يستذكره لانه من اُسس الثقافة الرصينة في العراق ومناضل ضحى بكل ما يملك دون ان يأخذ شيئا معه".
&&& واضاف : كامل.. كان ضحية من ضحايا الوضع الراهن الذي نعيشه منذ سنوات طوال ومع الاسف الشديد كان يمكن ان تكون ايامنا بشكل اخر والامل بان تزدهر الديمقراطية ويعيش المجتمع حياة جديدة.
&&& وختم كلامه بالقول : ان الراحل الكبير خلف وراءه قضية ستبقى في اذهاننا ونستطيع تحقيقها.
&&& اما وزير الثقافة الاسبق مفيد الجزائري فقد تحدث عنه رفيقا وصديقا ومستشارا في وزارة الثقافة، وقال : الشهيد كامل شياع بحكم عمله في وزارة الثقافة، لم يك مجرد كاتب مقالات وتأملات وافكار وصائغ رؤى تتعلق بالثقافة ومبدع للجديد والعديد في عالم الفكر والثقافة، انما اتيحت له فرصة ان يجسد بالملموس ما وضعه عبر فكره في الفترة التي عمل فيها بالوزارة.
&واضاف : بعد خروجي من الوزارة اواخر نيسان/ ابريل عام 2005 باسبوعين من انعقاد المؤتمر الوحيد للمثقفين العراقيين،كان لكامل دور اساسي في ادارته وانجازه، ومنذ ان خرجت انا حُرم شياع من ان يواصل عطاءه في الوزارة، ومُنع من ذلك ووضع على الرف، وبذل المسؤولون الجدد المتعاقبون جهودا لايمكن تصورها من اجل ابعاده والتخلص منه ومنعه من ان يعبر عن نفسه باي شكل من الاشكال.
من جانبه تحدث وكيل وزارة الثقافة فوزي الاتروشي قائلا : كامل شياع من النخب القليلة التي فكرت في عز التخندق الطائفي والديني والقومي بأن تشذّ عن هذه القاعدة وتذهب نحو الهوية الانسانية الواسعة، فهو معلم ربط الاخلاق بالسياسة وعدم الاكثار بالكلام على حساب العمل.
&واضاف : اننا في وزارة الثقافة نتذكره معلما ومفكرا بارزا لكنه فعلا حوصر كما ذكر زميلي مفيد الجزائري وحورب في الوزارة، وان الاغتيال السياسي الذي تعرض له شياع كان من الممكن ان يطال الجميع، خاصة مع تعالي الخطابات الفرعية، وان مشروع شياع في دولة مدنية ديمقراطية هو اشد ما نحتاج اليه لبناء وطن للجميع.
&اما الشاعر والناقد علي حسن الفواز& فقال : يعد كامل شياع من صناع المشروع الثقافي العراقي الجديد والذي بدأ أولى خطواته مع مؤتمر المثقفين فعقد المثقفون آمالا كبيرة على المؤتمر وعلى كامل.
&واضاف: لقد& فاتح الراحل وزير الثقافة الذي خلف مفيد الجزائري لتنفيذ وصايا عشرات الورش التي نظمها مؤتمر المثقفين العراقيين، ولكن الوزير أجابه: انسوا المؤتمر، واستعدوا لمؤتمر جديد..، اعتقد أن التفكير بالغاء ما انجز والبدء من الصفر هو خطأ استراتيجي ندفع ثمنه الى الان.
الى ذلك قدم الباحث في مجال الانثروبولوجيا علاء حميد ورقة بحثية عن (اختلاف السياق الاجتماعي الغربي عن العربي وآثاره، وكيفية تلقي مفاهيم التنوير والنهضة) اكد فيه : اننا مازلنا لم نصل الى توصيف دقيق وعلمي يحدد دور المثقف العراقي داخل حركة المجتمع منذ تأسيس الدولة ولغاية الان، والتنوير ظل مرهونا بما يقوم به المثقف العراقي من منجز فكري الذي ظل طاغيا عليه النمط الادبي (الشعر، القصة) والديني.
&& من جانبه قال رئيس الاتحاد العام للأدباء والكتاب في العراق فاضل ثامر ان "المشروع العراقي الثقافي الفلسفي خسر كامل شياع، وكذلك نحن ايضا خسرناه، لما يملكه من عقل مركب وامكانية في ادارة حوار فكري معقد وصعب، كانت افكاره عميقة وبعيدة عن السطحيات".
ورأى ثامر ان "عملية اغتياله بدأت منذ تحجيم دوره في وزارة الثقافة وحتى انه حرم من حقه في وجود مكتب له في الوزارة، الجميع تواطأ على قتله شيئا فشيئا، ولاتصدقوا دموع التماسيح التي ذرفت فيما بعد لانهم دائما كانوا ضد الوعي والعقل والحوار، وارادوا وزارة تقوم بتمشية الاعمال الخاصة بالعمل الوظيفي ليس الا".
في ختام الجلسة التي استمرت لساعتين قرأ شقيق الشهيد علي شياع كلمة العائلة، فيما خرج الحاضرون بتوصية، اجمعوا عليها، لاعادة فتح ملف اغتيال كامل شياع والاعلان عن الجهات التي نفذت هذه الجريمة ومحاكمتهم لينالوا جزاءهم العادل.

والراحل كامل شياع: من مواليد بغداد يوم 5 شباط& / فبراير 1954, غادر العراق في 1979. استقر في مدينة لوفان البلجيكية في 1983، بعد إقامة قصيرة في الجزائر حيث عمل مدرساً للغة الإنكليزية، ومن ثم الى إيطاليا التي نشر فيها قاموساً، إنكليزي-إيطالي-عربي، للمسافرين ورجال الأعمال. حصل على شهاد الماجستير في الفلسفة من جامعة لوفان الكاثوليكية عن أطروحته "اليوتوبيا كموقف نقدي" والتي حازت على درجة الإمتياز. عمل صحافياً خلال إقامته في مدينة لوفان، وكتب في مواضيع مختلفة لصحيفة "الحياة" اللندنية، ومجلة "الوسط" اللندنية، ومجلة "مواقف" الفصلية، ومجلة "الثقافة الجديدة" الشهرية الصادرة في بغداد، وراديو "في. آر. تي" الدولي - القسم العربي- بروكسل، وقسم التلفزيون الدولي لوكالة اسوشيتد برس (أي. بي. تي. إن) - بروكسل.عين مستشارا في وزارة الثقافة عام 2003 وعمل مع ثلاثة وزراء تسلموا منصب وزير الثقافة وهم على التوالي : مفيد الجزائري، نوري الراوي، اسعد الهاشمي و ماهر الحديثي. أغتيل في 23 -08-2008 على طريق محمد القاسم (الخط السريع ) بالقرب من شارع فلسطين وسط بغداد.
&