صديقي الشاعر الذي أحبّ
أراك تلفّعتَ بإزارك الابيض
كمّمتَ فمَك وشحذتَ مشرط قلمك
أصقلتَ مراياك بوَرَقِ القلب
نشرتَ الإضاءة في صالة ذكرياتك
ها أنت تجهز لتزفّ قصيدتك الينا
تُلبسها وشاحها الليلكيّ الغارق بالعطر
وتصفّف شَعرها الناعم الاملس
معذرةً وأنا القارئ المشوق لطلّتها
أتوسّل اليك وأنا تلميذك المطيع
لاتلقم القصيدة كلماتٍ مترهّلة
لئلا تصاب بالتخمة
ليكن جسد القصيدة رشيقا
أهيفَ القامة ، خاليا من النحول
مشذّباً من البدانة
خذْ من دهان الكلمات أكثرَه ليونةً ونضارة
ضع زِنّاراً من حروفٍ مزركشةٍ على خِصرها
اقصصْ من شَعرها الهائج ما كثّ وتجعّـدَ
انثرْهُ امام مرآةٍ كوافير متقنة النصاعة
ايّاك ان تفرط في زرق إبرِ " البوتوكس "
لئلا تَـثقل شفتاها ، وتتعثّر في النطق
خوفي أن تنتـفخَ طلعتها وتـلثـغ
فتكون مثار استهزاء القارئ
أزلْ ماعلق من دمامل الكلمات الناشزة
استأصلْ بقايا الثالول بحِبْرٍ حارق
لترشق امام من يهواها
ويشتهي الانصات لنغماتِ حروفها
يتطلّعُ لرشاقتها كعاشقٍ في أوّلِ لقائهِ بأنثاه
يراها مثل منحوتةٍ جميلة تأسرُ ناظريه
تتمشّى في أوصالهِ مثل نشوةٍ
لا تدري أين تحطّ
تتلاعبُ غنَجا وقفزا في خيال جامح
وتستقرّ اخيرا في ارجوحةٍ عائمة بين القلب والعين
اشفطْ من دهانِها ما تراكمَ في عجيزتِها
وفي محزمِها وتحت إبطيها
ولتكن أصابعُك حاذقةً ؛ تتلمسها برفقٍ
تزيل نشازَها وتقدُّهُ قطعا قطعا
لترميَه في حاوية نفايات الشعر الغثّ
وما أكثرهُ في حاويات الكتب الصفر
والأرصفة الوسِخة
بانتظار من يأخذها من متصنعي الرّثاثة
وجوقة الطبّالين والشعّارين لقاء دراهم معدودة
مع رشفة قهوة في مكتب متثاقفٍ فاسد ، جاهل
صديقي الشاعر الأعفّ من البراءة
يامن تقتفي أثَرَ قصيدتك الشاردة
تهيم في براري النفس
في متاهات العقل وأخاديدِه
ورفوف الماضي القريب والبعيد
يانطاسيّ الكلمات الراقدة في المشافي
ضاقَ اعتزالي وهزلتْ حيلتي
من أورامِ القصائد البدينة الثقيلة الظّلّ
ما أسعدني وأبهاني بك شاعراً&
مُصفِّفاً حريرَ الشِّعر من شرنقة الكلمات
هل من شافطةٍ لمصِّ أحقادهم ؟!
هل من منفاخٍ لِضخِّ ضمائرهم الهزيلة ؟
ممحاةٍ لِإزالة ابتسامتِهم الدميمة
أثداؤهم تنتفخُ مثل كروشِهم
لاتراهنْ على تكبير قلوبهم الضئيلة
مهما أوسعْتَ عدَسةَ بصيرتِك&
تهمس القصيدة في أذنيك : لاتعبأ صديقي الشاعر
تعال شدّ وجهي وامسسْ جلدي بتوئدة
مرّرْ " ماسكارا " قلمك الأسود على رِمْشيها
اغمس فرشاتَك في مكحلةِ لياليك السود
لتظهر عيناي واسعتين
واعمل على تلقينها لغتك الساحرة
ما أقلَّ من يتفرّس لغة العيون !
ينْصتُ لِمسامِ الجسد
يخاطرُ الشاردَ البعيد
يطربُ لصمتِ الشفاهِ الملأى بالنغم
ويتدبّر الأثَرَ في صحراء الإبداع
ليس سواك أيها الشاعر المعبّأ بالثراء
تعال اسقِني مطرَك وعذوبتك
وليعثروا هم بأوحالهم وينزلقوا
في غريَنِ سقوطهم ومهانتهم&
لا تمنحْ سُلَّمَك الناصعَ العتَبة لأقدامهم
&هل يصلح السّلّم الموسيقيّ المرصّع ألحاناً ذهبيّةً
لِيَـتّـكئ على نعيق الأغربةِ السود ؟!

[email protected]


&