كونراد أيكن (1889 -& 1973) شاعر وقاص وروائي وناقد أميركي من مواليد سفانا بولاية جورجيا. تلقى تعليمه في هارفرد حيث كان من بين زملائه في الدراسة ت. س. اليوت وعزرا باوند والفيلسوف جورج سانتايانا الذي كان لأفكاره الأثر الكبير في شعراء الحداثة بما فيهم كونراد أيكن.
&&&&&&&&& بدأ أيكن النشر مبكرا فأصدر أول مجموعة شعرية له وهو في الرابعة والعشرين بعنوان ((الأرض المنتصرة)) عام 1914 توالت بعدها مؤلفاته العديدة التي بلغت خمسا وثلاثين مجموعة شعرية وخمس روايات وخمس مجموعات قصصية فضلا عن سيرة ذاتية فريدة نشرها عام& 1950& تلقي الكثير من الضوء على الحداثة الشعرية وأبرز روادها. نال شعر أيكن العديد من الجوائز المهمة مثل جائزة البوليتزر وجائزة الكتاب الوطني وغيرها.
قصيدة "ارتجالات: الضوء والثلج" تتألف من 15 ارتجالا سبق ان ترجمت الخمسة الأولى منها وها هنا الخمسة الثانية:

ارتجالات: الضوء والثلج


1
مضى ساعتان الآن منذ ان تركتك،
وعطر يديك لا يزال على يدي.
ولو انني منذ ذلك الحين
انظر الى النجوم، وأسير في الشوارع الباردة الزرقاء،
واسمع الأوراق الميتة تهب على الأرض
تحت الأشجار،
لا زلت اتذكر صوت ضحكك.
كيف سيكون الحال يا سيدتي حين لا يبقى شيء يذكرني بك
ولو كان بطول هذا؟
أ سيجدل التراب شعرك؟

2
النهار ينفتح باللون البني لتساقط الثلج
وخلف النافذة تسقط ندف الثلج وتسقط.
اجلس في كرسيي طوال النهار واعمل واعمل
اقيس الكلمات بعضها على بعض.
افتح البيانو واعزف لحنا
لكنني اجده لا يعبر عما اشعر،
اتعب من قياس الكلمات بعضها على بعض،
اتعب من هذه الجدران الأربعة،
وأفكر فيك، يا من كتبت الى انك ولدت لك ابنة
وأسميتها على اسم حبيبتك الأولى،
وإنك يا من حطمت قلبك، بعيدا،
في فوضى ووحشية حرب طويلة،
وأنت، يا من ستذهب جنوبا قريبا جدا،
بعد ان انهكتك مرارة الشتاء.
ندف الثلج تتساقط مستقيمة تقريبا في الضوء البني
امام نافذتي،
ويجد عصفور ملاذا على رتاج نافذتي.
هذا وحده يأتيني من العالم الخارجي
وانا اقيس كلمة على كلمة.

3
اشياء عدة تربكني وتتركني قلقا،
اشياء عدة مقفل عليها في كتاب النجوم الأبيض
لا تفتح لي ابدا.
الأوراق المرصعة بالنجوم تقلـّب بصمت،
والأوراق المرصعة بالقمر؛
وإذ هي تقلّب، تتساقط ظلال الحياة والموت.
مرتبكا وقلقا،
اشعل ضوءا صغيرا في غرفة صغيرة،
الجدران المضاءة تقترب مني،
الصور المألوفة واضحة.
اجلس في كرسيي المفضل واقلب في ذهني
صفحات حياتي الصغيرة، التي خط عليها القليل،
واسمع عند النافذة الشرقية ضغط ريح طويلة قادمة
من حيث لا اعلم.
كم مرة جلستُ هنا،
كم مرة سأجلس هنا ثانية،
مفكرا بهذه الأمور ذاتها مرارا وتكرارا في وحدتي منعزلا
مثلما ينطق طفل مرارا
اول كلمة تعلم نطقها.

4
هذه البنت اعطتني قلبها،
وهذه، و هذه.
هذه نظرت الي كأنني احببتها،
ومضت عني بعيدا.
هذه رأيتها مرة واحببتها، ولم ارها ثانية ابدا.
أ أعدهن اليك على اصابعي؟
او مثل قسيس يزلق خرز مسبحته بوقار؟
او اتظاهر انهن وردات ورديات شاحبات وصفراوات وبيضاوات،
وانسقهن لك في اناء كبير
كي يوضعن في ضوء الشمس؟
انظر كيف يبدو الأمر جميلا وأنا اعدّهن لك—
هذه الفتاة اعطتني قلبها
وهذه، وهذه،....!
&ومع ذلك، قلبي ينفطر حين افكر فيهن،
حين افكر في اسمائهن،
وكيف، كأوراق الشجر، تغيرن وطرن مع الريح
وسوف يقعن، اخيرا، منسيات،
تحت الثلج.

5
الوقت ليل، وبارد، والثلج يتساقط،
وما من ريح تحزن على الجدران.
في عالم الضوء الصغير حول مصباح القوس
تتساقط اسراب من ندف الثلج وتتساقط.
يصمت الشارع. يمر آخر غريب.
صوت اقدامه في الثلج غامض.
اي حزن منسي ذلك الذي يتملك قلبي
في ليلة كهذه؟
لِـمَ افكر في شجرة كاميليا بحديقة جنوبية،
بأزهار وردية بين اوراق داكنة،
تنتصب مندهشة وسط الثلج؟
لـمَ افكر في الربيع؟
ندف الثلج تغير اتجاهها اضطرارا
وتسقط عبر نافذتي بصمت؛
تأتي من الظلام وتلج الظلام.
ما ذلك الذي في قلبي مندهشا متحيرا
كشجرة الكاميليا،
التي لا تزال جميلة في كربها المتلألئ؟
والربيع جد بعيد!

&