&

إسماعيل عزام يحمل معه تراثا فنيا من احدى اقدم مدن العالم الماهولة لحد الان هولير (اربا ايلو) مدينة الالهة الاربعة وقلعتها الشامخة التي حمت ارواح الناس منذ تأسيسها لحد اليوم. قلعة سكنها شعوب العراق القديم وتركوا بين ازقتها جزء من ارواحهم وامالهم. هنا تلتقي نتلك الارواح الهائمة في تراث انساني بديع تركوها للأجيال القادمة وللإنسانية جمعاء ارثا ثقافيا تعدديا.
اسماعيل عزام رسام جودي في طبعه فقد رسم للجميع ونشر المحبة بلوحاته متجاوزا جميع الحدود الاقليمية والقومية فخلد بذلك شخصيات تركت اثارهم في رمال الزمن. العزام نلتقي به اليوم كي يحدثنا عن تلك السفرة التي بدئها في اربيل وصولا الى جدران معارض الفن التشكيلي العالمية. عزام من مواليد 1962 أربيل العراق اكمل دراسته في اكاديمية الفنون الجميلة& عام 1988على ايدي عمالقة الفن التشكيلي العراقي من الرواد الاوائل مشاركا في معظم المعارض للفن التشكيلي عراقيا وعربيا.
يحدثنا عن رحلته تلك قائلا: بالنسبة لرحلتي مع الرسم بدأت مبكرة جدا لم أكن مدركا في المراحل الاولى وانا اخطو اول خطوة في الرسم انه سيكون الفن متلازم معي كأنفاسي ينقلون لي أهلي& انه كنت لم اترك صفحة بيضاء في اي مكان دون شخبطه او رسم وانا صغير في المراحل الدراسية الاولى. ويستمر قائلا:
&بالطبع المكان الذي ولدت فيه وهي قلعة أربيل وأجواء الطبيعة الساحرة اثرت بي إيجاباً فيما بعد في المراحل المتقدمة، سحر وجمال الطبيعة من زرقة السماء الصافية الى تنوع خضرة الارض ورائحتها الزكية وتغريد انواع الطيور وهوائها العليل.& على مر سنين طويلة وهي فترة طفولتي المبكرة ودراسته الابتدائية والمتوسطة& قضيتها متنقلا بين& قرى ونواحي واقضيه أربيل ودهوك البديعة.
عام 1974& كانت هي السنة الفاصلة في حياتي حينها كان عمري 12 عام عندما كنت في السنة الاولى في "متوسطة كاره" بمدينة دهوك حيث أقمت اول معرض شخصي لي بإمكانياتي الفنية البسيطة حينها ولكنها نالت استحسان الطلاب والأساتذة انذاك. وهنا أخص بالذكر اول الأساتذة الذي تعلمت منهم هو الاستاذ كمال ملكي كمالة والأستاذ يوسف مدير النشاط المدرسي آنذاك. منذ هذا التاريخ بدأت التفكير جديا لدراسة الفن رغم المعوقات الكبيرة التي كانت تعترضني منها ما كان شخصي ومنها حسب الظروف القائمة آنذاك في السبعينيات..تقدمت للدراسة بمعهد الفنون الجميلة بالموصل سنة 1978 وقبلت فيها وتتلمذت على يد الاستاذ الراحل الفنان نجيب يونس الذي لازمنا نحن طلبة الدفعة الاولى من اول المعهد الى تخرجها سنة 1983 اي خمسة سنوات هي فترة الدراسة بالمعهد بعدها،وقد كنت من أوائل الطلبة المتفوقين وأكملت دراستي في أكاديمية الفنون الجميلة ببغداد سنة 1988 حيث درست على يدي الاستاذ الكبير فائق حسن والأستاذ وليد شيت.
عملت خلال الفترة 1990 الى 1993 بدائرة الفنون التابعة لوزارة الثقافة العراقية وكانت سنة 1993 بداية رحلتي التالية بالسفر& وترك العراق ولازلت منذ ذلك التأريخ& خارج العراق. ثلاث سنوات بعمان الأردن عملت مديرا لقاعة عين للفنون، وشاركت في العديد من المعارض والفعاليات الثقافية طيلة وجودي هناك.
حدثنا عن رحلته الى قطر حيث انفتحت ابواب وآفاق جديدة له في الدوحة& التي لا يزال يعمل فيها وبنشاط& في هيئة متاحف قطر ومتفرغ للعمل الفني منذ خمسة سنوات. يذكرنا بعمله في قطر قائلا:
عملت خلال تواجدي هنا في قطر بالكثير من الاعمال والمشاريع في العديد من المؤسسات ومرافق الدولة ولازلت أواصل العمل. قبل ذلك& ومنذ عام 2006 الى 2009 كنت مديرا لمتحف المستشرقين الذي يعتبر واحدا من اهم المتاحف المتخصصة بأعمال الاستشراق من حيث عدد الاعمال وأسماء الفنانين العالميين. خلال تواجدي هنا عملت معرضين شخصيين& في عام 2005 ضمن مهرجان الدوحة الثقافي، والمعرض الثاني كان 2012 في كاليري المرخية. المعرضين كانوا مسخرين لرسم صور لشخصيات عراقية من فنانين وشعراء وغيرهم& بأحجام كبيرة& اضافة لذلك فقد شاركت في العديد من المعارض& والبيناليات سواء كان في الدوحة او في الكثير من الدول العربية والأجنبية مثل بينالي الخرافي في الكويت وغيرها.
منذ سنتين خضت تجربة التدريس في جامعة فيرجينيا كومونولث / قسم الفنون في مؤسسة قطر التعليمية التي تعتبر واحدة من اهم الجامعات فيها العديد من التخصصات الفنية منها الرسم، اقدم فيها مادة& تخطيط& البور تريه "رسم صور وجوه الشخصيات " بمواد مختلفة.
وإذا كنت في موقع أستطيع ان أقول نصيحة للشباب الذين يشقون طريقهم في مجال الرسم (الواقعي ) هو التمرين المتواصل فبدونها لیس بوسع اي فنان ان يكمل مشواره، مثله مثل لاعب كرة القدم. التعود على رسم الاشياء من حولنا من حياة جامدة وحية. هذه اهم شيئين& للرسام الذي يفترض ان يكون موهوب بالفطرة.
بالنسبة لتجربتي في الخليج وكما يعرف الجميع ان هذه الدول حديثة العهد مقارنة بدول كبيرة لها تاريخ طويل ولكن هذه الدول خطت خطوات كبيرة& لتنمية المجتمع& والاهتمام بالبنية التحتية للأفراد من خلال التعليم وخلال فترة زمنية تعتبر قصيرة بتاريخ الشعوب.. وواحدة من هذه الأمور هو الاهتمام بتاريخ المنطقة وكما هو معلوم هناك تاريخ مكتوب ومنقول على السن المؤرخين وليس هناك توثيق صوري إلا ما ندر من خلال رحلات الاستكشاف البريطانية آنذاك. وفي تجربة نحاول فيها انا ومجموعة من المهتمين برعاية رسمية ومباشرة من مسئولي الثقافة والفن ان نحول ذلك التاريخ المكتوب الى صور لوحات تؤرخ& للأحداث التي مرت بها المنطقة وتراثها وثقافتها وحالاتها الاجتماعية. وبما انا أميل الى الرسم الواقعي وخصوصا الموديل والبورتريه، فقد رسمت العديد من الشخصيات السياسية والاجتماعية والثقافية وملوك ورؤساء وفنانين الخ.
بالنسبة للمجتمع الخليجي صحيح هو مجتمع محافظ على تقاليده وتراثه، وهذا شئ إيجابي، ولكن مع الوقت وازدهار الحالة الاقتصادية في المنطقة، بدأت تخطوا خطوات مهمة نحو الاهتمام بالثقافة والفن حتى على المستوى العالمي من حيث إقامة متاحف عالمية مثل اللوفر في أبوظبي ومتاحف اسلامية مثل المتحف الاسلامي في قطر، هناك توجه لجيل جديد نحو الانفتاح على العالم والاستفادة من خبراتهم الثقافية والفنية والتقنية. لكني لم اجد ايه صعوبة كبيرة في تقبل المجتمع لنوع الفن الذي امارسه لكن لازالت هناك خطوات كثيرة يجب ان نتخطاها.
السويد