بغداد: بهدوء.. رسم مسرحيون عراقيون احتجاجاتهم على الارهاب بألوان المحبة لايضاح حقيقة ما يحدث على ارض الواقع من احداث تسيء الى الاسلام،متهمين (ابو جهل) بأنه اول من اسس للارهاب!.
&وسط جمهور غصت به قاعة المسرح الوطني ببغداد، قدم مسرحيون عراقيون مساء يوم الاثنين عرضا مسرحيا حمل عنوان (لم تر قط عين) وهو أول عمل مسرحي عراقي وعربي يتناول حياة الرسول الاكرم (ص)، تأليف حسين علاوي وإخراج عماد محمد وتمثيل نخبة من نجوم المسرح العراقي:عزيز خيون،عبد الستار البصري،عبد الجبار الشرقاوي،فوزية حسن،عواطف السلمان،كريم محسن، حسين السلمان،إياد الطائي،يحيى ابراهيم، نظير جواد،زياد الهلالي،حقي الشوك ومرتضى حنيص، بهاء خيون،عمر ضياء الدين،وصمم الكيروكراف الفنان السوري خالد عبد الرحيم الذي جاء خصيصا من اوكرانيا،وتاليف الموسيقى لمايسترو الفرقة السيمفونية الوطنية الفنان علي خصاف، ودراماتورج د.عواطف نعيم والسينوغرافيا الرقمية (ثري دي) للفنان ماهر العجمي والأزياء لليلى الخفاجي..،فضلا عن شباب فرقة اليم للرقص المعاصر الذين ابهروا الحضور بلوحاتهم الاستعراضية ويستحقون الذكر الطيب& وهم: محمد عبد الرحمن وأحمد جميل وعلي حسن وصدام جوامير وعماد هنري وعمار كاظم ونزار قاسم وحمزة ماهر وكريم حسين وصفاء محمد وحيدر عباس وعماد نعمة وخضير رحيم واحمد حسام ويوسف هادي.
ويأتي العرض ضمن اسبوع الوحدة الاسلامية الذي يحتفل به كل عام تزامنا مع مولد سيد الكائنات الرسول الاكرم محمد صلى الله عليه وآله وسلم وبدعم مباشر من محافظ كربلاء عقيل الطريحي.

احتجاج الجمهور ولكن!
بدأ العرض بانشودة من شعر الشاعر حسان بن ثابت (وأَحسنُ منكَ لم ترَ قطُّ عيني&وَأجْمَلُ مِنْكَ لَمْ تَلِدِ النّسَاءُ/ خلقتَ مبرءاً منْ كلّ عيبٍ،كأنكَ قدْ خلقتَ كما تشاءُ) ادتها المنشدة وداد هاشم، قبل يفاجأ الجمهور بأن العرض يتضمن القاء كلمتين،وهو ما استفز الجمهور، لوكيل وزارة الثقافة مهند الدليمي ومحافظ كربلاء الذي شعر بذلك فأعتذر للجمهور لكنه طلب اقل من دقيقتين لتوضيح امرين، الاول ان قصيدة حسان بن ثابت في مديح الرسول (ص):(خلقتَ مبرءاً منْ كلّ عيبٍ) فلماذا هذه الهجمة على المبرء من كل عيب؟ فالعيب اين ؟ العيب فينا لاننا نحن الذين رسمنا هذه الصورة التي رسمها الرسام المستهزيء،فلو كانت الصور التي نقدمها عن رسول الله (ص) كما هي على حقيقتها لوجد الاخرون الحب والجمال والسلام،المشكلة فينا اننا قدمنا محمدا (ص) مفخخات واحزمة ناسفة من خلال البعض، والامر الثاني: ان الرسالة الهادفة للفن الراقي للمسرح والموسيقى والرسم والنحت ينبغي ان تقدم هذه الصورة الجميلة لرموزنا وفي مقدمتهم محمد (ص).

الارهابي ابو جهل
ثم فتحت الستارة بموسيقى تنتهي بابتهال ديني ترافقه ايقاعات على الدفوف مع صرة مذهلة لشباب بملابس متشابهة ووجوه نصف ملونة يصعدون الخشبة زحفا من عدة اتجاهات، فيبدؤون بتقديم حركات استعراضية بمرونة جسدية عالية، تنتهي مع عرض فيلمي على خلفية الخشبة لاعترافات شخصية اجنبية بكيفية اعتناقه الاسلام، ثم قدم صورة معاصرة من خلال شخصتين هما: (الاستاذ / عبد الستار البصري) و(المستشرق ميسكوني/ عزيز خيون)، ظهرا عدة مرات لمناقشة احداث اسلامية وقراءات في تاريخ الاسلام، حتى في اللقطة (المميزة) مع ظهور شخصية (ابو جهل) حيث يصرخ البصري من بين الجمهور ويصفه بأنه اول من اسس للارهاب فيقول له (ان ما يحدث اليوم من ارهاب هو امتداد لذلك الارهاب بل اخطر وانتم تقدمونه للعالم حيث تقطعون رؤوس الابرياء وتلعبون بها كرة قدم ومن قبلها تقتلون ابناء جلدتكم) لكن المستشرق يرد عليه بقوله (بدلا من ان تكفلوا يتيما تكثرون من اليتامى، وبدلا من ان تبروا شيخا..تنثرون اشلاءه، وبدلا من ان تكفلوا العائلة الواحدة في بيت تحافظون عليها صرتم تقسمونها بالموت وتجعلونها لا تعرف من حياتها غير الحداد وارتداء السواد)،وهكذا تعالى الاصوات المدافعة عن الاسلا من خلال الشخصيات الاخرى التي تتخذ من القرآن ادلة فيما كان كلام الرسول (ص) على لسان السيدة خديجة (ع) ونفيسة وورقة بن نوفل وبعض الشخصيات الاخرى دون ظهور مباشر للرسول الكريم (ص).

المخرج: دعوة للحوار مع الآخر
&&& فقد اكد المخرج عماد محمد ان للعرض خصوصية بتوظيف العناصر الجمالية وأهمها الشغل الكيروكرافي والرقمي والموسيقي بالاضافة الى المشاهد الدرامية الحوارية، وقال:المسرحية تناقش مفاهيم اسلامية أسيء توظيفها في الواقع الانساني أهمها الجهاد الحرية بما فيها حرية المرأة.
واضاف: الذي دفعني للتصدي الى هذا العمل الذي يعد أول عمل من نوعه عراقيا وعربيا عن الرسول الكريم (ص) هو إن التصدي لهذه الاعمال الآن مهمة معقدة وصعبة من خلال الفن وخاصة المسرح لأن العمل يتحدث عن رمز انساني عظيم هو الرسول الاعظم وقد إشتغل عليه عديد الفنانين من خلال الدراما والسينما ولكن في المسرح يصبح الموضوع مختلفا.. كان عليّ أن أأتي بالجديد الذي استطيع فيه أن انقل السيرة الى منطقة الجمال..ولان الروح الانسانية العظيمة التي تمتع بها الرسول (ص) تجعلك تفكر ليتلاءم& طرحها مع كل الازمنة والامكنة ولذلك حاولنا أن تكون للعرض خصوصية تتمثل في توظيف العناصر الجمالية وأهمها الشغل الكيروكرافي والرقمي والموسيقي بالاضافة الى المشاهد الدرامية الحوارية ومن المؤكد هنا القول أن هذه التجربة تمثل مجازفة ومحاولة ليست بالسهلة..
وتابع: حاولنا في هذا العرض أن ينتمي الى منطقة التقنيات المعاصرة والمسرح الرقمي ومحاولة توظيف الجسد مع الحوار، فهناك تكريس للطرح الجمالي في هذا العرض كونه عبر مراحل سابقة إنتمى الى نوع تقليدي معروف بالتقديم ولهذا حاولنا إدخال وزج العمل بمنظومة عناصر جمالية أهمها الاداء التعبيري الجسدي بقيادة الكيروكراف العربي السوري خالد عبد الرحيم والتقنية الرقمية بالاضافة الى أن هناك تأليف موسيقي خاص للعرض للمايسترو علي خصاف.
&واضاف ايضا: راهنت على مجموعة الشباب المبدعين الذين بقوا ينتظرون الفرقة التي تحتضن مواهبهم على مستوى لغة الجسد من مختلف أنحاء العراق طلبة فنون وهواة جسد دخلوا ورشة مهمة جدا وفرها هذا العرض لهم بقيادة الكيروكراف السوري خالد عبد الرحيم وهو صاحب مدرسة واكاديمية في أوكرانيا وقدم أعمالا في مختلف أنحاء العالم ووجهت الدعوة له والتعاقد معه من أجل هؤلاء الشباب بالرغم من المدة القصيرة جدا للعمل التي لا يمكن وفقها انتاج وانجاز عمل كبير مثله والشيء الأهم محاولة تقديم عمل مسرحي فيه دعوة للحوار مع الآخر وفك الالتباس الحاصل في مفاهيم غير صحيحة.

المؤلف: إدانة الارهاب والتطرف
&&& اما الكاتب حسين علاوي& فقد اكد ان العرض يعالج بأساليب مبتكرة مفردات ومصطلحات عانى منها الانسان المسلم واسقاطها على الظرف الراهن،وقال: اخترت هذه التسمية (لم تر قط عين)،مقطع من قصيدة للشاعر حسان بن ثابت وفيه رمزية جميلة موحية ومعبرة عن سيرة الرسول الاكرم (ص)، تعالج هذه المسرحية حياة الرسول (ص) منذ نزول الوحي إلا أنها لم تسترسل بتفاصيل السيرة النبوية بل تناقش جوهرها وتعاليمها..وتتوقف المسرحية عند مفردات ومصطلحات عانى منها الانسان المسلم قبل الاخر المختلف معه دينيا وايديولوجيا& مثل العبودية والفقر وحق المرأة واحترام خياراتها وإشكالية مصطلح الجهاد والحرب وبشاعة الارهاب والتطرف والاقصاء وحياة الانسان وحريته وحقوقه في عالم متعدد..كل هذه المفردات تعالج بأساليب مبتكرة مختزلة بعيدة عن السرد والتسلسل التأريخي للاحداث والشخوص ومن خلال اسقاطها على الراهن واظهار جوهر التعاليم الحقة للقرآن الكريم والسنة النبوية.
&واضاف: من خلال تتبعي وجدت أن هنالك أكثر من (120) عملا سينمائيا ومسرحيا عن السيد المسيح (ع) في العالم وأكثرمن (60) عملا عن النبي موسى (ع) ولايوجد عن الرسول محمد (ًص)غير فيلم (الرسالة)..وأعتقد أن هذه اول مسرحية تعرض عن الرسول (ص) باستثناء احتفالية أواوبريت (بشائر الخير ) الذي صرف عليه مبلغ (120) مليون دولار برغم أنه كان يمثل قصيدة محددة وبسيطة في وقت كان فيه الرسول (ص) رمزا انسانيا كبيرا ونبيا للبشرية جمعاء الا أنه وللاسف الشديد لا يوجد عمل مسرحي يسلط الاضواء على دعوته التي إرتكزت على التسامح والمحبة والسلام لاسيما بعد أن شوهت هذه الدعوة السمحاء حركات اسلامية متطرفة ظهرت في عالمنا العربي والاسلامي.
& وتابع: اما الرسالة التي اردنا ايصالها عبر هذه المسرحية، هي إدانة الارهاب والتطرف والاقصاء وقتل الابرياء وتشويه تعاليم وجوهر الدين الاسلامي الحنيف حيث أن الاسلام يؤكد أن قتل الانسان الواحد يعادل قتل البشرية جمعاء ويؤكد الحوار مع أهل الكتاب حيث يقول تعالى وجادل أهل الكتاب بالتي هي أحسن ويؤكد إنسانية الانسان حين يقول الرسول (ص): كلكم من آدم وآدم من تراب وهذا تأكيد أن الانسان هو واحد فضلا عن تأكيد القرآن الكريم التعددية الدينية والثقافية من خلال قوله تعالى:وخلقناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم.جوهر هذه التعاليم شوهت من أناس من أبناء جلدتنا واسأوا اليها كثيرا.
&