"حنين" معرض مشترك لخمسين عملًا من أعمال الفنانين موسى عمر وإدريس الهوتي، عن حي مطرح القديم الذي شهد نشأتهما.


لورا نصره من مسقط: احتضنت صالة ستال للفنون معرضًا تشكيليًا مشتركًا للفنانين موسى عمر وإدريس الهوتي، حمل اسم "حنين"، وضم 50 عملًا هي بمثابة ذاكرتهما اللونية عن حي مطرح القديم الذي شهد نشأتهما، وحفلت الأعمال بالكثير من التقنيات اللونية والخامات المختلفة والرموز.

تجمعنا الرؤية
وفي لقاء مع "إيلاف"، تحدث الفنان إدريس الهوتي عن فكرة المعرض، فقال: "معرض حنين مشروع مشـترك بيني وبين صديقي الفنان موسى عمر، الذي تجمعني به الكثير من الأمور، فكلانا ولدنا ونشأنا في حواري مدينة مطرح القديمة، وتأثير هذه النشأة واضحة في تجربة موسى عمر، وفي ألوانه وفي الموتيفات والرموز التي يوظفها، وفي أعمالي هناك دائمًا حنين لأزقة مطرح ونوافذ بيوتها والأبواب والقلاع والنساء بملابسهن التقليدية، لذلك اتفقنا على أن نطلق على معرضنا هذا اسم (حنين)".

أضاف: "التقيت عمر للمرة الاولى&قبل أكثر من عشرين سنة، بداياتنا كانت متشابهة، لكن كل منا الآن يقدم تجربة مغايرة عن الآخر، فموسى يقدم أعمالًا بخامات مختلفة ذات صبغة تجريدية رمزية وبألوان صارخة حينًا وهادئة حينًا آخر، أما أنا فأعمالي – وإن كانت تجريدية هندسية – فأقرب للواقعية بعناصرها الواضحة كالمرأة والنوافذ، لكن الذي يجمع بيني وبين موسى في الأساس هو التشابه الفكري والرؤية الفنية المشتركة لماهية الفن".

تطوير المحتوى
عن أسلوبه الفني الذي اتبعه في الأعمال، قال: "أسلك اتجاهًا فنيًا محددًا منذ سنوات عدة، وأعمل على تطوير المحتوى الفني لأعمالي بشكل مـدروس وعلى مراحل، لذلك سيجد متتبع أعمالي تنوعًا في التجارب اللونية والتقنيات التي أستخدمها، أعمالي تجريدية، وهي تجارب أسـتكشف بها أحاسـيس وملامح وفضاءات، أستكشفها برسوماتي وألواني".

أضاف: "العنصر الأساسي في كل أعمالي هو المرأة، إضافة إلى عناصر أخرى، وفي هذا المعـرض قدمتُ أحدث تجاربي في هذا السـياق ضمن مجموعة أعمال لم تعرض من قبل".

زركشات
يستخدم عمر في لوحاته خامات مختلفة يقول: "أستخدم في أعمالي ألوان الأكريلك على القماش أو الخشب، إلى جانب لمسات من خامات أخرى بين الحين والآخر كالفحم والباستيل، وفي بعض لوحاتي أستخدم الكولاج، فأضع قطعًا صغيرة هي زركشات من ملابس نسائية".

يضيف عمر: "في لوحاتي تبدأ القصة وتنتهي بامرأة، ويدور كل شيء من حولها، نوافذ من بيوت قديمة وأبواب ومآذن وقلاع ونخيل وأحيانًا قطط سوداء وأشياء أخرى، في العادة لا أحدد قصصًا للوحاتي؛ بل أسـتمتع بالاستماع إلى المشاهدين، وكل منهم يحكي القصة كما يراها، بالنسبة إليّ هي ذكريات لمشاعر إنسانية مرتبطة بالزمان والمكان، مشاعر عشتها بنفسي فأستعيد استكشافها بلوحاتي".

رموز
موسى عمر معروف بتقديمه تجربة "قميص الأحلام" في السنوات الأخيرة، غير أنه في "حنين" يعرض تجربة مختلفة من خلال مجموعة أعمال لم تعرض من قبل. وهو يعمل غالبًا بالخامات المختلفة، حيث تبـرز أعماله عناصر وقصصًا من الحياة اليومية، وتعكس هويته العُمانية الأصيلة.

يستخدم موسى رموزًا وموتيفات وألوانًا وملامس لإنتاج روايات متميزة خاصة به يختزل فيها أحلامًا وذكريات، يقدمها إلينا في كتل وفضاءات وكتابات ورموز. قال لـ"إيلاف": "البيئة الشعبية التي أرصدها في أعمالي ببيوتها وأزقتها وكائناتها هي استكناه للحب والكره والحزن واليأس والابتهاج التي تهيمن على أرواح البشر الذين تلتقطهم عدسة عيني التي لا تكف عن البحث عن شيء لا تعلمه إلا الروح الخفية. تدهشني كثيرًا بصمات الإنسان على الجدران. أرى أنها انعكاس وتسجيل لما تختزنه الذاكرة من مشاعر وأحداث وهموم".

أضاف: "أليست البصمات أبرز ما يميزنا عن بعض نحن بني البشر؟، تجذبني أيضًا الكتابات والرموز المنقوشة على الجدران وكذلك النقوش التقليدية على الأبنية القديمة وعلى الأزياء والأدوات القديمة. كل هذه العناصر تملأ سماوات لوحاتي، تنسكب فيها كماء المطر لحظة ملامستي لسطح اللوحة. أعمالي تعكس بعضاً من أوجه وتجليات ذلك السياق الإنساني بكل جماله وقبحه".

يد أمي
مدن عمر حافلة بالذكريات التي تركتها والدته، وترافقه في كل أعماله. قال: "تلك المدن في أعمالي لم تكن لتنشأ وتتلون لولا ذلك الإلهام الشفاف الذي صنعته أمي في داخلي، أمي التي حلقت روحها نحو السماوات العليا، والتي كانت تجمع قصاصات جرائد تنشر لوحاتي لتخبئها تحت وسادتي".

أضاف: "ما زلت أتساءل حتى اللحظة عن سر اختيارها لهذا المكان، للوسادة دونًا عن غيرها!!! مدني لم أكن لأبنيها كذلك لولا يد أبي، اليد الحانية التي أجدها تربت على كتفي في كل لحظة، وعند كل منعطف، وعند كل نجمة أقتطفها من السماء لأضعها في فضاء لوحتي. بعينيهما وأصابعهما شيدت ولونت كل مدني الحالمة".

من هما
ينتمي إدريس الهوتي إلى عائلة فنية، وبدأ مسيرته الفنية في 1992، وهو عضو بمرسم الشباب والجمعية العمانية للفنون التشكيلية، عرضت أعماله في أكثر من 80 معرضًا في مختلف دول العالم، منها: المعرض الفني العماني الطائر في ألمانيا 2014، المهرجان الدولي للفنون بسطاط في المغرب 2014، بينالي في بنغلاديش عامي 1999 و2012، وملتقى الفنون البصرية في جدة عام 2011، والمعرض الدولي في بريطانيا 2011، حازت أعماله 17 جائزة، وتم اختياره عضوًا في عدد من لجان التحكيم.

أما الفنان موسى عمر، فهو عضو في كل من الاتحاد الدولي للفنون التابع لليونسكو، والجمعية العمانية للفنون التشكيلية، ومرسم الشباب. حصل موسى عمر على العديد من الجوائز التشكيلية من عدد كبير من الدول، في رصيده عشرة معارض شخصية، وتحتفظ الكثير من أروقة وصالونات ومتاحف الفن في أمكنة شتى من العالم بأعماله الفنية. حصل موسى عمر على العديد من الجوائز التشكيلية من كل من السلطنة، ومصر، وأستراليا، والمملكة العربية السعودية، وقطر والكويت، وكرّم في دول عدة.
&