سيدني: تستضيف مدينة برشلونة الإسبانية هذه الأيام معرضاً يضمُّ مجموعة من الصور الخاصة برحلات الكاتب الأرجنتيني وأرملته ماريا كوداما.

&ماريا كوداما، إمرأة رقيقة ذات صوتٍ ناعم، ولكن بنظرات حاسمة، أرملة الكاتب الأرجنتيني خورخي لويس بورخيس، الذي تقول عنه أنه كان رحّالاً لا يكل، ومحباً للمغامرة: "أعتقد أنه لو لا العمى، لكان مغامراً. لم يكن يخاف من أي شئ، وكان يتسلى كثيراً، ويحب الحركة. ". هكذا بدأت كوداما حديثها خلال إفتتاح معرض "أطلس بورخيس" في مكتبة "Fuster Jaume" بمدينة برشلونة الإسبانية، التي إنتهزت مناسبة دعوة مدينة بوينس آيرس إلى إحتفالات أعياد "لا ميسيه" لتنظيم نشاطاتٍ خاصة عن شخصية بورخيس.
&في الواقع، أن معرض الصور الذي إفتتح في 21 سبتمبر/ أيلول الماضي والذي سيستمر حتى 14 أكتوبر/ تشرين الأول الحالي، يحتوي على 130 صورة، وكل ما يتعلق برحلات الكاتب الراحل لأكثر من 20 مدينة.
أن الصور والتعليقات المرفقة معها عن الرحلات التي قام بها بورخيس برفقة زوجته ماريا كوداما منذ أوائل السبعينات، كان ضمّها كتاب "Atlas" الصادر في 1984، أي قبل عامين من رحيل الحاصل على جائزة سرفانتيس عن عالمنا.
وتتذكر أرملة الشاعر التي إلتقطت الآلاف من الصور خلال تلك الرحلات إلى إسطنبول وجنيف وروما وبرلين والمغرب ومصر والمكسيك واليابان، وغيرها من البلدان، والتي تقرُّ بأنها ليست محترفة في فن التصوير، لكنها حاولت أن تلتقط العديد من الصور لبورخيس أثناء تلك الرحلات، وفي كثير من الأحيان من دون تخطيطٍ مسبق، تتذكر قائلة "كان بورخيس يعشق التصوير كثيراً. ويردد دائماً أن الكلمات قد تتغيّر، وقد تلغي الوجود، لكن الصورة تبقى معبرةً عن لحظة راسخة".
وأثناء التجوال في أروقة المعرض، لا تتذكر كوداما تلك الرحلات فقط، بل تعود بذاكرتها إلى بداية تلك العلاقة التي كان يحاول البعض من أصدقاء بورخيس إفسادها "لكن إلى أين تريدين الذهاب مع هذا الرجل الطاعن في السن".
كان عمر كوداما 12 عاماً، عندما حضرت مؤتمراً للكاتب الكبير، وفتنت به، وأصبحت بعد ذلك إحدى طالباته. كان فارق السن بينهما 42 عاماً، حينما عملت لديه بصفة سكرتيرة، في عقد السبعينات، ومن ثم تحولت إلى شريكة حياة، ورفيقة درب واحد من أفضل الشخصيات الأدبية والفكرية والعالمية، في السنوات الأخيرة من حياته. وأكثر الكلمات التي تستعين بها كوداما لوصف بورخيس هي أنه "عظيم" و"ممتع".
تشرح كوداما أثناء التجوّل بين صور المعرض، وتتوقف أمام صورة تبدو خلفهما أهرامات مصر، لتقول "غالباً ما كنا نسافر من دون حجزٍ مسبق للفندق، كما في هذه المناسبة بصورة خاصة". كان ذلك في نهاية السبعينات، عندما بدأت أسئلة المرافقين المصريين لنا تتكرر بصورة مستمرة عن الوجهة التي نريد الذهاب إليها "لأننا فعلاً لم نخطط لها مسبقاً. كان بورخيس يضحك ويعلق على ذلك قائلاً أننا نفعل كيفما يحلو لنا، ولم يكن يختلف الأمر بالنسبة لمرافقينا. كان ذلك يقلقني لأنني كنت أحسُّ بأنني تحت المراقبة، لكن بورخيس كان يضحك".
تقول كوداما أن سفر بورخيس إلى اليابان كان له مغزى خاصاً، لأنه كان قد رسم لهذا البلد صورة مثالية في ذاكرته "عندما كان صغيراً، جدته كانت تقرأ له كتاباً عن الأساطير اليابانية، لأنه في رأي بورخيس أن أهم شئ في بلدٍ ما أدبه".
كانت كوداما تصف لبورخيس كل ما تراه أمامها "في بعض الأحيان كانوا يحذروننا من الذهاب إلى مواقع خطيرة نوعاً ما، لكن إذا كان يرغب ولم يكن يخاف أو يتردد، لم يكن بمقدوري أن أرفض طلبه". المعرض يحتوي على العديد من اللقطات والصور لمدنٍ زارها بورخيس، كما في الصورة التي يظهر فيها في مدريد، وقد وضع ضمادة على إحدى قدميه بعد تعرضه لحرق، إضافة إلى لقطاتٍ لمواقع أخرى مفضلة ".
ترأس ماريا كوداما "المؤسسة الدولية خورخي لويس بورخيس"، التي تأسست في 1988 في بوينس آيرس، بعد مرور عامين على رحيل زوجها الكاتب، وتعمل من أجل نشر أدبه وفكره، وكل ما يتعلق بحياته ومسيرته الأدبية والفكرية، من خلال إقامة المعارض الفنية والمؤتمرات الأدبية والندوات الثقافية وإعادة طبع مؤلفاته، والتي تسلط الأضواء على إرث المفكر والفيلسوف خورخي لويس بورخيس الذي كان ولد في 24 أغسطس/ آب 1899، وتوفي في 14 يونيو/ حويران 1986.&&
&