بغداد:&تبنى الكاتب الدكتور فارس كمال نظمي مصطلح (الرثاثة) ليسقطه على ارض الواقع العراقي بسنواته الاثنتي عشرة واستكتتب 20 باحثا للكتابة عنه، كل باختصاصه، فقام بتحرير الكتاب& ليكون معبرا عن مرحلة مهمة ومهما.
&
&& صدر للكاتب الدكتور فارس كمال نظمي كتابه الذي يحمل عنوان (الرثاثة في العراق.. اطلال دولة .. رماد مجتمع) عن دار ميزوبوتاميا للطباعة والنشر في بغداد 2015، ويحمل الكتاب عنوانا فرعيا توضيحيا هو (نصوص تشريحية للوظيفة الهدمية للإسلام السياسي في العراق) أي انه تحليل لبنية الإسلام السياسي الحاكم في العراق منذ سنة 2003م وحتى الآن .
&&&& يقع الكتاب في (376) صفحة من الحجم المتوسط، ويتضمن فصلين: الأول بعنوان (رثاثة الدولة والسلطة)، والثاني بعنوان (رثاثة المجتمع والفرد) ، وهما يحتويان على (22) دراسة ومقالة، اشترك في تأليفها (20) كاتباً وأكاديمياً عراقياً وهم حسب ترتيب نصوصهم في الكتاب: د. كاظم حبيب، د. فارس كمال نظمي، د. مهدي جابر مهدي، د. صالح ياسر حسن، د. كاظم المقدادي، د. شيرزاد أحمد أمين النجار، د. مظهر محمد صالح، د. لؤي خزعل جبر، د. حسين الهنداوي، د. صادق إطيمش، د. عبد جاسم الساعدي، د. سيار الجميل ، د. أسماء جميل رشيد ،سعد محمد رحيم، د. خالد السلطاني، د. رشيد الخيون، د. حميد البصري، ضياء الشكرجي، جاسم محمد المطير،& وعماد جاسم سلمان.
وهؤلاء العشرون كاتبا الذين استطاع فارس نظمي استكتابهم ينتمون الى مجالات ثقافية وعلمية وسياسية مختلفة وقد كتب كل واحد منهم وجهة نظره من منظور تخصصه فجاء الكتاب ليمتلك الرثاثة من جميع جوانبها. وهم في حقيقتهم مجموعة من الباحثين العراقيين المرموقين قدموا مقاربات علمية من مستويات أكاديمية ومعرفية عدة في السياسة والاقتصاد والتاريخ والسوسيولوجيا، والسيكولوجيا، والإدارة، والطب، والعمارة، والبيئة، والفن، والأدب، والإعلام، والغاية منها ،كما اوضح المحرر هو التوغل تشريحياً في الجسد العراقي المعتل، للخروج باستشرافات ورؤى إصلاحية وإشفائية تستند أولاً وأخيراً إلى التفكير النقدي المتمسك بموضوعية المنهج وحيادية الافتراضات.

&وقد تضمن الكتاب مقدمة كتبها الدكتور فارس كمال نظمي اكد فيها أن الرثاثة هنا لا يقصد بها عناصر الفقر أو الحرمان الاقتصادي أو التدهور المعيشي، بل هي مصطلح يعبّر عن مناخ لا حضاري، منحط وفاسد، اخترق الكينونة العراقية على المستويين المجتمعي والدولتي، بتأثير منظومات القيم الرثة التي أشاعها التدين الزائف، نتيجة الحراك السوسيوسياسي الذي أتاحه الاحتلال الأمريكي ابتداءً من 2003م حتى الآن، حينما أعاد بناء السلطة السياسية على نحو أتاح لأكثر الفئات الاجتماعية تخلفاً ورجعية (الدين السياسي والعشيرة السياسية) أن تمسك بمصير البلاد، طاردةً كل التراث العقلاني والجمالي والتنويري الذي كافح من أجله ملايينُ العراقيين على مدى أكثر من ثمانين عاماً.
&وقد أوضح محرر الكتاب اشتقاق هذا المفهوم المستحدث (أي الرثاثة) ضمن نص رئيس في الكتاب هو (سيكولوجيا إنتاج الرثاثة في المدينة العراقية)، ليسعى بعده لتأصيل المفهوم ضمن كتاب جماعي يستهدف أرشفة هذه الحقبة الرثة من تاريخ العراق، عبر استكتابه
&مشيرا الى ثمة ناقوس هادئ وحاسم يدق في كل صفحات هذا الكتاب، يخبرنا أن الرثاثة في العراق هي نتاج حتمي لتغوّل الدين السياسي على الثقافة المجتمعية بمضمونها القيمي والسلوكي المعتدل. حيث يرى المحرر ان السلطة المصطنعة الحالية قامت بأصنمة الدين وفك ارتباطه البنيوي العفوي بالمنظومة النفسية – الأخلاقية للفرد العراقي، وجعلت منه كائناً استعلائياً "خارقاً" يتجاوز وظيفتَه المعاييرية التنظيمية إلى وظيفة تسلطية عقابية، ولا يمكن إرضاءه إلا عبر وساطتها "الروحية" و"المقدسة". وهذا كان يعني بالضرورة تشطيراً للهوية البشرية الموحدة واستبدالها بهويات ميتافيزيقية تلهث خلف مروياتٍ دموية عن مذاهب دينية مُتَخَّيلة تمتلك كلٌّ منها "شرعية" الوجود والبقاء لوحدها.
&ومؤكدا في طرحه على ان (ما كان لهذه الكمية الفائضة من العنف المُنْتَج – مادياً ورمزياً - إلا أن تحقن الوجودَ العراقي برثاثةٍ كاسحة، إذ تهرأت الصحة النفسية بأبعادها الفردية والمجتمعية والدولتية في ظل الخوف والبؤس والحرمان والإحباط واليأس والعجز والاكتئاب والاستلاب وفقدان اليقين!).
&& ومع كل ما احتواه الكتاب من سوداوية عبر نصوص الباحثين الا ان محرر الكتاب يحاول ان يضيء النفق ببصيص من ضوء من خلال ثقته بالمواطن العراقي القادر على ان يغير واقعه (الرث) لاسيما مع تواصل الاحتجاجات التي يقوم بها المواطنون العراقيون ضد هذا الواقع السيء واصرارهم على الاصلاحات الشاملة حيث يقول :(لكن.. الشخصية العراقية ما تزال تنطوي في أعماقها الكامنة على بقايا مصلٍ مضاد لوباء الرثاثة، بل أن جزءً أساسياً من تاريخها المعاصر انطوى على نزعة حداثوية في السياسة والاقتصاد والثقافة والعلوم حد الابتكار والتحضر والإلهام لمجتمعات أخرى. ولأن للذاكرة التاريخية والهوية الاجتماعية في أي مجتمع دينامياتهما الوقائية والاسترجاعية والتكيفية والترميمية، فإن الرثاثة الحالية لم تتحدد مآلاتها بشكل جازم، وما تزال النزعة العلمانية الاجتماعية مرشحة للبحث عن مديات متحدية وواعدة في العقل& الجمعي العراقي!).

&