تقوم فلسفة المشروع الفني الذي أعلن قطاع الفنون التشكيلية عبر موقعه الرسمي عن اختياره الفني Can you see ليمثل مصر في بينالي فينسيا للفنون 2015 في دورته الـ56، إن " السلام " يمثل المناخ الذي يجب توفره لتحقيق التنمية والنهضة التي تستلزم تخطي الخلافات لخلق جو من العمل الجاد، كما أنه يمثل غاية في حد ذاته ويمثل حالة الرضا التي يطمح إليها البشر في تحقيق السلام النفسي كل بحسب نظرته، السلام هو طبيعة الخليقة الذي أكدت جميع الأديان عليه وهو حالة موائمة طبيعية محايدة له تحمل في طياتها التوازن بين الهدم والبناء، والجنة أو الحالة المثالية التي نسعي إليها جميعاً لتحقيق السلام بداخلنا هي بالطبع متغيرة في نظر كل شخص عن الآخر.
المشروع للفنانين ماهر داوود وأحمد عبدالفتاح وجمال الدين أحمد "جمال الخشن"، والفنان د.هاني الأشقر قوميسيراً، وقد تم ترشيحه ضمن ثلاثة مشاريع فنية رشحتها لجنة المعارض برئاسة د.سيد قنديل من بين 11 مشروعاً فنياً قُدمت للمشاركة في هذه الدورة بعد أن قامت بمقابلة قوميسير كل مشروع لشرح فلسفته ومضمونه، وتم عرض المشاريع الثلاثة على لجنة الفنون التشكيلية بالمجلس الأعلى مجتمعة برئاسة د.أحمد نوار التي وقع اختيارها على المشروع.
ويطرح المشروع فكرتين متضادتين ومتلازمتين وهما الهدم والبناء وهو ما يحدث بداخل كل كائن حي بل هو قانون الكون، فالمنحنى التاريخي الهابط يتبعه منحنى صاعد، ولكن يتوقف معدل الهدم والبناء في التاريخ البشري على قوة إرادة الشعوب وعزيمتها كما يتوقف فهم هذه الحالة على رؤيتنا الحدسية لما وراء الواقع وهي ما تُحدد توجهنا نحوه وتفاعلنا تجاهه.
وقد شرح الفنانون العمل وعلاقته بفلسفته كاشفين أنه "يغطي القاعة بالكامل اللون الأبيض ويتوسطها خمس مجسمات تتركب من عدة مسارات بأطوال مختلفة يزرع فيها نباتات طبيعية وتمثل الخمسة أحرف المكونة لكلمة (PEACE) وتعني السلام بالإنجليزية كونها اللغة الأكثر انتشاراً في العالم ويمكن قراءة الكلمة من المسقط الافقي، ويمثل السلام في العموم نهاية المطاف والحالة النهائية التي يسعى إليها البشر حتى من يشعلون نيران الحروب يريدون السلام لصالحهم فهي حاجة بشرية ملحة، فوصف الجنة بأنها دار السلام وهي المكان الأخضر الذي لا يخضع زرعه وطلعه لقوانين الطبيعة ولهذا فأننا نرى المسطحات المزروعة أفقية ورأسية ومائلة على غير المألوف وهكذا يتخذ المتلقي المسار الذي يحقق كلمة السلام والذي يمثل الحالة التي يطمح لها البشر.
وأضافوا أن "المشاهد الذي يدخل القاعة على الرغم من عدم تمكنه من قراءة الكلمة ككل نظراً لتجسيمها وعلاقاتها المركبة، لكنه سوف يتحرك بداخلها وفي نسقها ومسعاها وهو ما يمثل سعيه في الحياة لتحقيق سلامه الشخصي سواء وعيّ أو لم يعي بحقيقته الكلية. وفي هذا النسق يستعين المشاهد بتتطبيق يمكن برمجته على هاتفه المحمول مسبقاً قبل دخوله القاعة، وعند استخدامه له ليرى في شاشة الهاتف أو الكمبيوتر المحمول أو بعض شاشات العرض داخل القاعة خيارين أحدهما سلبي والآخر إيجابي ثم يختار المشاهد أحدهما فيستطيع من خلال شاشة هاتفه أن يرى المجسم في القاعة في حالة مغايرة بواقع إفتراضي لمشاهد فيديو مجسمه تحدث في المساحات المزروعة المحايدة فتتحول في الحال هذه الطبيعة المحايدة المكونة للخمس حروف إلى عشر مشاهد مختلفة خمس إيجابية والأخرى سلبية فيتعامل معها بشكل حقيقي سريع ولحظي ويتحكم هو في المصائر ويري النتائج مستخدماً هذا النوع الجديد من التكنولوجيا (Augmented Reality) وهي تقنية حديثة أثبتت نجاحاً في مجال الخداع البصري، هذا التصور شديد الواقعية والإبهار الذي يتفاعل معه المستخدم عن طريق لمس الشاشة فمثلاً عندما يحاول أن يُخمد النار بيده تنطفأ وإذا لمس حيوان سيهرب خوفاً وهكذا، ويمثل هذا التطبيق المبرمج في فلسفة العمل الخلفيات المعرفية للإنسان والتي تؤثر علي نظرته للحقيقة الواقعة أمامه ورؤيته في تشكيل السلام الذي يريده في إطار منظوره الخاص".
و"هنا في هذا الكون المصغر تتاح للمتلقي فرصة جديدة لأن يرى رؤية شمولية لعالم أصغر منه من منظور فوقي ليساعده ذلك علي فهم حجمه ومكانه الحقيقي في الكون ويدرك أن هناك ما هو أشمل فكما يقف هو تحت مظلة (PEACE) ويسعى بداخلها دون الإلمام بها يرى مظلة أصغر يستطيع السيطرة عليها من مكانه الأعلى ويتحكم بها، ويُحدث هذا شيء من السلام الداخلي الناتج عن الوعي والفهم المترتب على تغيير النسب".
وحول فلسفة اللون أكد الفنانون أن " اللون الأبيض يغطي القاعة كلها، وهو لون محايد يعبر عن السلام، مع أن اللون الأبيض بطبيعته الضوئية يحمل في طياته كل ألوان الطيف بمعنى أنه يستوعب كل الإحتمالات المطلقة، واللون الأخضر في المساحات المزروعة كونه لون الخصب والنماء والخير.. ألخ هو مزيج من لونين أحدهما ساخن والآخر بارد بمعنى أنه يحمل المحايدة بين السلب والإيجاب، وهما معاً يمثلان الحياة".
&