بغداد: رحل الروائي العراقي اليهودي سمير نقاش في 7 تموز / يوليو 2004 عن عمر ناهز 66 عاماً، ولم يحقق حلمه بالعودة إلى العراق، بل رحلَّ وهو يحمل في داخله ألم الفراق لبلاد الرافدين، لكنهُ ترك أدباً عراقياً أصيلاً بين رواية ومجموعة قصصية ومسرحية كتبها بالعربية لأنه يعتبرها اللغة الأم أما اللغة العبرية فيعتبرها بمثابة الزوجة.
&&& صدر عن دار ميزوبوتاميا للطباعة والنشر كتاب لمازن لطيف يحمل عنوان (سمير نقاش..نقش عراقي في الذاكرة) وهو اعداد وتحرير لمقالات وحوارات عن الروائي نقاش من قبل كتاب وأدباء وصحفيين عراقيين عرفوا& سمير نقاش عن قرب، يقع الكتاب في 150 صفحة من القطع المتوسط& ويحتوي على أربعة فصول، فيما& هنالك تقديمان كتب احدهما المؤلف والثاني للدكتور سامي إبراهيم.
&&&&& فقد جاء في تقديم مازن الذي حمل عنوان (سمير نقاش..& حالم رافديني كبير) قوله عنه (تمثل صورة سمير النقاش في مجمل سيرته الذاتية جزءا من حميمة الانتماء الى الوطن الأم، مهد الولادة، فهذا اليهودي المبدع الذي خلق في صيرورة روحه ومنتجه الادبي الروائي والصحفي الحس الاقرب للوطنية والانتماء بالرغم من قسوة التهجير والمنفي التي سكنت هاجسه الروحي وعكسه في مشاعر روحية وتناقضات ايقظت في الذات التوراتية لسمير نقاش مسارات الحكمة والسرد والبقاء وقيا (وفياً)& للمكان الرافديني وثقافته).
&&&& فالفصل الأول كان بعنوان (سمير نقاش مؤرخ اللهجة البغدادية روائياً)، وتضمن مقالات للدكتور رشيد الخيُّون بعنوان (سمير نقاش مؤرخ اللهجة البغدادية والحالم بالعودة إلى الفردوس المفقود)، وانعام كجه جي بعنوان (سمير نقاش يكتب سيرة التاجر اليهودي الذي أدخل تجارة الثياب المستعملة إلى أسواق بغداد) و عبد اللطيف الحرز بعنوان (سمير نقاش الناحت الاخير للولع)، والدكتورة فاطمة المحسن (سمير نقاش العائد الى بغداد دائما) .
&&&& اما الفصل الثاني فكان بعنوان (فيلم "انسَ بغداد") بقلم: أكرم أنطاكي، وتحدث فيه عن هذا الفيلم للمخرج العراقي سمير، وهو فيلم وثائقي، رصد حياة كتاب يهود العراق، تذكروا فيه قضية& تهجيرهم من العراق في اربعينيات وبداية خمسينيات القرن الماضي، وفي الفلم يقول سمير نقاش : "أنا أرفض أن تكون إسرائيل بلداً لي، هذه البلاد أجرمت بحقي وطحنتني، هذه ليست بلادي"، وتضمن ايضا مقالا بعنوان (انس بغداد .. لا هذا مستحيل، شهادة صادقة على وطنية اليهود العراقيين) كتبه علي عجيل منهل .
&&&&& اما الفصل الثالث فقد تضمن (حوارات مع سمير نقاش)، وجاءت الحوارات تحمل عناوين مثل (تهجيرنا من العراق كان مأساة) وهو الحوار الموسع الذي& أجرته معه& راحيل يوتا، و"الإسرائيلي" سمير نقاش: لا أستطيع التعبير عن نفسي إلا بالعربية، اجراه فاضل السلطاني، و (سمير نقاش : يهود العراق من أبرز المجددين في الثقافة) اجرته غالية قباني .
&&&&& فيما تضمن الفصل الرابع (شهادات بعد وفاة سمير نقاش)، منها شهادة لصلاح حزين عنوانها (رحل سمير نقاش: الكاتب اليهودي العراقي الذي اعتبر وجوده في اسرائيل مؤقتًا) جاء فيها : "اسمي سمير نقاش. كنت يهودياً عراقياً في العراق وأنا الآن يهودي عراقي في إسرائيل"، هذه الجملة التي قالها سمير نقاش الكاتب اليهودي الإسرائيلي في أول مقابلة أجراها معه مواطنه الكاتب والشاعر العراقي الراحل شريف الربيعي في العام 1990، تحولت في ما بعد إلى ما يشبه اللازمة يكررها في كل مقابلة تجرى معه وتنشر في صحيفة عربية، وقد أجري مثلها كثير من المقابلات في ما بعد).
&&& وشهادة لمحمد علي الأتاسي بعنوان (سـمير نقاش الـيهودي .... العربي التائه) قال فيه (مات الكاتب اليهودي العراقي سمير نقاش& في 7 تموز 2004. ويأتي موته ودفنه في إسرائيل ليطرح العديد من الأسئلة عن عجز الثقافة العربية عن الاعتراف بجانبها المغفل المرتبط باليهود العرب المعادين للصهيونية. هنا قراءة في سيرة سمير نقاش وفي أبعاد هذا الحدث) .
وشهادة للدكتور علي ثويني بعنوان (طوبا يا سمير نقاش ... نقشت أنت واليهود وداً على قلوبنا) جاء فيها ( شعرنا بالأسى ونحن نودع الأديب العراقي سمير نقاش الى مثواه الأخير، بعد حياة مضطربة، كان همه فيها أن تقر عيناه بمعاينة أرض الوطن، وعاش على أمل أن يدفن تحت ثراها . لقد عانى من التهجير والتشرد وهموم العيش والمرض، و تعب من الحنين الطويل الى العراق..حنين& أمتد لـ 54& عاما).
&&& كما كانت هناك شهادة لخالد المعالي بعنوان (رسالة لن تصل الى سمير نقاش) وشهادة للدكتور علي القاسمي بعنوان (بكائية سومرية على الأديب العراقي اليهودي سمير النقّاش).

السيرة النقاشية
ولد سمير نقاش في بغداد عام 1938، وهو الوحيد من بين ستة بنات ولدوا لعائلة يهودية عراقية ثرية. التحق بالمدرسة في سن 4 أعوام، وبدأ الكتابة في سن 6 أعوام، وفي عام 1951 وعندما كان عمره 13 سنة، هاجر هو وعائلته إلى إسرائيل، توفي والده عام 1953 اثر نزيف في الدماغ خلال وجود عائلته في "المعبراه"، ( وهو الاسم الذي كان يطلق على معسكرات اللجوء التي كان يوضع فيها اليهود الشرقيون القادمين إلى إسرائيل مدة طويلة والغربيين مدة قصيرة)، وهذا كان له تأثير قوي عليه لمشقة الحياة في الخيام، مما جعله يعقد العزم على مغادرة إسرائيل، انتقل من 1958 إلى 1962 بين تركيا، إيران، لبنان، مصر، الهند، و المملكة المتحدة. و واجه فيها صعوبات جمة مما إضطره العودة إلى إسرائيل، حيث تولى وظائف مختلفة.
&عاش سمير نقاش حياةً مضطربة والتي كانت محور أعماله الروائية والقصصية والمسرحية العديدة، توفي& في 7 يوليو 2004 عن عمر يناهز 66 عاماً وفي داخله ألم بسبب تركه للعراق حيث كان يعتبر نفسه أنه مات عندما كان في الثلاثة عشرة من عمره، حيث كان يرى أن حياته الحقيقية تقتصر على تلك الأعوام التي قضاها في العراق وأن ما تلا ذلك هو مجرد ظلال لتلك الأعوام.
&اصدر نقاش العديد من الكتب ما بين رواية ومجموعة قصصية ومسرحيات منها: الخطأ& (قصص)، 1971، حكاية كل زمان ومكان (قصص) 1978، انا وهؤلاء والفصام (قصص) 1978، الجنوح والانسياب (مسرحيات)، 1979، يوم حبلت واجهضت الدنيا (رواية) 1980،& في غيابه (مسرحية)، 1981، عندما تسقط اضواء المثلثات (قصة قصيرة طويلة)، نزولة وخيط الشيطان (رواية)، 1986، الرجس (رواية)، 1987، فوهة يادم (رواية) 1987، المقرورون (مسرحية) 1990، ونبوءات رجل مجنون في مدينة ملعونة (قصص) .