&
بمجرد أن أحاول الكتابة
يحتشد ملايين القراء على حافة الورقة
&راكعين، ساجدين، رافعين اكفهم بالدعاء لولادة قصيدتي
&وبمجرد أن يلوّح في الأفق خيالها
تطلُّ على المعنى بثوب شفيف من التشبيه
يتلمظ الشباب طمعاً في تورية
&بينما يتفقد الشيوخ طباقها وجناسها بنظرات ثاقبة
حينها يبتسم المعنى منشدهاً لمرآها
&يتواعدان على لقاء حداثوي فوق خطوط الورقة
لكن الكلمات تمانع
تبني جدراناً من نظريات نقدية
&فتضيق دروب البوح تضيق
&تضيق
&تضيقْ
تُغلقُ مخيلتي بهدوء
&وتعود الفكرة للرأس
&في تلك الساعة
&تصيب العالم دوماتَ تلاشي
العمال يرفضون استلام رواتبهم
الفلاحون يتركون حقولهم للأدغال
& النساء تتعطل عن مواصلة الحديث
&الحوامل تُضرب عن إنجاب الأطفال
&الصغار يجمعون هدايا العيد& ويرمونها تحت عجلات (السيارات)
&حكامنا يكرهون مناصبهم بشدة
الملوك يبيعون تيجانهم بأسواق الخردة
معلموا الجغرافيا يمزقون خارطة العالم ويرمونها في سلة المهملات
&معلموا القواعد يخبئون الضمة في فتحة السقف ويكسرون السكون بضربة على السبورة
تمزق أكياس الطحين نفسها وتختلط بالتراب
&الطيور تكسّر أجنحتها وتقلع عن الطيران
&الفئران تدخل& أسراباً لأفواه القطط الجائعة
النقود تبيع نفسها بالمزاد العلني
تلمُّ الشوارع اسفلتها تحت إبطها وتلوذ بالهرب الى اقرب صحراء
&الوقت ينسى ضبط ساعته
&( يزعل)& البحر من موجه ويترك السمك دافناً رأسه بالطين
القمر يغطي جسده بعباءة الليل ويرتجف
تتجمد الأمطار في رحم الغيوم
&شمس تموز تختبئ في ثقب الأوزون تاركة الثلج ينمو على لحيته ورأسه
ناطحات السحاب تضرب رأسها& بالجدران لهول الكارثة
&تصغر المدن حتى لتدخل من سمّ الخياط
& تتساقط الجبال على الجبال
&تضيق عليَّ غرفتي
&يتآمر ضدي
&السقف ، الجدران، الكرسي، الطاولة،
المروحة ، أرض الغرفة، زجاج الصورة،
&النافذة ، ستائرها، ملابسي ، أنفاسي ،
&يتعكر صفو الدنيا،
يتغير قياس الذرات ،
&أتلاشى منزوية ،
&اسحب ورائي آهات متكسّرة
&تاركة قلمي
&ينتحر في بياض الورقة !&&