تحت شعار"نور يضيء المستقبل" يحتفي معرض أبوظبي الدولي للكتاب 2015 في دورته الخامسة والعشرين بالراحل الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، كشخصية محورية تحت شعار"الشيخ زايد نور يضيء المستقبل" عبر سلسلة جلسات حوارية وندوات تسلط الضوء على أبعاد مختلفة من شخصية مؤسس الدولة، احتفاء باليوبيل الفضي للمعرض.


محمد الحمامصي: تنظم هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة المعرض من 7 حتى 13 أيار (مايو) المقبل في مركز أبوظبي الوطني للمعارض، وكانت إدارة المعرض قد وضعت تقليدًا جديدًا في العام الماضي يقضي باختيار شخصية محورية يتركز حولها جزء من البرنامج الثقافي المصاحب للمعرض، وذلك وفق منهج يتيح إعادة الاحتفاء بالشخصيات العربية والعالمية المؤثرة في البناء والثقافة والتنمية. وكان المعرض في دورته الرابعة والعشرين قد بدأ هذا التقليد بالاحتفاء بتراث الشاعر العربي الكبير أبوالطيب المتنبي.

شهادات حية
تم تصميم برنامج المحاضرات ليكشف عن جوانب مهمة من فكر الراحل الشيخ زايد، من منطلقات إيمانه بالتعليم والثقافة لتأسيس الدولة وبناء العلاقات الخارجية والدولية، إضافة إلى اهتمامه بالإعلام لكونه ركيزة أساسية في الاتصال والتواصل لدفع عجلة التنمية إلى الأمام.

يتحدث في هذه الندوات بعض من الذين عاصروا الشيخ زايد، حيث يتحدث راشد عبدالله النعيمي وزير خارجية الإمارات السابق، والدكتور زكي نسيبة المستشار في وزارة شؤون الرئاسة عن "البدايات وبناء الدولة"، ويقدم كل من محمد أحمد المحمود السفير في وزارة الخارجية، ود.حصة العتيبة سفيرة الدولة لدى إسبانيا ندوة عن "الشيخ زايد والعلاقات الدولية"، فيما خصصت ندوة لتتبع بدايات نشأة وسائل الإعلام في البلاد، يتحدث فيها كل من الإعلامي علي عبيد وحمدي تمام، الذين عاصرا بدايات وزارة الإعلام في السبعينات من القرن الماضي.

كما تقام سلسلة من الأمسيات الشعرية يحييها كل من الشعراء عبد الكريم معتوق من الإمارات، ورعد بندر من العراق وعلاء جانب من مصر. من جهة أخرى يقدم المعرض عرضًا شاملًا وتوثيقيًا لمنجزات الراحل الشيخ زايد طوال أكثر من أربعة عقود، عبر جناح متعدد الأقسام لمعارض بصرية متخصصة، تعرض قصاصات من الصحف ترصد المحطات التاريخية الأبرز في حياة الشيخ زايد وتاريخ البلاد، مع عروض لبعض الأفلام الوثائقية والصور التاريخية النادرة، مع عرض لبعض المعالم المهمة، مثل متحف الشيخ زايد الوطني تحت الإنشاء في المنطقة الثقافية من جزيرة السعديات.

كما تطرح هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة مجموعة من الإصدارات الحديثة التي تقدم لمحة عن تراث دولة الإمارات، وإصدار يستعرض تاريخ المعرض منذ تأسيسه، وتفاصيل العمل الثقافي وتاريخه في المجمع الثقافي، الذي ضم المعرض والأنشطة الثقافية في العاصمة أبوظبي.

البرنامج الأكاديمي
من جانب آخر يحفل المعرض بعدد من البرامج الثرية، التي تناقش قضايا النشر والكتاب، منها البرنامج الأكاديمي لدعم صناعة الكتاب والنشر، والذي يشتمل على أكثر من 100 جلسة، ويشارك فيها ما يزيد على 70 متحدثًا من المتخصصين في قطاع النشر وخبراء التعليم وتقنيات التعلم الحديثة ولفيف من خبراء التدريس المتمرسين في المنطقة والعالم، لتختتم سلسلة جلساته بتقديم شهادات أكاديمية ضمن 4 فئات هي: "المعلم الواعد لعام 2015"؛ و"جهة النشر الواعدة لعام 2015"؛ و"جهة النشر الرائدة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لعام 2015"؛ و"دليل القراء لعام 2015".

برنامج الركن الرقمي
ويشهد المعرض توسعة لبرنامج الركن الرقمي، ليشمل مساحات أكبر للعارضين، ومزيدًا من البرامج الحوارية المتنوعة، وتشارك فيه مجموعة جديدة من الشركات والمتحدثين لمناقشة موضوع النشر الرقمي، الذي يرسي مفاهيم جديدة على مستوى القطاع، ويوفر مجموعة من العروض التوضيحية حول موضوعات متنوعة في قطاع النشر الإلكتروني وتقدمها نخبة من المؤسسات المرموقة، مثل "مايكروسوفت" و"لينبوب"، إضافة إلى تسليط الضوء على التكنولوجيا التعليميّة من جانب مؤسسة "ماكجروهيل"، والألعاب التعليمية "ماينكرافت إديو" من "تيتشر جيمنغ"، فضلًا عن مشاركة مجموعة متميزة من الشركات الإقليمية الناشئة والمشاريع الجديدة، التي يمثلها أهم الناشرين العالميين من إيطاليا وأيسلندا ونيوزلندا".

كما يستضيف البرنامج جلسات تدريبية خاصة للفنانين والكتّاب باستخدام برمجيات جديدة منشركة "بابكودر" الإيطالية، فضلًا عن عقد جلسة نقاش رقمية تضم أبرز خبراء القطاع لمناقشة الموضوعات المتعلقة بالنشر، وسبل تحقيق النجاح في قطاع النشر الرقمي المتنامي. ويقع الركن الرقمي الجديد بالقرب من "نادي الأعمال" في المعرض، ويشمل برنامجًا يوميًا من الحوارات الصباحية والمسائية. وستكون هذه الجلسات متاحة مجانًا أمام الجمهور، وتليها جلسات خاصة للإجابة عن الأسئلة والاستفسارات.

ركن الإبداع
أما برنامج "ركن الابداع" المصمم للأطفال بين سن السادسة والثانية عشرة، ويغطي البرنامج اهتمامات متنوعة، تشمل التعليم الذكي والرسم والفنون اليدوية والقراءة والمعرفة، فسوف يقدم مجموعة من العروض المسرحية وورش عمل الدراما والورش التربوية، إلى جانب ورش اليوغا والمسابقات والأسئلة التفاعلية مع الأطفال.

وتتضمن العروض مسرحية ودرامية يقدمها كل من الفنانين ميكيلا ريتوشي وماغنوس لجنجرين باللغة الإنجليزية. وستقدم شخصيات برنامج "إفتح يا سمسم" عروض دمى تعليمية شيقة، إلى جانب عروض مسرحية تقدمها أسماء الشامسي عن ذوي الإحتياجات الخاصة. كما تقدم الفنانة والمؤلفة مي قوطرش وورش عمل درامية باللغة العربية.

تشرف على "ركن الإبداع" مجموعة من التربويين المتخصصين عبر سلسلة ورش عمل تربوية موجّهة إلى الأطفال وأولياء الأمور، فيدير كل من الدكتورة نجوى الحوسني والدكتور علي الكعبي والدكتور نجيب محفوظ من كلية التربية في جامعة الإمارات، والدكتور أحمد إمام من مركز التعليم المتميز لتنمية القدرات جلسات نقاشية ومحاضرات توعوية خلال أيام المعرض. أما الكاتبة رانيا زغير المتخصصة في أدب الطفل فتقدم محاضرة عن استنهاض المجتمع وفتح شهيته على المطالعة من خلال مشروع "القراءة مع النجوم". كما يقدم الإعلامي ماجد سكر مسابقات تثقيفية يومية للأطفال مع جوائز قيمة للفائزين.

البرنامج المهني
أيضًا هناك البرنامج المهني، الذي يتضمن سلسلة من جلسات النقاش المهمة، بمشاركة خبراء محليين وعالميين، ويشمل ذلك ما يزيد على 80 متحدثًا، يشاركون في أكثر من 100 جلسة. ويوفر البرنامج ورش تدريبية للناشرين، ومحاضرات يتحدث فيها خبراء عالميون، كما تتاح من خلاله فرصة التعرف عن كثب إلى العديد من المنتجات والبرامج التي تساند صناعة النشر.

وتتمحور المحاضرات والمناقشات حول مجموعة من الموضوعات التي تغطي 4 مجالات أساسيّة تتضمن: أفضل ممارسات قطاع النشر، ومستقبل النشر، وسوق النشر في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، والتعليم والترفيه. ويتولى مناقشة موضوع "مستقبل قطاع النشر" خبراء عالميون عدة، يتحدثون للمرة الأولى في منطقة الشرق الأوسط، ومنهم ريتشارد ناش، أحد المرشحين النهائيين لنيل جائزة "بوليتزر"، وواحد من أبرز خمس شخصيات ملهمة في مجال النشر الرقمي؛ وبيتر أرمسترونج، مؤلف وثيقة "استراتيجية نشر الكتب قيد الكتابة"؛ وكاري هولدين، الذي سيتطرق إلى الخدمات القائمة على الاشتراك، ونماذج الأعمال المبتكرة، ونشر الأعمال قيد الكتابة، ومجالي الأدب والثقافة.

برنامج "ركن الرسامين"
يتخصص برنامج "ركن الرسامين" بعرض الأعمال الأصلية لباقة من المبدعين على مستوى العالم، وهو يوفر منصة فريدة لستة فنانين مقيمين في دولة الإمارات، و19 فنانًا من أندونيسيا وألمانيا ولبنان وهولندا ومصر وغيرها، حيث تتيح لهم عرض وإطلاق أعمالهم. وينضم إليهم أعضاء "نادي الفنون" من "المعهد البترولي" في أبوظبي، والذين سيستعرضون مواهبهم في فنون الرسم والحرف اليدوية المتنوعة. يتضمن جدول الأعمال مجموعة من الجلسات الحوارية ولقاءات مع فنانين محليين وعالميين، وورش العمل التفاعلية التي تستعرض طيفًا واسعًا من القضايا والمدارس الفنية، والتي تم تصميمها لتعزز فرص الأطفال في التعبير عن إبداعاتهم وقدراتهم الفنية، وتدعوهم إلى المشاركة في أنشطة فنية عملية.

وينضم كل من روث بوروز وضياء علّام وأحمد التتان وليز راموس- بادرو، وهم مجموعة من الفنانين المقيمين في دولة الإمارات، إلى الفنانين الإماراتيين مريم الحمادي وأروى العمودي وسمية العمودي وأحلام الجابري وأسمى الرميثي لعرض مجموعة من رسومات الأطفال. كما يقوم أوليبيكا كانغاس، أحد الخبراء العالميين في مجالات الحاسوب والأجهزة اللوحية "آيباد" والوسائط المتعددة الحديثة، والذي يحمل شهادة الماجستير في الفنون والتربية من جامعة "توركو" الفنلندية، بشرح مفهوم تقنية تقطيع الحركة Stop Motion التي يتم استخدامها بشكل رئيس لجعل الرسومات والأشكال المعالجة فيزيائيًا تبدو وكأنها تتحرك من تلقاء نفسها. وتعتبر هذه التقنية إحدى الأساليب المبتكرة لتعلم وإخبار قصص وتجارب جديدة.

من جهته يوضح فاهيد جزايري، وهو خطّاط عريق وباحث ومصمم غرافيكي وخبير في الخط الكوفي العربي الكلاسيكي، سبل إحياء فن الخط العربي في الكتب وخطوط الحاسوب، وتعديل هذا الفن القديم ليتلاءم مع تصاميم المحارف. كما يقوم الفنان الأندونيسي تومي تومدين، رسام الكاريكاتير في طبعة يوم الأحد من صحيفة "ذا جاكرتا صن" والحائز العديد من الجوائز العالمية، بتوضيح مدى قدرة الرسومات عمومًا والكرتونية تحديدًا على تخطي حاجز اللغة ونشر الثقافة المحلية.

وبالتعاون مع "معهد جوته" في منطقة الخليج العربي و"المجلس الإماراتي لكتب اليافعين"، يقدم فنان الرسوم الهزلية الألماني المستقل ساشا هومر عرضًا توضيحيًا حول القصص الهزلية والروايات الرسومية في ألمانيا؛ حيث يوفر نظرة معمقة حول هذا القطاع المعاصر، الذي يضم العديد من الفنانين الشباب الواعدين. ويعقب ذلك عرض أمثلة عن أعمال بعض الفنانين الهزلين الشباب الإماراتيين، الذين أظهروا مستوى متميزًا من الإبداع تحت إشراف هومر ضمن واحدة من ورش العمل التي نظمها "معهد جوته".

برنامج آيسلندا كضيف شرق
وتقدم آيسلندا كضيف شرف برنامجًا ثريًا لمثقفيها وفنانيها، حيث يحظى جمهور المعرض بفرصة حضور سلسلة من المحاضرات والحوارات التي تتناول مجموعة متنوعة من الموضوعات، منها محاضرة بعنوان "العرب والفايكينج في العصور الوسطى"، يلقيها ثوري رهراوندال جونسون، الأستاذ المتخصص في دراسات القرون الوسطى، وجلسة نقاش مع كاتبة الروايات البوليسية الآيسلندية الشهيرة يرساسي جوردارد وتير، والتي ستنضم إلى جونسون في جلسة حوار مشتركة بعنوان "دماء على الجليد" لاستكشاف أساليب كتابة روايات الجريمة في بلد يخلو من الجرائم.

يتم أيضًا تسليط الضوء على الشعر الآيسلندي بمشاركة الشاعر أدلستين أسبرج سيغوردسون، الذي نشر 14 كتابًا حول الشعر وترجماته، إضافة إلى رواية واحدة، و13 كتابًا للأطفال؛ وأيضًا الشاعر والكاتب والمترجم الآيسلندي من أصل فلسطيني مازن معروف الشهير بلقب "نجم الأدب العالمي الصاعد".

كما تنعقد جلسة حوار خاصة بعنوان "التعرف إلى هالتور لاكسنس"، وهو أول أديب آيسلندي يفوز بجائزة نوبل في الأدب لسنة 1955، كما حاز جائزة أفضل كتاب عن روايته المتميزة "النساج العظيم من كشمير"، وكانت أعماله تتمحور بالدرجة الأولى حول بلده الأم آيسلندا.

يذكر أن "معرض أبوظبي الدولي للكتاب" يعدّ من أكثر معارض الكتب نموًا في المنطقة، فقد استقطب في العام الماضي أكثر من 1125 دار نشر، وشارك في الندوات والنقاشات الحوارية أكثر من 100 كاتب ومثقف من مختلف الجنسيات، فيما اجتذب المعرض أكثر من 248 ألف زائر، وارتفعت المبيعات إلى 35 مليون درهم إماراتي.

وكانت الدورة التأسيسة للمعرض قد أقيمت عام 1981 تحت اسم "معرض الكتاب الإسلامي"، ثم تحول إلى معرض أبوظبي الدولي للكتاب عام 1986، وأقيمت الدورة الأولى في المجمع الثقافي. أما الدورة الثانية فقد أقيمت عام 1988 بعد توقف ثلاث سنوات لظروف المنطقة، ومنذ الدورة الثالثة التي أقيمت عام 1993 انتظم المعرض سنويًا، وانتقل لاحقًا من المجمع الثقافي إلى مركز أبوظبي الوطني للمعارض.

&