بعنوان " من وحي شعوب العالم " بإشراف وتنظيم مؤسسة الإتحاد الدراسي لحركة العمال في محافظة يونشوبينغ السويدية لتشجيع وتطوير التثقيف الذاتي على متن مركب الدورات التعليمية والحلقات الدراسية تم إقامة مهرجان ثقافي شامل, إلتقت فيه& فُرق عشرات النوادي والجمعيات الثقافية والفنية والإجتماعية والخدمية بعرض ما لديها من نشاطات وإبداعات لخدمة ذوي الإهتمام من الحضور, وذلك في اليوم المصادف التاسع من أيار في قاعة وأروقة بناية أسواق سيسم الرحبة والمتناسقة في مركز مدينة يونشوبينبغ. ولهذه المناسبة الفريدة من نوعها سنوياً كان ضمن تلك الجمعيات الشرق أوسطية ومن أمريكا اللاتينية والسويدية, وبشكل خاص ومتميز المجموعات العراقية المتمثلة بنادي بابيلون وطورعابدبن الآشوريين والجمعية الثقافية العراقية والفرقة الموسيقية ليتريو بغداد وفرقة التمثيل المسرحي "مجموعة بيما" أي المسرح, حيث خصص لها جناحاً خاصاً لإداء وعرض فعالياتها المتنوعة التي شملت المحاضرات والقراءات الشعرية والتمثيل وعرض العديد من الكتب والمطبوعات والأشياء التراثية الملموسة بما فيها الرمزية التاريخية والمأكولات والحلويات العراقية الشهيرة.

في البدء تم تقديم محاضرة عن تاريخ الموسيقى العراقية من قبل السيدة سحر جورج عازفة البيانو لفرقة ليتريو البغدادية, مشيرة لجذور وعراقة النغم العراقي بآلاته الموسيقية على أيدي المبدعين من الملحنين والفنانين منذ العصر البابلي والآشوري في المعابد ولحد يومنا المعاصر. ولكي تؤكد ما ذهبت اليه العازفة سحر تراقصت أوتار الآلات الموسيقية وأنغامها بتعالي صداها في القسم الثاني من الفقرة حين انطلقت الفرقة الموسيقية بمشاركة أعضائها ريمون يوسف عازف الكمان ونينوس يوسف عازف العود وسحرعازفة البيانو وأندرياس عازف الإيقاعات بعزف مقطوعات من الألحان الموسيقية والأغاني العراقية التراثية والسورية أيضاً التي نالت إعجاب الحاضرين بتناغمهم وصداه.
تلى ذلك ـ كاتب السطور ـ ميخائيل ممو ممثلاً عن نادي بابيلون الآشوري بإعتلاء المسرح ليشنف الأسماع على أنغام عازف العود المرافق له السيد نينوس يوسف مزاوجاً هيبة الشعر مع جمالية الموسيقى بعقد قرانهما بنصوص مختلفة من القصائد باللغة السويدية والعربية والآشورية التي ألهبت مشاعر الحاضرين من جنسيات مختلفة وخاصة من العراقيين بالتصفيق الذي كان يتوالى بين قصيدة وأخرى, كون معاني مضمون النصوص لامست القلوب بمعالجتها لموضوعات الأوضاع المزرية والمتأزمة بمعاناة الشعب العراقي بكافة شرائحه من الظروف العسيرة والمؤلمة في بلاد ما بين النهرين عراق الحضارات من شماله لجنوبه.
احد مساهمات الجمعية الثقافية العراقية في يونشوبنك هو عرض فلم قصير عن التهجير الإجباري من قبل داعش الذي مورس بحق أطياف الشعب العراقي، وهو مساهمة بسيطة تجسد معاناة هذا الشعب. وبعد العرض تمت الإجابة على اسئلة الحاضرين.

وفي الوقت نفسه بإسم الجمعية الثقافية العراقية وبإهتمام السيد نظام أبو دنيا& رئيس الجمعية تم عرض فيلم وثائقي عن المآسي التي يعانيها المجتمع العراقي عن التهجير الإجباري& من جراء النزوح والتشريد والقتل والإرهاب لكافة أطياف الشعب العراقي من قبل الهجمات اللاإنسانية لأعوان داعش, بحضور مجموعة من السويديين والأجانب ليكونوا على معرفة ودراية من مواقف بلدان العالم السلبية مما يلتهم خيرات أغنى بلد في العالم بثرواته ومعالمه الحضارية ليعاني ابنائه الأمرين من تلك السياسات الخفية في جوهر مراميها دون أي إعتبار ملموس من لدنها. بعد العرض تمت الإجابة على أسئلة الحاضرين.
كما وأن الجمعية الآنفة الذكر بجهود أعضاء هيئتها الإدارية اتخذت لها مكاناً متصدراً لمدخل الجناح بعرض منسق لما يتواجد في البيت العراقي الأصيل من قطع السجاد المزركش, أدوات الزينة المعدنية التراثية المألوفة, الحلويات والمأكولات التي من بينها الدولمة الشهيرة والشهية برائحتها التي جلبت العديد من المستذوقين لها مع ارتشاف الشاي أبو الهيل على دفئ السماور.

أما فرقة " مجموعة بيما " أي المسرح الخاصة بالعروض المسرحية, فقد عرضت& مشهداً مسرحياً في غاية الأهمية بمعالجته ما يعانيه أبناء شعبنا في التاريخ المعاصر بمشاركة العديد من المسرحيين ومن الأطفال أيضاً بإشراف السيدة فبرونيا بابيل. بالرغم من أن المشهد المسرحي كان باللغة السويدية إلا أن مكونات التمثيل أوحت للحاضرين الواقع المأساوي للمهاجر الأجنبي الذي ينشد الخلاص في بلد السويد. ومما تجدر الإشارة إليه أن العنصر النسائي استوعب حجم المشهد في المشاركة للعرض المسرحي. وهذه دلالة على دور المرأة في نهضتها لنشر الوعي والتثقيف من خلال مشاركتها في حركة المسرح تيمناً بمقولة " المسرح مدرسة الشعب".
كما وكان لمكانة نادي طورعابدين الآشوري برعاية السيدة رجاء زيتوني رئيسة النادي والسيد سيمون بارمانو مسؤول اللجنة الثقافية دورهما البارز والمؤثر على مشاعر الزوار من خلال العرض الوثائقي لصور المذابح والإنتهاكات التي عاناها الشعب الآشوري إلى جانب الشعب الأرمني واليوناني على مرور مائة عام لمناسبة الذكرى المئوية التي صادفت هذا العام والمعروفة بإسم سيفو أي السيف, منذ العهد العثماني ولحد يومنا هذا, حيث يعيد التاريخ نفسه على أيدي إرهابيي العصر الحديث لأسباب دينية وأثنية في عصر الحرية والديمقراطية ومبادئ حقوق الإنسان. ولإثبات ما ذهبنا إليه عرضت العديد من الوثائق التاريخية الثبوتية والنشريات الدورية والمطبوعات التي عالجت تلك المآسي.
&
ومن المستوجب قوله إن لقاء تلك الجمعيات في جناح مشترك أكدت اللحمة العراقية بكافة طلائعه ومكوناته وشرائحه في بلاد الإغتراب ليثبت تآلفه وتقاربه وانسجامه رغم إختلاف مذاهبهم الدينية وانتماءاتهم القومية ومبادئهم السياسية والعقائدية كدليل على ثقافة ومرونة تلك المكونات.
&